تعتزم الحكومة المغربية الشروع في تنفيذ "خريطة طريق" لإنقاذ السياحة من الأزمة التي تعاني منها خلال الفترة الأخيرة، من خلال تطوير استراتيجية تسويق صورة المغرب السياحية عبر الإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة، والبحث عن أسواق جديدة في بلدان عالمية أخرى غير الوجهات التقليدية. وتعيش السياحة بالمغرب حالياً ومنذ العام الماضي، ملامح أزمة تعوق تطور هذا القطاع الحيوي في البلاد، وذلك نتيجة تداعيات الربيع العربي، الذي شملت أحداثه السياسية والاجتماعية منطقة شمال إفريقيا خاصة، بالإضافة إلى الأزمة المالية التي ألمت بمعظم بلدان أوروبا، وكذلك التأثيرات المحتملة للانتخابات الفرنسية المقبلة. 4 توجهات رئيسية ووضع الدكتور لحسن حداد، وزير السياحة في الحكومة، التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" ذو التوجه الإسلامي، برنامجاً إصلاحياً لوضع السياحة في البلاد، سماه "خطة طريق" شاملة ترمي إلى انتشال هذا القطاع من أزمته الراهنة، وذلك بهدف تحضير المغرب لسنة 2020، حيث ستشهد السياحة العالمية بلوغ مليار و600 مليون سائح. وتتأسس الخطة الجديدة لوزير السياحة على الاشتغال وفق 4 توجهات رئيسية، تحيط بأبرز مفاصل هذا القطاع الاقتصادي الهام، الذي يساهم بنسبة تناهز 10% في اقتصاد البلاد، ويوفر حوالي 500 ألف فرصة شغل للمغاربة، وذلك من أجل الحد من النزيف الحاصل في السياحة، مع تجنب تداعيات الأحداث السياسية التي تؤثر سلباً في هذا المجال. التسويق والترويج ويتمثل المحور الأول في خطة إنقاذ السياحة بالمغرب في عملية التسويق والترويج للبضاعة السياحية للبلاد، من خلال البحث عن أسواق جديدة تتسم بالقدرة على التجاوب مع العروض السياحية المغربية، وخاصة في بلدان يظل التعاطي معها ضعيفاً في هذا الجانب، ومنها الصين والسويد والدنمارك والنرويج وبلغاريا ورومانيا وغيرها. وتسعى خطة الطريق الجديدة للسياحة المغربية أيضا إلى اعتماد طرق مُبتكرة يقوم بها منظمو الرحلات عبر مواقع الإنترنت والتكنولوجيات الحديثة، تتيح استقطاب ملايين السياح من خلال تقديم صورة جميلة وجذابة للبلاد، وما تزخر بها قدرات طبيعية وفضاءات سياحية مغرية للزوار. ويعتمد المرتكز الثاني من "خطة الطريق" على العناية بشكل أكبر بالفنادق والمطاعم وفضاءات الاستراحة وأماكن الإيواء التي تستقبل السياح، وتعد المرآة الرئيسة الأولى التي تشكل الانطباع الحاسم لدى السائح إما بالقبول أو بالنفور، وبالعودة أو بالانقطاع عن الرجوع إلى المغرب. وتوصي "خريطة الطريق" بدعم قطاع النقل الجوي والطيران في البلاد، مع العمل على الحد من آثار منافسة القطاع السياحي غير الخاضع للهيكلة الرسمية. مخلفات الأزمة الاقتصادية وعزا المحلل الاقتصادي عبدالسلام أديب الأزمة التي تعاني منها السياحة بالمغرب خلال السنوات القليلة الأخيرة إلى مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية، وإلى السياق الجيوسياسي للمنطقة، متمثلا في ما يسمى بالربيع العربي، الشيء الذي أفضى إلى تراجع ملموس في كثافة النشاط السياحي بالبلاد. ويرى أديب، الحلول المتاحة لإنعاش السياحة في المغرب في اتجاهين اثنين، الأول يتجلى في الاهتمام بشكل أكبر بالسياحة الداخلية، ومنحها الأولوية التي تستحقها في الفترة الراهنة، والاتجاه الثاني يتمحور حول البحث عن أسواق جديدة في البلدان المختلفة، بغض النظر عن الأسواق التقليدية المعروفة، مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وغيرها. ويتوقع مراقبون أن الانتخابات الفرنسية سيكون لها بدورها أكبر الأثر في تراجع السياحة بالمغرب خلال السنة الجارية، باعتبار أن المواطنين الفرنسيين سيمتنعون تلقائيا من زيارة المغرب، نتيجة الاستحقاقات السياسية التي ستشهدها بلدهم، مما يؤثر بشكل سلبي على عائدات السياحة المغربية، نظرا لأن الفرنسيين يأتون في مقدمة سياح العالم الذين يفدون إلى المغرب. وبالرغم من ملامح أزمة السياحة بالمغرب، فإن بعض المتفائلين يرون أن المؤشرات السياحية التي تم تحقيقها خلال سنة 2011 تظل في المستوى، حيث زار المغرب أكثر من 9.35 مليون سائح، أي بنسبة نمو تقدر ب1%، تركوا في الخزينة المالية حوالي 59 مليار درهم، بنسبة نمو تقدر ب 4%.