لا يخفى على احد أن مشاهد العنف أصبح جزء من طقوس حكومة بنكيران، إذ لا يمكننا إن نجد بيتا لم يجلد بعصا مخزني في زمن ادعت فيه كل الاقلام بكونه زمنا لتغيير و الإصلاح والحداثة و الديمقراطية وحقوق الإنسان، هاته الشعارات تبدد بشكل كلي في اعتقاد من جلدوا بالامس او تهشمت جماجمتهم اليوم، في ظل وضع لا يمكننا إلا أن نصفه بالغير المستقر والدعي إلى القلق و الذي يكرس عودة مفاهيم القمع و التسلط و الاستبداد. حكومة الزروطة: قد يعتقد من يقرأ فصول دستور 2011 ان المغرب دخل صالون الدولة الحاملة لمشعل الديمقراطية و القيم العظمى ،الى ان واقع الامر لا يعكس ما يروج له إعلامنا وأساتذة تدريس القانون،فقسم كبير من شعبنا ما زال يرزح تحث أيادي التسلط و تكميم الأفواه و بطش الحاكمين، فاعداد المعتقلين في الحراك الشعبي في تزايد مستمر وواقع التضييق على الأنشطة النقابية و الحقوقية في تنامي. العدالة و التنمية الورقة مفلسة: استطاع المخزن إبان الحراك الشعبي الأخير الذي عرفته المنطقة المغاربية ،ان يعزف لنفسه سيمفونية الاستثناء ، فاستطع و بالفعل ان يتجاوز أزمته و أن يستمل قسما كبير من مناظلي الحركة حينما دفع بحزب العدالة و التنمية للمشهد السياسي و أضفى على نفسه طابع الحكمة و التعقل تمكن و بموجبها من مرور سحابة 20 فبراير،عادية دون أعطاب تقنية في دواليب الحكم التقليدية فأوصل سفينة المحزن لبر الأمان . باتت أوراق المخزن مكشوف و أصبحت حكومة بنكيران مفلسة و غير قادرة بالمرة على تدبير المشهد السياسي، لعدم قدرتها على صياغة برامج للإنقاذ، فسقط في مستنقع التعنيف، معتقدا في كل مرة ان زروطة قوى الأمن ستدفع من هم مطالبين بحقوقهم للعودة لجحورالرضى بقضاء بنكيران وحكومته، فتدحرجت كرة الثلج من أعلى هرم البرلمان فازدادت حجما كلما طلها تعنيف قوى الامن، و تعظم شأنها بإعلان التضامن الشعبي الذي لقيته . انقاد ماء الوجه: لقد أصبحنا بالفعل أمام إجماع وطني يقر لنا بكون حكومة بنكيران هي الاسوء على الإطلاق، بعدما أغلقت نوافذ الحوار مع النقابات و الفئات المناضلة في الشارع، و فرض نوع من الحظر على أنشطتها ،إما بعدم الترخيص لها للقيام بأنشطتها الثقافية و الحقوقية، أو عن طريق فض إحتجاجاتها بالقوة و العنف فازدادت رقعة القطاعات التي نالها عنف الدولة، فنال المعطلون و الطلبة و الأساتذة المتدربون و الأطباء قسطا كبيرا منه . إلى أن حكومة بنكيران مازالت تقر بكونها ليست المسئولة ،فاتخذت لنفسها أعدارا من قبيل أنها ستفتح تحقيقا حول الأحداث و تعاقب الجناة، فأصبحنا أمام حاكمين الأول يعنف و الثاني يلطف. لقد رسم حزب العدالة و التمنية لنفسه عدة مخارج ،فأعلنت قيادتها في بعض مناسبات بكونها ليس الحاكم الفعلي، بل هناك أيادي خفية هي من يدفع بالأوضاع للأسوء، ليلطخ جلبابها بدماء من هم قدموا أصواتهم لها ،نهجت قيادتها في شخص بنكيران أسلوب البهرجة و الضحك، ليبين عن مدى كون حزب بنكيران من الفئة الشعبية المضطهدة، و انه لم ينزع بعد جلباب الشعب عنه فاستوحى من الخرافة و الأساطير ما قد يمكنه من نيل التعاطف الشعبي . بداية ونهاية : مند البداية سلك حزب العدالة و التنمية طريق انتهاز الفرص، فاقتنص مناسبة خروج 20فبراير لشارع و قدرتها على التأثير، فنسخ منها شعاراتها الفضفاضة كبرنامج له ،مكنته من رئاسة الحكومة، لم يقف عند هدا الحد بل لوح بورقتها في وجه أعداءه تكريسا لمبدأ الوصاية و الممثل و الناطق باسمها، ولم يقتصر على هدا الحد بل تغزل بمناضلي 20 فبراير حين اقر بان الفضل يرجع لهم و أن الكرسي الذي يمتلكه هو صوتهم .يا لا للعجب لقد تحول الصوت الممثل لهم إلى صراخ ووصاية وضرب و سحل و مطاردات . إن كان في اعتقاد العدالة و التنمية بالأمس أن 20 فبراير هي من كانت وراء سطوع نجمهم ،ها هو اليوم الحراك الشعبي يعلن عن نهايتها و إفلاس مشروعها.