عرفت انتخابات يوم 04 من شتنبر 2015 نسبة المشاركة فاقت 53 في المائة، وشكل ذلك ارتياحا للسياسيين ولصناع القرار؛ ذلك أن الدولة قد نجحت في تجاوز ظاهرة العزوف الانتخابي التي عرفها اقتراع 2007 حيث لم تتجاوز نسبة المشارك حينها 37 في المائة. وهناك عدة عوامل جعلت نسبة مشاركة الناخبين يوم 04 من شتنبر 2015 مرتفعة، نذكر منها ما يلي: 1- أول انتخابات جماعية بعد دستور 2011. 2- انتخابات بتقطيع ترابي جهوي جديد. 3- انغماس الشباب في متابعة إدارة الشأن العام عبر الحزب "الفايسبوكي". 4- أول انتخابات جماعية وجهوية في ظل حكومة يقودها "الإسلام السياسي" بالمغرب. لقد أصبح أغلب المغاربة متأكدين من حالة "الاستثناء" التي يوصف بها "النموذج المغربي في تدبير الشأن العام" سياسيا وإعلاميا، وهذا الاستثناء زكاه نجاح "الإسلاميين" في قيادة حكومة ما بعد دستور 2011 بالمغرب؛ في حين فشل "الإسلام السياسي" في أماكن أخرى، أو ضيق عليه الخناق. وحالة الاستثناء هذه، جعلت المغاربة المنتخبين يوم 04 من شتنبر 2015 يصوتون بنسبة مرتفعة تطلعا إلى خلق حالة "استثناء" أخرى في إرساء الحكامة السياسية والاجتماعية على مستوى الجهوية الموسعة. فهل احترمت الأحزاب أصوات الناخبين؟ وهل التزمت بوعودها "السياسية"؟ سمع المواطن، وقرأ في المنابر الإعلامية بوسائلها المتنوعة، أن حزب "الإسلاميين" هو المتصدر في الفوز بالجماعات والجهات، وقال أبسطهم ثقافة ووعيا سياسيا: "إوا نجربوهم ومن بعد نحكمو عليهم"، فهذه الجملة توحي بأن شريحة كبيرة صوتت لصالح حزب "الإسلاميين" بالمغرب بغية إسناد لهم مهمة تدبير الجماعات والجهات. لقد وعى المواطن المغربي الشريف أن محاصرة الفساد وإسقاط تجار الانتخابات سبيلها السياسي هو صناديق الاقتراع، فصوت لأجل القضاء عليه وإعادة لعملية الانتخاب ديقراطيتها ونزاهتها التنافسية النظيفة؛ فصوت ليقوم بالواجب الوطني. لم يحترم بعض السياسيين صوت المواطن المغربي؛ حصلوا عليه بالوعود الكاذبة وبالنفاق السياسي، وأخضعوه للمزايدة في سوق التحالفات، وبهذا الإجراء تكون مقولة "التصويت العقابي" صحيحة إذا أسقطناها على المواطن الشريف؛ حيث صوت ليعاقب ببيع صوته الشريف في مزاد التحالفات. ومع كل ذلك، فالتاريخ لا ينسى للشرفاء مواقفهم الوطنية، فهنيئا لك يا مواطن بأدائك لواجبك الوطني.