شكلت مخيمات المرتزقة بتندوف دوما واجهة للاسترزاق السياسي لحكام الرابوني، وبؤرة من بؤر عدم الاستقرار والتهديد الأمني في المنطقة المغاربية، ويندرج في هذا الصدد ما تناقلته مجموعة من التقارير الدولية الرصينة من كون هذه المخيمات لم تعد اليوم مجرد قاعدة عشوائية لمليشيا البوليساريو، بل أضحت ملجأ يوفر الحماية والدعم الميداني لمختلف أصناف الخارجين عن القانون، سواء تعلق الأمر بمجموعات إرهابية أو بمجرمين مدانين في قضايا الحق العام. وفي سياق يزكي هذا الطرح، أفادت مصادر من داخل مخيمات المحتجزين أن أحد المجرمين الذي سبق وأن أدانه القضاء المغربي بثماني سنوات سجنا نافذة من أجل الاتجار الدولي في المخدرات، قد وصل في ظروف غامضة إلى تندوف حيث وفرت له قيادات البوليساريو الحماية، وذلك بعد أن تمكن من تنفيذ عملية فرار من سجن مدينة السمارة خلال الأسبوع الأول من شهر غشت الجاري. وفي واقعة مشابهة، سبق لمصالح الأمن المغربية أن أوقفت في قضيتين منفصلتين خلال سنتي 2008 و2013، اثنين من المطلوبين للعدالة حاولا ولوج التراب الوطني انطلاقا من الحدود الجنوبية للملكة باستعمال وثائق تحمل هويات أجنبية مزيفة، قبل أن يتبين أنهما من ذوي السوابق القضائية ومبحوث عنهما من أجل ارتكاب سلسلة من الأفعال الإجرامية. هذا وتشكل هذه الحالات تجسيدا عمليا لما سبق وأن نبهت إليه مجموعة من التقارير الدولية، والتي طالما حذرت من خطورة استغلال الوضعية الأمنية في هذه المخيمات من قبل عصابات الجريمة المنظمة والمجموعات الإرهابية، وذلك بالنظر إلى حالة التفكك التنظيمي وعدم الاستقرار التي تعيشهما جبهة البوليساريو، والتي تنعكس أوضاعها على أمن واستقرار المنطقة ككل.