الجائزة العالمية للرواية العربية هي النسخة العربية عن الجائزة العالمية للرواية التي تمنح في بريطانيا، و مقر النسخة العربية دولة الامارات العربية المتحدة، و تعتبر الجائزة اهم جائزة من نوعها في الوطن العربي تقدم لرواية واحدة خلال كل سنة، و قبل أن تمنح الجائزة النهائية تعيش الجائزة زخما لإعلانها عن لائحة طويلة ثم اخرى قصيرة، مما يجعل الاحتفاء بالرواية طويل الأمد زمنيا، عكس الجوائز الاخرى التي تنتهي قصتها خلال الحفل الختامي الذي يستمر يومين أو ثلاثة، كما أن الجائزة تضمن للرواية الفائزة انتشارا واسعا بترجمتها للغة الانجليزية أو للغات أخرى، و قد ظلت الجائزة تسيطر على مجالها طيلة سنوات، و لم تنافسها جائزة اخرى في المجال، اللهم ما قيل حول كاتارا التي تبدو انها في حجمها او اكثر. خلال السنوات القليلة الأخيرة، بدأت الانتقادات تتعاظم حول الجائزة، بين من يتهم الجائزة بتشويه المكونات الأساسية للرواية العربية، و بمنحها الجائزة لروائيين غير مؤهلين، و قد تجاوز البعض الانتقاد إلى التهم بين من قال أن الجائزة تنال لأغراض سياسية أو من قال بالمحسوبية، و آخرون شككوا في لجان التحكيم و كفاءتها. و كقارئ للروايات التي تتوج و التي تصل للقائمة القصيرة، يمكن ان اقول ان روايات حصلت على البوكر و حققت اشعاعا منقطع النظير عربيا و عالميا، أخص بالذكر رواية عزازيل لصاحبها المصري يوسف زيدان التي ترجمت للغات كثيرة و اصبحت ترجماتها مجالا خصبا للبحث الأدبي في جامعات عالمية، لكن بالمقابل شكلت روايات أخرى سقطة للجائزة و تساءل الكثيرون حول مدى تمثيل روايات ضعيفة حسب وصفهم للرواية العربية. إذا ما تناولنا الجائزة في نسختها الاخيرة 2014 على سبيل المثال، نجد ان الرواية الفائزة، فرنكشتاين في بغداد لصاحبها أحمد سعداوي، شكلت صدمة للمتتبعين و النقاد على حد سواء، باعتبارها رواية حسب وصفهم ضعيفة حكائيا، تقليدية مليئة بالأخطاء على مستوى اللغة و ضعيفة الحبكة، بل منهم من وصف الرواية بالمسروقة من الأفلام، و أنها لملمة لمشاهد سينمائية هوليودية و أوربية مشهورة، بالمقابل جاء في حيثيات اختيار الرواية لنيل المركز الأول، في الموسم الأكثر ازدحاماً في تاريخ الجائزة بوصول روايات مرشحة تتوزع على 18 بلدا عربيا، أن رواية سعداوي حملت عددا من سمات التجديد و الإدهاش، وقد علّق سعد البازعي نيابة عن لجنة التحكيم على الرواية الفائزة بقوله: جرى اختيار فرانكشتاين في بغداد لعدة أسباب، منها مستوى الابتكار في البناء السردي كما يتمثل في شخصية (الشسمه)، وتختزل تلك الشخصية مستوى ونوع العنف الذي يعاني منه العراق وبعض أقطار الوطن العربي والعالم في الوقت الحالي، في الرواية أيضاً عدة مستويات من السرد المتقن والمتعدد المصادر، وهي لهذا السبب وغيره تعد إضافة مهمة للمنجز الروائي العربي المعاصر. و قد اكد العديد من المتتبعين أن منح جائزة البوكر لسنة 2014 كان استرضاء للعراق و لم يجدوا غير سعداوي الذي قدم روايات قوية قبل فرنكشتاين في بغداد. من جهة اخرى نجد ان رواية اخرى وصلت للائحة القصيرة و لم تكن حسب المتتبعين بالقوة الكافية، يتعلق الامر برواية تغريبة العبدي او ولد الحمرية لصاحبها المغربي محمد لحبيبي، الرواية كانت بالإجماع جيدة اللغة و ماتعة في قراءتها، لكن مشكلتها هو الانتحال، فقد صيغت حبكتها على منوال عزازيل الرواية المشهورة و التي توجت بالبوكر أيضا، كما ان الرحلة المقدمة في الرواية هي نفسها الرحلة التي وردت في كتابات ليون الافريقي، الاندلسي المغربي محمد الحسن الوزان، إضافة لتحويل لوحات فنية مشهورة إلى مقاطع سردية، و هو الأمر الذي جعل الرواية مجرد تجميع من أعمال أخرى. رواية اخرى في اللائحة القصيرة شكلت سجالا قويا، هي رواية الفيل الازرق لصاحبها المصري أحمد مراد، حيث ذكر الكثير من النقاد انها رواية لا تحمل معالم الرواية المعروفة، و انها أقرب إلى السيناريو أو القصة التي كتبت خصيصا لعمل سينمائي، و يبدو ان هذه الملاحظة التقطت سريعا حيث تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي مصري حقق تجاوبا كبيرا و أعاد السينما المصرية إلى الواجهة الفنية حسب نقاد سينمائيين كثر، بل و شكل الفيلم نقلة في تاريخ السينما المصرية لما حققه من استجابة لدى جمهور عريض، كما استقطب جماهير جديدة للسينما المصرية. نكتفي بهذا القدر لنطرح السؤال الكبير، هل تنال الجائزة خلال هذه السنة بناء على الاستحقاق ام على أشياء أخرى، التي قد يكون من بينها الحظ، خاصة ان روايات كبيرة جدا لا تدخل القائمة الطويلة من الاصل و لم ترشح، بينما تلقى قبولا جماهيريا كبيرا، و لهذا قد تكون دعوات الاستفتاء لنيل الجائزة بدل لجان التحكيم أكثر جدية و رصانة، استفتاء يشارك فيه نقاد الوطن العربي على نطاق واسع، هذا حتى لا تكون الBooker كلعبة الحظ المشهورة الPoker.