قال شاوي بلعسال، رئيس الفريق الدستوري بمجلس النواب، إن مشروع قانون المالية لسنة 2016 "يكاد يكون انتهازيا لكونه يقتنص كل الفرص المتاحة ضريبيا، مضيفا أن مشروع "بدون نفس تنموي حقيقي وبدون جرأة، لأنه ترك على الجانب كل القرارات الصعبة التي ترتبط بإصلاح صناديق التقاعد، وبالإصلاح الضريبي، وبمحاربة اقتصاد الريع، واستيعاب الاقتصاد غير المهيكل، كما أنه مشروع قانون فاقد للجرأة وبدون هوية سياسية". وأضاف بلعسال الذي كان يتحدث أمس الخميس خلال مناقشة مشروع قانون المالية بالجلسة العمومية في مجلس النواب "أن مشروع قانون المالية لسنة 2016 جاء عاديا، وربما أقل من ذلك، رغم أنه يأتي في أعقاب سنة جيدة، تآلفت فيها كل العناصر الإيجابية من منتوج زراعي جيد، بل غير مسبوق، وبلوغ نمو قد يصل 4,6 في المائة وفي أحسن الأحوال قد يصل 5 في المائة".
وأكد أنه رغم كل ذلك "جاء مشروعا فاقدا للرؤية، وغير قادر على إنارة الطريق أمام الفاعلين الاقتصاديين، وفي ذات الوقت لا يطمئن المواطنين الذين طال بهم انتظار ما يأتي وما لا يأتي وكل أيديهم على جيوبهم خوفا من أن يعمق هذا المشروع من جراحاتهم".
وأشار بلعسال إلى أن هذا المشروع يتوخى تحقيق نسبة نمو 3 في المائة "وهذه الفرضية إنما تبرهن بالملموس على عدم وفاء الحكومة بوعودها في تحقيق معدل نمو في حدود 5,5 في المائة خلال مرحلة 2012 -2016 وكل ما استطاعت تحقيقه هو نمو بمعدل 3 في المائة طيلة هذه السنوات، وهكذا ظلت بعيدة عما حققته الحكومة السابقة عليها، التي لامست معدل نمو في 5 في المائة"، يقول رئيس الفريق الدستوري بالغرفة الأولى، والذي أضاف "أن هذا يدل على أن المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني يظل لصيقا بهبات السماء، وبالتحولات المناخية، فالمرور من نسبة 2,7 في المائة إلى قرابة 5 في المائة يكرس الطابع الهش للاقتصاد الوطني، الذي لا يقف أمام قاعدة إنتاجية صلبة وإلا كيف سيتحقق النمو بنسبة3 في المائة في الوقت الذي نقر فيه أن العجز الحالي هو 4,3 في المائة؟"
وأكد بلعسال أن مشروع قانون المالية تحدث عن "نسبة النمو بالكاد تصل إلى 3 في المائة أو دونما ذلك، مثلا بنك المغرب يحددها في2,6 في المائة، وهو ما يعني الانتقال بسرعة من سنة نسبيا جيدة إلى أخرى دون المتوسط وأن هذا التحول ليس في نسب النمو فقط، بل وحتى في ميزانية الاستثمار، فقد لاحظنا أن المشروع الحالي ينخرط إلى حد ما في العودة إلى الاستثمار العمومي ب 61 مليار درهم بدل 54 مليار السنة الجارية، إذ بعد سنوات من التخلي عن هاجس الاستثمار العمومي، تتم اليوم العودة إلى هذا الخيار".
وأضاف أن "هذا التحول في الخطاب السياسي يؤكد بوضوح أننا لسنا أمام استراتيجية وطنية حقيقية، في المجال الاقتصادي، بل إننا لا نتوفر على بوصلة تنير الطريق، بقدر ما يتأثر الموقف لدينا بالمعطيات السياسية، وهكذا، وتماشيا مع معطيات الظرفية الانتخابية، فلا بأس من تلميع صورة الحكومة، عبر تضخيم ميزانية الاستثمار، وفي نفس الوقت، لا بد من تفادي كل تدبير قد يخدش صورتها لدى الرأي العام، والنتيجة نجد أنفسنا أمام مشروع مالي عادي جدا."
واعتبر بلعسال أن كلا من الشيخوخة التي تزحف، والنزوح القروي، "سيعمق من الاختلالات المجالية والإنتاجية، مما يحتم التسريع بإنماء الاقتصاد الوطني بشكل واقعي يعتمد جذب الاستثمارات، وخلق فرص الشغل، والرفع من الناتج الوطني الخام، عبر بدائل ناجعة تتعدى الاعتماد على الاستهلاك الداخلي بواسطة القروض إلى تحسين وتيرة الصادرات، وتشجيع الاستثمارات الداخلية، والإنتاجية للعديد من القطاعات مع إصلاحات جذرية لكل من الصحة والتعليم، والقضاء" .
هذا، وثمن بلعسال عاليا المبادرة الملكية الرامية إلى الارتقاء بأوضاع أكثر من 24 ألف دوار، وبميزانية ضخمة تفوق 55 مليار درهم على مدى سبع سنوات لتحسين مؤشرات العيش بالمغرب العميق، وفي إطار منظور مندمج، مثمنا أيضا ما ورد في مشروع القانون المالي بهذا الخصوص، إذ اعتبر "الجدل الذي رافق بعض مقتضياته ليس بذي بال نظرا لأهمية التدابير والغايات التي تحكمها."