هل كان التلميذ يوسف يعلم أن جلسته الحميمية رفقة صديقته فوق رصيف بإحدى التجزئات السكنية التي لا تزال في طور البناء ببرشيد ستنتهي بمأساة حقيقية؟ هل كانت الفتاة تعلم أن لقاءها بصديقها سيكون بمثابة الوداع الأخير؟ وكيف أدى تهور مجموعة شبان إلى وضع حد لحياة شخص لا تربطهم به أية عداوة؟ بين كل سؤال وجواب تسكن قصة جريمة قتل شنعاء انتهت بالقبض على المتهمين وإحالتهم على المحكمة ونقل الضحية إلى مثواه الأخير. في التاسع والعشرين من شهر نوفمبر من السنة الجارية، توصلت مفوضية الشرطة ببرشيد بإخبارية من طرف شخص كان مارا من تجزئة نصر الله قرب ثانوية أولاد حريز ببرشيد مفادها أنه عثر على شخص ملقى على الأرض وهو جثة هامدة. فانتقلت عناصرها على الفور إلى مكان الحادث، وعند معاينة الجثة اتضح أنها تحمل طعنة وجرحا غائرا على مستوى الصدر، ولا يحمل صاحبها أي وثيقة، وقد تم نقل الضحية إلى مستودع الأموات بمستشفى الرازي ببرشيد، فيما باشرت عناصر الشرطة التحريات التي أوصلتها إلى هوية الضحية من طرف مخبريها، ويتعلق الأمر بالهالك المسمى قيد حياته يوسف موفق، مزداد سنة 1989، طالب بقسم البكالوريا، وتم الاتصال بوالده الذي انتقل إلى مستودع الأموات وتعرف على جثة ابنه، لتبدأ التحريات لمعرفة ملابسات الحادث. بحث وتحر بعد البحث والتحري، اهتدت عناصر الشرطة القضائية إلى هوية الفتاة التي شوهدت مع الضحية. كما صرحت أم الهالك بأن ابنها تأخر في العودة إلى المنزل وهو ما جعلها تبحث عن مبررات غيابه المفاجئ، ولما اتصلت به عبر هاتفه، أجابها شخص وادعى أنه شرطي وطلب منها التوجه إلى مركز الشرطة، وعند انتقالها إليه، سألت عن ابنها، فأخبروها أنه غير موجود، لتعلم بعد ذلك بأنه قد وجد مقتولا، كما أخبرت من جملتها عناصر الشرطة أن ابنها على علاقة غرامية مع فتاة تدرس معه، وأنها توجد بالمنزل لتقديم العزاء، فتم إيقافها في الحين بعدما كانت تبكي بمنزل الضحية، وتم استقدامها إلى مصلحة الشرطة من أجل فتح تحقيق في الموضوع، ومن خلال البحث معها، صرحت بأن الهالك اتصل بها في الساعة السادسة والنصف وأخبرها أنه يوجد قرب المنزل الذي تكتريه ببرشيد، فخرجت لملاقاته وجلسا معا في حديقة، ثم طلب منها الضحية مرافقته إلى تجزئة نصر الله وهي في طور البناء وجلسا فوق رصيف، وعندما كانا يتحدثان فوجئا بأربعة أشخاص، اثنان يضعان قناعين على رأسيهما، أحدهم رشق الضحية بالحجارة من أجل تخويفه، فيما تقدم القاتل وتحت التهديد بالسلاح الأبيض، استولى على هاتفه، وعندما حاول مقاومتهم، وجه إليه المتهم طعنة في جهة الصدر، فسقط على الأرض، ثم استدرجوا زميلته إلى الخلاء بغابة لوسيان، وفي الطريق، طلب القاتل من مشاركيه الرجوع إلى المكان الذي سقط فيه الضحية للاطلاع على ما إذا كان التلميذ مايزال حيا، وعند عودتهم أخبروه بصوت مرتفع أمام زميلته أنه ميت، ثم طلب القاتل المسمى (م.ذ) من الفتاة أن تخلع معطفها وفرشه على الأرض وطلب منها الاستلقاء، ثم خلع ملابسها ومارس عليها الجنس بشكل سطحي، وحاول مرة ثانية، لكن الفتاة توسلت إليه أن يخلي سبيلها ووعدته بأنها ستصبح صديقته، فيما أخبرها هو بأنه منذ 13 يوما مضت عاكسها أمام معهد، ثم أخبرته بأنها ستلتقي به في الغد، مما جعله يوصلها، ثم أخرج بطاقته الوطنية وأخبرها بأنه ليس مجرما، بل يعمل بشركة زليج، وسلمها رقم هاتفه المحمول وصورته وتركها تنصرف إلى حال سبيلها. خيط رفيع كانت صورة المتهم هي الخيط الرفيع الذي توصلت إليه عناصر الشرطة من أجل فك لغز جريمة القتل، بعد أن انتقلت رفقة الفتاة إلى الغرفة التي تكتريها، وتم حجز ملابسها وصورة المتهم، ومن خلال البحث تم التوصل إلى هوية المتهم الذي تم الانتقال إلى محل سكناه بدوار الخضاضرة ببرشيد، ولم يتم العثور عليه، فتم الانتقال إلى الشركة التي يعمل بها وتم استفسار مديرها، الذي أخبرهم بأنه متغيب عن العمل وسلمهم ملفا يضم صورته، فتبين أنها مطابقة للصورة التي كانت مع الفتاة، وعند تضييق الخناق على المتهم، سلم نفسه إلى درك برشيد، الذي سلمه بدوره إلى عناصر الشرطة القضائية لاستكمال التحقيق. اعترافات المتهم اعترف المتهم المسمى (م.ذ) من مواليد سنة 1992 بعد استنطاقه بمرافقيه، وتم اعتقال شخصين آخرين، فيما لاذ المتهم الرابع بالفرار، كما تعرفت الفتاة على المتهمين، وتمت إعادة تمثيل الجريمة في ثاني دجنبر الجاري وسط حشد جماهيري غفير استنكر هذا الفعل الإجرامي، وعند استكمال البحث، تمت إحالة المتهمين على الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بسطات من أجل القتل العمد المقرون بالسرقة تحت التهديد بالسلاح الأبيض والاختطاف وهتك العرض بالعنف وعدم التبليغ عن جناية وإخفاء أشياء متحصل عليها من جناية.