ملعب بن جلون ،أحداث ملعب القنيطرة ،الخميس الأسود .ضف إلى ذلك السبت بلون السّواد في سجل الأحداث المأسوية في ملعب "محمد الخامس" و كما يحلو للبعض مناداته ب"ستاد دونور" التي راح ضحيتها شخصان في عمر الزهور ،لم يذهبا إلى ساحة حرب أو سقطت على رأسهما قذيفة طائشة بإحدى بؤر التوتر في العالم ،وإنما حضرا لمشاهدة فريقهم المفضل واقتسام لحظات الفرح مع الرفقة الذين جمعهم حب الفريق و المستديرة دون الموت من أجلهما ،لم يفكرا أنهم سيموتان بتلك الطريقة المُشينة و المهينة ،والسبب كان تافها لا يستحق أن تزهق من أجله روح بريئة ،تركت أما ثكلى رزأت في فلذة كبدها. موقعة السبت لم تكن الوحيدة و الفريدة في بطولة قيل عنها أنها احترافية و لكن على ما يبدو محترفة جماهيرها في القتل و التطاحن الذي أوْدى بحياة شباب في مقتبل العمر كان الوطن في حاجة إليهم ؛ما حدث و ما سيحدث نستقبله بنفس الطريقة شجب و استنكار ،ننتظر بعدها قرارات شجاعة تقينا شر مناظر و لقطات لم نعهد رؤيتها في وطن آمن ،لكن العقوبات تأتي أخف و أسخف مما يقع ،كل هذا الموت و الأرواح التي سقطت و الاعتداءات التي تمت تكون عاقبتها حرمان الفريق من الجمهورأو بالأحرى منع ثلة من الطائشين من الولوج للمدرجات و ليضيفوا لها توابل الصرامة و الجدية في التعامل مع الحدث يفرضون الغرامة التي يقولون عنها قاسيّة ،وهكذا عقوبات تشجع على المزيد من العنف في ملاعبنا. شغب الملاعب في بلاد المغرب وباقي البقاع المهمشة في أسفل البحر المتوسط ،في مصر و السنوات التي مرت على مذبحة بور سعيد ليست بالعديدة ،فقد الوطن شبابا لم يموتوا في حرب أو دفاعا عن الوطن ،ماتوا في الملعب الذي كان الملاذ للفرجة أولا و أخيرا ،أما المغرب فالحوادث بها الشكل تتشابه لكن نتناسى بمجرد مرور الأسابيع ،زهقت أرواح و إن لم تكن فقد عطب البعض طول حياته . ما عاد الوطن في حاجة إلى كرة قدم ليست لها مؤسسات ناجحة و منتخب ناجح و مدرب ناجح و جمهور ممتع و حكم نزيه و إعلام رياضي ناجح ،النجاح الذي يحق لهم الفخر به هو 85 مليار التي هدرت دون انجاز سيكتب في مسارنا الكروي سوى تغيير المتدربين حسب الجنسيات ،كل الشروط المتوفرة لوقف هذه المهزلة المسماة تجاوزا بطولة " ما احترافية ولايحزنون ". الشغب عصارة واقع كروي هزيل ،لاعبين و حكام و منتخب و مسؤولين ،و نتاج هشاشة اقتصادية و ثقافية و فالغالبية تنتظر الفرصة المناسبة لتفريغ المكبوتات و التعبير عن القهر الممارس من مختلف النواحي ،ليست هذه مبررات تقدم لشرعنة القتل على المدرجات التي بنيت للفرجة لا أكثر ،ملاعب المملكة غذت ملاذا للمدمنين و المعربدين و السكارى في ظل الانحدار الأخلاقي و القيمي نحو المجهول ،وفي خضم التساهل المفرط مع العصابات المدججة بكل الأسلحة سيوفا و متفجرات.