من بين خمسة و ثلاثين حزبا مغربيا، تستحوذ ستة أحزاب على قرابة التسعين في المائة من مقاعد مجلس النواب عقب أخر استحقاق انتخابي سنة 2011، من بين هذه الستة أحزاب حزب و احد تأسس سنة 2008 ، مقارنة مع باقي الأحزاب المغربية التي تشكلت منذ سنة 2001، والتي لم تجد موطئا لها في الساحة السياسية و الحزبية، لتظل فقط رقما و رمزا انتخابيا يظهر مع كل استحقاق نيابي أو محلي . لا تستطيع مغلب الأحزاب المغربية الظفر بمقاعد برلمانية دون التحالف مع المال و السلطة، فمن أهم العوامل المتحكمة في الفوز هي المال و القرب من المخزن و الزعامة القبلية خاصة في البوادي أو في الجنوب, أي حزب جديد إن لم يملك شرعيته الشعبية و التي راكمها عبر سنوات عدة و تجارب عدة فعليه أن يستقطب نواب و أعيانا و رجال أعمال ألفوا البرلمان لارتداء قميصه الجديد. يعتبر السيد محمد ضريف رئيس حزب الديمقراطيين الجدد، الحاصل على دكتوراه الدولة في القانون العام،من الباحثين والأكاديميين المعروفين على الصعيد الوطني ، أشتهر بأبحاثه حول الجماعات الإسلامية، و يعرفه المشاهد المغربي كمحلل يظهر معلقا على أخبار الجماعات السياسية الإسلامية خاصة جماعة العدل و لإحسان أو ملفات الإرهاب و الجماعات المتطرفة بالمغرب . تأسس حزب الديمقراطيين الجدد، كما جاء في كلمة رئيسه محمد ضريف على صفحة الموقع الرسمي للحزب، في إطار المسلسل المستمر للإصلاحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الذي انخرط فيه المغرب، ويعتبر حزب الديمقراطيين الجدد أول حزب يتم تأسيسه بعد اعتماد الدستور الجديد, الذي يرى فيه الحزب، فرصة تاريخية من أجل تجديد النخب السياسية و الرفع من مستوى العمل الحزبي . رغم حداثته مقارنة بأحزاب مغربية أخرى، يبدو أن الحزب و رئيسه في مهب أزمة قد ترمي بتبعاتها على الحزب و خاصة رئيسه، حيث تناقلت مواقع الكترونية تسجيلا صوتيا يظهر فيه صوت ينسب لرئيس حزب كل الديمقراطيين الأحرار و هو يتلفظ بكلمات نابية وصوت عضو بالمكتب السياسي لحزب الديمقراطيين الجدد يتهم فيه رئيس الحزب بسبه و إهانة أعضاء المكتب السياسي. إن صح المقطع فهذا أمر مستهجن و غريب على شخصية مثله، فرئيس الحزب ظهر ديكتاتوريا رد بشكل قمعي على العضو بكلام فاحش، رد لا علاقة له بما يصوره هو عن نفسه و عن حزبه، فما الذي دعاه للتلفظ بمثل هذا الكلام ؟ فهل هي الصورة المخفية لشخصية محمد ضريف؟ في أول رد له ، وحسب موقع »فبراير. كوم »، كشف محمد ضريف أن المعني بالأمر قرر المكتب السياسي طرده من جميع هياكل الحزب، وأن مسطرة متابعة قضائية جارية في حقه. وأوضح ضريف، أن قرار الطرد جاء بعد أن تعمد التشويش على رئيس الحزب و منعه من الكلام و عدم احترام سير العمل خلال جلسات سابقة، لكن ربما رد العضو لا يعفيه هو من التبعات الأخلاقية لطريقة تعقيبه و كلماته . صح المقطع أو كان مفبركا، من المستفيد و لماذا في هذا التوقيت بالضبط ؟ هل هو عمل انتقامي للنيل من ضريف و حرق أوراقه مثلا؟ هل له علاقة بالانتخابات المحلية القادمة؟ هل يخفي ذلك خوف أوساط معينة من الوافد الجديد؟ هل يتعلق ذلك بشخصية الرجل القريبة شيئا ما من جماعة العدل و الاحسان حسب ما يروج إعلاميا و التي رحب بانضمام أعضاء من الجماعة أو بمتشيعين إن رغبوا في الانخراط في حزبه؟ أم هناك أسباب أخرى خفية مثلا، أم هي فقط خطوة أحادية لعضو أراد كشف المطبخ الداخلي للحزب الجديد؟ في جميع الحالات، على السيد ضريف مسؤوليات كبيرة أولا لمحو تبعات هذا المقطع حتى و إن كان مفبركا، والرفع من مستوى الخطاب السياسي و تخليقه، فمن الغريب أن يصبح المعترك السياسي المغربي حكرا على صراع الإسفاف و السفه بدل تنافس برامج و أفكار، وأكثر من ذلك، عليه أن يكون قادرا على ترجمة المبادئ المدرجة في كلمة الحزب على موقعه الكتروني، حتى يجد مكانه داخل المشهد الحزبي، وسط كل هذه المعوقات التي تجعل قبة البرلمان و الجماعات المحلية حكرا على أحزاب بعينها .