قرّرت الأمانة العامة لجبهة البوليساريو الانفصالية، في اجتماع لها دفن جثمان زعيمها الراحل، محمد عبد العزيز،في منطقة بئر لحلو،الواقعة في المنطقة العازلة على التراب المغربي، والخاضعة لسيطرة جبهة "البوليساريو" في الآونة الأخيرة. وقد انتهى الاجتماع ،الذي حضره ضباط جزائريون ،إلى أن يتم دفن محمد عبد العزيز ببلدة بئر لحلو الواقعة في الصحراء المغربية. هذا القرار لاشك يعتبر استفزازاً جديداً للمغرب ،على اعتبار أن قبر "الزعيم" سيكون مزاراً للصحراويين، ومن جهة أخرى يُعتبر تحديًا للأمم المتحدة التي تشرف على رعاية وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو منذ سنة 1991، باعتبار المنطقة منزوعة السلاح ولا يقطنها بشر،وأن دفن "زعيم" الجبهة ببلدة بئر لحلو سيكون مسمارًا آخر تدقه "بوليساريو" ومن ورائها الجزائر في نعش دور الأممالمتحدة في القضية. إن دفن عبد العزيز في هذه المنطقة لاشك ستتلوه خروقات خطيرة ستُهدد مسار التسوية السلمية .فإذا كانت "بئر لحلو" تحمل صفة منطقة عازلة منذ 1991، فإن تجاوزات واستفزازات البوليساريو الأخيرة تقوض هذه الصفة. فقد حدث أن صعّدت ميلشيات الجبهة من خطواتها الاستفزازية تجاه المغرب وأجرت مناورات مسلحة بالذخيرة الحية في منطقة بئر لحلو خلال الأسابيع القليلة الماضية. المناورات العسكرية استمرت لساعات، وزعمت وسائل الإعلام الموالية لجبهة البوليساريو أنها عرفت مشاركة كل الوحدات القتالية؛ "من مشاة محمولة ومدفعية الميدان والإسناد ووحدات الدفاع الجوي والهندسة ووحدات الإمداد"، معتبرة أن هذه المناورات تحاكي هجوما مُباغتا في الساعات الأولى قبل شروق الشمس على وحدات عسكرية مغربية. ومما لاشك فيه ،أن تنظيم زيارات لقبر المراكشي ،الى جانب المناورات السالفة الذكر،ستنهي قصة المنطقة العازلة، وسيكون حتما على الأممالمتحدة أن تتخذ القرار الصائب وتتدخل لمنع هذا الدفن وإلا ستساهم في تعقيد الأمور أكثر فأكثر. والخطير في الأمر، أن جبهة البوليساريو تحاول أن تفرض وتروِّج لواقع جديد بالمنطقة ،لواقع لا يستقيم مع ما جاء في اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، فهي تسمي منطقة بئر لحلو وجميع المناطق الواقعة شرق الجدار الرملي بالمناطق "المحررة" ،فيما يصفها المغرب بالمناطق العازلة ويحمل الأممالمتحدة مسؤولية مُراقبتها. فهل ستتحمل الأخيرة مسؤوليتها وتحول دون تطور الأمور لما لا يُحمد عقباه ؟ .