لن تمر الذكرى الخامس لحركة 20 فبراير ، دون ان تثير ذكرها مشاعر من كان تحت لوائها ، مع العلم ان الاوضاع التي كانت من نتاجها لم تتغير ان التنازلات الممنوحة في ظل الازمة تم الزحف عليها ، في ظل ارتفاع منسوب الحكرة المشكل لابرز شعارتها ، فإكتوت كل الفئات الشعبية المقهورة بنران الاسعار المرتفعة. مازالت حركة 20 فبراير محط نقاش دائم بين كل الفرقاء السياسين ،فهي تجربة غنية استطاعت بفضل تركبتها الديمغرافية المتنوعة و الاختلاف السائد بين اطرفها وتعدد الهوية السياسية بين مناضليها ان تأسر قلوب من كانوا مقتنعين بمطالبها . فهي حركة سياسية ديمقراطية حداثية ، إستطاعت بفضل جرئة شبابها ان تصنع لنفسها تاريخا مجيدا ،و ان تضع يوم تاسيسها في مرتبة الاعياد الوطنية، يحتفل فيه الشباب بقدرتهم على الاقناع و مسح تلك الصورة النمطية بكونهم غير مبالين، و يقصون من خلاله على الجيل القادم حقبة زمنية كانوا بالأمس عنونا لها ، ليضعوا الأمل على سكته من جديد و يصنعونا لانفسهم هامشا للحرية و ابداء الراي و الموقف، الدي لم يكن نتاج هدية من سلطان او حاكم، بل نتيجة ضغط جماهيري واسع، دعا فيه المواطن في كل ربوع الوطن باسقاط البطون المنتفخة و محاربة الفسدين و محاكمة الضالعين في إستنزاف خيراتنا و التقليص من موائدنا . ربما لم تحقق حركة 20 فبراير المطلوب منها ،او ربما لم تتحق احلام شبابها او ربما لم تسطيع الحركة ايصال صوت المقهور، او ربما فشلت في ايجاد المخرج او ربما لم تستطع بلورة مطالبها فسقطت رسالتها في المجهول ، لكن الى ان الشيء الذي لا يمكن ان يجول في ناحيته شك او ريب ، كون 20 فبراير هي من اسقطت قناع الخوف و تجاوزت الخطوط الحمراء و فتحت النقاش و ادلت بدلوها في حقل السياسة ،و فضحت المستور و تجاوزت الطبوهات المفروضة . لم تعد حركة 20 فراير تزعج الفاسدين، بل منهم من تجرء على نعتها بالماضي البعيد، بعد عودة االفاسدين الى دائرة القرار و النفود ، وفئة اخرى اعلنت من منصات احزابها انها اصنام لا تنكسر و ان جباروت سلطتها لا يصدأ ، و انهم الباقون هنا و نحن الفانون، بل فيهم من وصف حناجر شبابها بالمبحوحة، و منهم من صرح انا قضائنا و قدرنا و مصيرنا بقبضتهم، هم الحاكمون و نحن المحكومون، فنالوا لقب قابض الارواح و اصحاب سجن الحرية و تهشيم الرؤوس و سلخ الجلود . لم تعد خطاباتهم ترطب الاجواء او تبعت الروح في النفس ،بل صارت ضجيجا سنويا لا ترغب الاذن بإلتقاطه فكترت طلباتهم ،واضحى مطلبهم الاكتر إلحاحا ،الاستكانة و ضبط النفس و الايمان بقضاء الله و قدره. ان كان مغاربة الامس قد اتخدوا لبعض الاعوام اسماء من قبيل عام (خيزوا و عام الصندوق و عام البون ) نسبة الى ندرتها ، ها نحن اليوم نعد الايام السوداء ليس لندرة السواد فيها بل لكون الحلم بالفرج جريمة قد تزهق الروح او تسجن الحريتة او تكمم الافواه ، هذا ما هم قائلون في مدكرة نصائحهم ، فالعقل في نظرهم نقمة والرقص نعمة والحلم كابوس . مرت عاصفة 20 فبراير فوق رؤوس الفاسدين، فعاشوا شهر فبراير على ايقاع الخوف و الرهبة ،و حين ارهق المقهورنفسه بالصراخ و ضعف انين المظلوم في الشوارع ،عادوا لينتقموا من الشهر البياض فاعدوا السواد و سجنوا الحلم و كمموا افواه و اعتقلوا الحرية ،وجمدوا الاجور و رفعوا من اثمان السلع ، وباعوا كل شيء ، فباعوا الرقاب للمؤسسات المالية العالمية، و راهنوا مصير بقائهم بعدد الاموات الدين لن يحصلوا على معاشاتهم، و اعلنوا على مسابقة النعوش المجانية . فعل أصحاب القرار كل هذا، مع دلك ما زالوا يلوحون في مهرجانتهم بمغرب الإستثناء، لا اعرف صرحة من اي قاموس و معجم سياسي حصلوا على هذا النعت، مغرب الاستثناء الذي بات فيه الفقير لم يعد يجد فيه وجود بعدم ارتفعت اسعار العقار و الاسعار و كل شيء ،ام مغرب اصحاب الشهادات العليا الملتحقين بطابور الانتظار، إستثناء لا يعترف بالوجود ولا يعترف بتعدد و لا بالاختلاف، إستثناء يعالج الملفات الشائكة بالعصي و المقاربة الامنية ، استثناء يؤكد استمرار الحكم المطلق و توضيف المعجم البدائي في تسيير الدولة و غياب الرقابة و الحاكمة الجيدة ،استثناء يزكي تهريب الاموال و العقول . استثناء يدخل في دوامة انا و بعدي الطوفان ،تورثون فيه لشعب المغربي خيابات طموحكم الفاسد، وفشلكم في تدبير الملفات و فبركة التقرير و الأرقام، حتى أمسى السواد الاعظم غير مبالي بما يقع، بل منهم من ينتظر فقط متى تعلنون افلاس هذه البلاد لتذقوا مرارة ما انتجه تعنتكم .