الدار البيضاء/26 يونيو 2015/ومع/ خلال الشهر الفضيل، وعلى امتداد الشوارع والأزقة الرئيسية بالدارالبيضاء، لا تكاد العين تخطئ وجود باعة يعرضون ما تيسر لهم من بضاعة على طول الأرصفة، محتلين فضاءات عمومية حولوها بقوة الواقع إلى متاجر مفتوحة في الهواء الطلق. فسواء على أبواب المساجد، أو على الأرصفة والطرقات، يعمل هؤلاء الباعة المتجولون، على الاستفادة من كل فراغ، مهما كانت مساحته، لعرض منتجات من كل صنف ونوع، علمتهم حنكتهم وتجربتهم في المجال كيف يقتنصون زبنائنهم، فيجد المرء لديهم ما افتقده في فضاءات تجارية أخرى. من باعة الخضر والفواكه، وباعة الأسماك، إلى بائعي المواد الغذائية ابتداء من الحليب ومشتقاته، كل واحد منهم يجد له مكانا على الرصيف، والأوفر حظا منهم من يتسنى له العثور على موقع في مكان يكثر فيه المارة. وتختلط الأصوات، كل ينادي على بضاعته، فمن النعناع المكناسي، ونعناع البروج، و"التخليطة" والسالمية، إلى الألبسة والأحذية والمأكولات والحلويات الرمضانية، متعددة هي العروض التي يسعى من خلالها هؤلاء الباعة للاستجابة لأذواق الزبناء المختلفة. حركية تسبغ إيقاعا خاصا على وتيرة عيش الساكنة البيضاوية خلال هذا الشهر الكريم، حيث يتواصل النشاط التجاري إلى غاية ساعات متأخرة من الليل، وإلى متم الشهر، لينتقل الباعة نحو أنشطة تجارية أخرى تتلاءم وطبيعة الفترة التي تلي شهر الصيام. هذه الأنشطة التجارية، التي توصف بأنها غير مهيكلة وتندرج في إطار الاقتصاد غير النظامي، تشكل حلا بالنسبة للأسر البيضاوية على مستوى الأسعار، إلا أنها باتت تمثل عبئا ومعضلة حقيقية بالنسبة للمسؤولين عن تدبير الشأن المحلي بالمدينة. فعديدة هي المشاكل التي تطرحها هذه الأنشطة سواء في ما يتعلق بالجودة والسلامة الصحية، أو المس بجمالية المدينة وانسجامها الحضري، وانعكاساتها السلبية على مردودية الاقتصاد الوطني، فضلا عن كونها لا تخضع لأي نوع من الرقابة الصحية والقانونية. وفي هذا الصدد، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك السيد وديع مديح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن شهر رمضان يشهد ارتفاعا في حجم النشاط التجاري خاصة المواد الأكثر استهلاكا في هذا الشهر، مشيرا إلى أن كثرة الإقبال على الاستهلاك يقابلها عرض غير مراقب في الغالب، وانتشار ظاهرة الباعة المتجولين بانضمام اعداد جديدة تستثمر هذا الشهر لتحسين مدخولها. وتابع أن هؤلاء الباعة لا يراعون شروط السلامة الصحية في عرض وتخزين بضاعتهم، مشيرا إلى أن الباعة المتجولين أصبحوا يشكلون في هذا الشهر تهديدا لصحة المواطنين عبر مساهمتهم في الترويج لسلع تفتقر لمعايير السلامة، أو منتهية الصلاحية، لاسيما مع ضعف المراقبة. وذكر في هذا الإطار بالشخص الذي تم إيقافه بمدينة فاس مؤخرا، والذي يملك شركة متخصصة في بيع المواد الغذائية بالجملة، ويقوم باقتناء كميات كبيرة من مواد استهلاكية (عصير، تمور، مربى، عسل، حلويات ) منتهية الصلاحية وغير قابلة للاستهلاك، بأثمنة بخسة، قبل أن يعمد إلى تخزينها بطريقة غير سليمة بمخزن تابع لشركته بغية تغيير تواريخ صلاحية استهلاكها وعرضها للبيع. ولذلك، دعا السيد مديح السلطات المعنية إلى مضاعفة الجهود والتعاون مع المجتمع المدني لما فيه مصلحة المستهلك المغربي، مضيفا أن المقاربة الأمنية وحدها غير كافية لحل معضلة الباعة المتجولين. وأكد أن صحة المستهلك المغربي تبقى دائما مهددة، في ظل غياب الرقابة، وتوفير الحماية له، معربا عن أمله في أن يجد هذا الملف طريقه للحل سريعا وفق رؤية مندمجة ومتكاملة.