قبل شهر رمضان الأبرك توالت حملات و دعوات إلى الإفطار العلني في رمضان رغم نصوص جنائية صريحة في الموضوع. و في نفس السياق فقد أوقفت النيابة العامة بتاريخ 14 يونيو 2016 شابين بتهمة الإفطار العلني دون مبرر شرعي و تتلخص وقائع هذه القضية أن الشابين داخل السوق بزاكورة فقاموا بشرب قنينة ماء. فتم متابعتها في حالة سراح و درج الملف في جلسة مقبلة و هذا ما جعلنا نكتب في الموضوع هو دراسة النص الجنائي المؤطر للجريمة. نص الفصل 222 من المدونة الجنائية المغربية لسنة 1962 على جريمة الإفطار العلني في رمضان و جاء فيه( كل من عرف باعتناق الدين الإسلامي، و يجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي ، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة اشهر و غرامة من اثني عشر إلى مائة و عشرين درهما. )؛ و بعد العمل بمقتضيات جاء مشروع القانون الجنائي 2016 الجديد فاحتفظ على تجريم فعل الإفطار العلني رغم معارضة الكثيرين إلا أنه اختلف مع النص السابق من حيث الجزاء الجنائي فقام المشرع الجنائي برفع قيمة الغرامة الجنحية و البقاء على نفس المدة الحبسية مع تخويل القاضي الزجري إمكانية الحكم بأحد العقوبات أو الجمع بينهما. تكتمل عناصر الفعل الإجرامي :اولا جريمة الإفطار العلني جريمة إيجابية مستمرة يتجدد ركنها المادي بإرادة الفاعل؛ تانيا اشترط المشرع أن يكون المجرم معتنقا للدين الإسلامي و معروف عليه في أفعاله و اقوله و تصرفاته و عليه فغير المسلم لا يعاقب إذا تبت ذلك؛ ثالثا ضرورة توفر العلنية و الاجهار وهو عنصر أساسي في هذه الجريمة ، و الإفطار الجهري في مكان عمومي جريمة أما الإفطار العمدي في مكان مستقل بعيد عن أعين الناس( منزل أو فندق… )فهو لا يعتبر جريمة ولا يتكيف مع النص ، و في الأخير فإن الإفطار العلني يجب أن يكون الدافع غير مشروع أما إذا كان عن عذر شرعي كالسفر أو المرض أو الحيض أو النفاس فجريمة لا وجود لها. جوبهت المادة 222 من القانون الجنائي بعدة انتقادات عنيفة كتعارضها مع الحرية الفردية و الحق في التعبير عن المعتقد و ضرب بحقوق الأقلية إلا أن هذه الانتقادات لا تجد أساسا من الصحة و هذا ما جعل المشرع يستبعدها و كجواب عنها رفع العقوبة. فالحرية الفردية تعني ممارسة الحقوق المخولة لشخص في النظام العام و الأخلاق العامة، فإذا كان السلوك تحت درجة النظام العام فهذا لا يعني حرية فردية بل هو اعتداء على حقوق الآخرين. أما القول أيضا بعدم احترام حقوق الأقليات و باقي الاعتقادات فلا يجد له أساس من الصحة فالنص و كما أشرنا سابقا يطبق على من عرف عليه الإسلام و يريد الإفطار العلني لزعزعة عقيدة المسلمين و خلق الفتنة لهذا كان من الضروري ضرب على أيدي المخالفين و معاقبتهم و إذا تصورنا غياب هذا النص الجنائي المردع فرد فعل المجتمع و قضاة الشارع سيكون عنيف و قوي و سيعود بنا إلى العصور الغابرة لهذا السبب وفق المشرع بين حماية الشعور العام و الحرية الفردية فجعل الإفطار في مكان عمومي جريمة دون غيره و موقفه محمود. و في الختام فإن علة التجريم هي حماية النظام العام و الشعور الجماعي و كل خروج عن هذا يعرض صاحبه للمتابعة القضائية كما لا يحق في المقابل لأي فرد معاقبة المفطر العلني بعقوبات من قبيل الضرب أو الجرح أو السب والشتم بل عليه التبليغ عنه أو نقله للمصالح المختصة حسب مقتضيات قانون المسطرة الجنائية ما دام المغرب دولة الحق و المؤسسات و كل خروج عن هذا يعرض صاحب الاعتداء للمطالبة القضائية.