افتتحت، اليوم الاثنين برحاب كلية العلوم والتقنيات ببني ملال، فعاليات الملتقى العلمي السابع، الذي ينظمه المجلس العلمي المحلي، بتنسيق مع ولاية ومجلس جهة بني ملال - خنيفرة والمجلس الإقليمي، على مدى يومين، في موضوع "الإنسان والبيئة .. منظورات دينية وعلمية واجتماعية". ويشكل هذا اللقاء، الذي حضر افتتاحه، على الخصوص، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى محمد يسف ووالي جهة بني ملال - خنيفرة عامل إقليمبني ملال محمد دردوري، ورؤساء المجالس العلمية المحلية لأقاليم الجهة، مناسبة لفتح النقاش حول علاقة الإنسان بالبيئة اعتبارا من كون الموضوع كان ولا يزال محط نقاش وتداول بين الأفكار والسياسات المختلفة باختلاف منظوراتها للحياة وللكون وللإنسان نفسه. وقال رئيس المجلس العلمي المحلي لبني ملال سعيد شبار، في كلمة بالمناسبة، إن هذا الملتقى، المنظم بتعاون مع جامعة مولاي سليمان والمندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية لجهة بني ملال - خنيفرة، يشكل فرصة للتداول في موضوع بالغ الأهمية انطلاقا من عناية التشريع بالأرض، التي هي مجال استخلاف الإنسان وجزء لا يتجزأ من فلسفة وجوده، والتي أحاطها الشرع الحكيم أيضا بعناية خاصة وجعلها صالحة في مائها وهوائها وترابها وثمارها. وأضاف أن العلوم الحديثة كشفت عن مخاطر التلوث البيئي بسبب النفايات والسموم المختلفة التي أضحت هواء يتنفسه الإنسان وماء يشربه وثمار يأكلها، مؤكدا أن مقاربة هذه الظواهر تقتضي تعدد مداخل العلاج ومنها المنظور الديني المزود والمسدد بالقيم الضرورية المعالجة للآفات والظواهر السلبية التي تسيئ إلى الطبيعة والبيئة. من جانبه، قال عميد كلية العلوم والتقنيات ببني ملال، أحمد الزغال، إن موضوع اللقاء أضحى من المواضيع التي استأثرت باهتمام العالم كله على اعتبار أن الواقع البيئي يتعرض لخطر شديد جراء تزايد اعتداءات الإنسان الموجهة نحو البيئة والمتمثلة في نقص الموارد واستحداث تكنولوجيا مضرة بالبيئة وما نتج عن ذلك من تحديات بيئية تهدد مستقبل الإنسان على الأرض، ومن ثمة تعالت صيحات المعنيين بالمجال البيئي من أجل بناء نسق للقيم البيئية ولما يرتبط بتلوث للماء والهواء والتربة وتدهور الغابات واستنزاف الطاقة وتهديد التنوع الحيواني والنباتي. وأضاف أن الفكر الإسلامي يتمتع برؤية واسعة وعميقة للبيئة من منطلق أنها ملكية عامة يجب المحافظة عليها لاستمرار الوجود، كما أن نظرة الإسلام للبيئة لم تقتصر على البعد المكاني فقط ولكنها شملت كذلك البعد الزماني، مشيرا إلى أن الكلية تهتم بالبحث في عدة مجالات مرتبطة بالبيئة ومنها مشاريع تقليص الاستهلاك الكهربائي عبر الطاقة الشمسية، وتدبير وتقييم الموارد المائية ومختلف الأبحاث في مجال البيئة التي ينكب عليها مختلف مختبرات البحث المرتبطة بالبيولوجيا والكيمياء وغيرها من المجالات. و يقارب هذا اللقاء العلمي موضوع الإنسان والبيئة من منظور ديني على اعتبار أن رسالات التوحيد حملت في تمامها وفي كمالها مع نزول القرآن الكريم منظورا جديدا للإنسان إلى الطبيعة يحرره من تقديس كثير من مظاهر عبادة أو تقربا بالقرابين، إلى فلسفة التسخير الكلي للكون والكائنات من أجل تحقق هذا الإنسان بالعبادة وتحقيق العمران والحضارة مع تزويده بالقيم الضرورية لهذا السعي في الحياة ليكون للبيئة صديقا لا خصما و بها مرتفقا لا عليها معتديا ولها منميا لا مدمرا. ويسعى الملتقى أيضا مقاربة الموضوع من منظور علمي ينطلق من الأضرار البليغة التي تلحق بالبيئة والطبيعة في هوائها ومائها وأشجارها وثمارها وأحيائها بحيث بات الإنسان معها مهددا بمخاطر التلوث والتعديل الجيني والتقلبات المناخية الخطرة مما يطرح السؤال مجددا حول العلاقة بين الإنسان والعلم والبيئة من خلال نموذج التقدم الذي تقوده الحضارة المادية اليوم وعلى إحياء مطالب الاعتدال وعدم الإسراف في السلوك الإنساني تجاه البيئة وعناصر الطبيعية. أما مقاربة الموضوع من المنظور الاجتماعي فتنطلق من ترسخ عادات وتقاليد معينة في استعمال الماء ورمي النفايات وتكديسها في أماكن معينة أو التعامل مع الثروة النباتية والحيوانية بشكل غير متوازن حيث تقفز إلى السطح هنا ضرورة العناية التربوية التوجيهية والإرشادية للسلوك الفردي والجماعي من خلال المؤسسات الوسيطة مدارسا وجامعات ومساجدا وجمعيات المجتمع ووسائل التواصل ومراكز التأطير المختلفة، من أجل وعي وإدراك فردي وجماعي بالظاهرة. وسيناقش المشاركون في الملتقى ثلاثة محاور يهم أولها "المنظور الديني لقضايا البيئة والطبيعة .. أو فلسفة الدين في تسخير الكون والكائنات" و"الإنسان المستخلف في الأرض وقيم السعي والإعمار" و"التدين بتحقيق التوازن في التمتع بجمال ومجال الطبيعة وعدم الإسراف والإفساد فيها". ويدور المحور الثاني حول "التقدم العلمي والتقني والعلاقة بالبيئة والطبيعة نفعا وضررا" و"مخاطر وآفات بيئية تتهدد البشرية .. أسبابها وسبل الوقاية والعلاج"، فيما يشمل المحور الثالث "عادات وتقاليد اجتماعية تجاه البيئة ودور الوسائط التعليمية التربوية والإرشادية في توجيهها وتقويمها".