حفلت رحلة الإسراء والمعراج بخيرات كثيرة وآيات جليلة، وهدايا عميمة، ففي المعراج فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت هدية المعراج، وفي هذا إشارة إلى عِظَّم وأهمية الصلاة فلم يشأ الله سبحانه وتعالى فرضها عن طريق الوحي كغيرها من الفرائض، وإنما استدعى نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله؛ ليبين للنَّاس أن الصلاة جليلة القدر، عظيمة المكانة. فالصلاة هي معراج العبد إلى ربه وفيها يرقي من حال إلى حال، ومن منزلة إلى منزلة، ومن رؤية إلى رؤية، إنها ترقي بالروح من عالم المادة إلى عالم الروح، ومن عالم الأوهام إلى عالم الحقائق، ومن سفاسف الأمور إلى معاليها، لترى من آيات الله الكبرى وتسبح في ملكوت الله وتضيئ بنوره.
وما أرحم ربنا بنا، فقد خفف عنا عدد ركعات الصلاة بعد أن تشفع لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلمه بضعف قوتنا وهمتنا، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم هممت بالنزول فناداني ربي عزوجل فقال علي رسلك يا محمد إني مفترض عليك وعلي أمتك فريضة من وفي بها دخل الجنة ومن قصر عنها فإن شئت غفرت له وإن شئت عذبته فرضت عليك وعلي أمتك خمسين صلاة في كل يوم وليلة فقلت سمعنا وأطعنا.
ثم نزلت وهو يصلي ويسلم عليا فلم أزل أسيراً حتي آتيت أخي موسي ابن عمران عليه السلام فلما رآني نهض قائماً وقال مرحبا الصادق الحبيب "أمن عند ربك" قلت: نعم. قال: ما أعطاك؟ قلت: اعطاني وأرضاني قال: فما أعطي أمتك: قلت أعطاهم وارضاهم وفرض عليا وعليهم خمسين صلاة في اليوم والليلة. قال موسى عليه السلام فارجع واسأله التخفيف فإن امتك امة آخر الزمان جسدهم ضعيف وعمرهم قصير لايطيقون ذلك فاسأل ربك التخفيف عنهم. فقلت: يا أخي ومن يخترق تلك الحجب التي اخترقتها؟ قال موسي عليه السلام.، اسأله من هنا فإنه قريب مجيب.
وإذا بالنداء من العلي الأعلي اسأل ماشئت فقد اجبتك قلت: يارب أمتي ضعفاء ولايقدرون علي خمسين صلاة. قال: فحط عني وعن أمتي خمسا فرجعت إلي موسي عليه السلام وقلت له. فقال: ارجع إلي ربك واسأله التخفيف فإن امتك لاتطيق. فلم أزل أسأل ربي عزوجل وموسي يكلمني حتي وهب لي خمسة واربعين وفرض عليا وعلي أمتي خمس صلوات.
قال موسي عليه السلام اسأله التخفيف قلت: ياأخي قد استحييت من ربي فناداني ربي يا محمد ارجع وقد جعلناها خمسا في العمل وخمسين في الميزان كل صلاة بعشر صلوات مايبدل القول لدي، الحسنة بعشر أمثالها ومن فعل سيئة كتبت عليه سيئة مثلها قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ودعت موسي وانصرفت حتي أتيت أخي جبريل عليه السلام وإذا هو قائم في حاله لم يتقدم ولم يتأخر فلما رآني عانقني، وقال مرحبا ياحبيب رب العالمين أي شيء أوتيت من ربك فقلت اعطاني ربي فضلا عظيماً وإحساناً وشرفاً وعطاء كثيرا وكرماً جزيلا قال علمت أنك أكرم الخلق على الله تعالي ثم أخذ بيدي وسرنا حتي أتينا الجنة.