أعاد بلاغ المجلس الأعلى للتربية والتعليم حول نتائج دورته التاسعة المنعقدة يوم الأربعاء 23 مارس 2016, أعاد وطرح قضية مجانية التعليم إلى مسرح النقاشات والتدخلات من مختلف الفاعلين التربويين وغير التربويين, وقد كان المجلس أجل دراسة النتائج الأولية لدراسة حول تمويل المنظومة, وتمويل إصلاحها يتم إعدادها من طرف لجنة الحكامة والتي تضمنت توصيات بإنهاء مجانية التعليم خاصة في التعليم العالي والتأهيلي , مع التأكيد على ضرورة "ضمان استمرارية مجانية التعليم الإلزامي" الذي يشمل التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي, أما في المستويات الأخرى, فقد تم اقتراح مساهمة المستفيدين من المرفق العمومي, على أساس مبدأي الاستحقاق والقدرة على الأداء, وبالنسبة لأمد تفعيل التوصية فقد تم ربط ذلك على المدى القريب بالنسبة للتعليم العالي وفق نمط متباين بمعنى الرسوم تختلف حسب المسالك, أما التأهيلي فسيكون على المدى المتوسط. وبالموازاة مع ذلك, دعت التوصيات إلى "منح تحفيزات جبائية لفائدة التعليم الخاص, ولاسيما المسهم في مجهود تعميم التعليم الإلزامي"... إلى ذلك خرج يتيم القيادي في العدالة والتنمية والعضو في المجلس عبر تدوينة له على الفايسبوك يؤِكد أن الدولة لن تتخلى عن دورها في توفير خدمة عمومية أساسية, وهي التعليم, بالمجان لكافة أبناء الشعب المغربي, وهو نفس ما عبرت عنه القيادية في حزب بنكيران أيضا, ماء العينين أمينة العضو كذلك في نفس المجلس وهنا يطرح السؤال : من أوصى أولا بضرورة إنهاء مجانية التعليم ؟ هل توصيات المجلس الأعلى جديدة ومفاجئة ؟ أم أنها قديمة ومتوقعة؟ . بالعودة إلى الميثاق المرجع الأبرز لأي إصلاح منذ بداية الألفية الجديدة, نجد أن دستور التربية والتكوين جعل من قطاع التعليم الخصوصي شريكا رئيسيا، إلى جانب الدولة، في النهوض بنظام التربية والتكوين وتوسيع انتشاره والرفع من جودته, وسعى من خلال عدة تدابير إلى تنظيم القطاع وضبطه والرفع من جودته وتشجيع الاستثمار فيه, كما أن البرنامج الاستعجالي الذي جاء من أجل نفس جديد لتفعيل الميثاق, خصص مشروعا ضمن مشروعاته لتطوير التعليم الخصوصي ضمن إجراءات تسريع الإصلاح,كما أن الرؤية الاسترتيجية 2015-2030 وضعت من أهدافها بلوغ مساهمة القطاع الخاص ب 20% من العرض التربوي في أفق 2020 على أن تزداد تلك النسبة عند متم 2030, وإن كنا نفرق بين مجانية التعليم وتشجيع القطاع الخاص ودوره المهم في توسيع العرض التربوي وتنويعه, إلا أن الحديث عن أحدهما يضطرنا للإشارة للآخر على اعتبار أن تراجع خدمات المدرسة العمومية, باعتراف أعلى هرم السلطة في البلاد, في مقابل تجويد خدمات العرض التربوي الخاص يثير التساؤلات ويولد شكوكا معقولة حول السياسات التربوية للدولة وتوجهاتها في هذا الصدد... بالعودة لموضوع المجانية, لا يمكننا إغفال الخرجات الإعلامية لبعض الفاعلين السياسيين عن ضرورة تخلي الدولة عن دورها في تحمل تكاليف كل القطاعات الإجتماعية خاصة الصحة والتعليم, ومن منا لا يتذكر كلمة رئيس الحكومة الذي صرح بأنه " حان الوقت لكي ترفع الدولة يدها عن مجموعة من القطاعات الخدماتية، مثل الصحة والتعليم، فلا يجب أن تشرف على كل شيء، بل ينبغي أن يقتصر دورها على منح يد العون للقطاع الخاص الراغب في الإشراف على هذه الخدمات". وهل من الصدفة أن وزير الحكامة في حكومة القضاء على الفساد والاستبداد له نفس توجه لجنة الحكامة في مجلس عزيمان, فقد كشف محمد الوفا الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالشؤون العامة والحكامة أنه لم يعد بمقدور الحكومة توفير حاجيات قطاعي التعليم والصحة، وتحمل نفقاتهما. خلاصة القول أن مجانية التعليم بدأت تطرق باب التوجهات الاستراتيجية للقائمين على هندسة سياسة التربية والتكوين في بلادنا, والإعلان عنها بشكل صريح مسألة وقت فقط...