بعد تتويج رواية "القوس والفراشة" للروائي المغربي محمد الأشعري مناصفة مع"طوق الحمام" للروائية السعودية رجاء عالم بالجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر العربية" لعام 2011، تتطلع روايتان مغربيتان للتتويج بجائزة 2014، التي سيعلن عنها عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب اليوم الثلاثاء. غلافا الروايتين المغربيتين المرشحتين للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية 'البوكر العربية' يتعلق الأمر بروايتي "طائر أزرق نادر يحلق معي" ليوسف فاضل، و"تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية" لعبدالرحيم لحبيبي. وتأهلت الروايتان المغربيتان إلى القائمة القصيرة للجائزة، إلى جانب أربع روايات هي "لا سكاكين في مطابخ المدينة" للسوري خالد خليفة، و"فرانكشتاين في بغداد" للعراقي أحمد السعداوي، و"طشاري" للعراقية انعام كجه جي، و"الفيل الأزرق" للمصري أحمد مراد، علما أنه تم اختيار الروايات المتأهلة إلى النهائيات من بين 156 رواية موزعة على 18 بلدا عربيا رشحت للائحة الطويلة. وتعكس الروايات المرشحة للجائزة، حسب لجنة التحكيم، التي يترأسها الناقد السعودي سعد البازعي، امتدادا لما يحدث في الساحة العربية من أحداث، ومحاولة التنفيس عن الوجع الناتج من الهم السياسي، لا سيما في ظل وجود روائيين من دول مثخنة بألم الصراع مثل العراق وسوريا. كما تنوعت الأعمال المرشحة بين سرد تقليدي وآخر مجدد ومبتكر في تبني أساليب من شأنها تطوير في الرواية العربية. في روايته (تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية) يسعى الكاتب المغربي عبد الرحيم لحبيبي عبر الإجابة عن أسئلة حضارية وثقافية إلى اكتشاف خصوصية الذات ورصد معوقات تحول دون تطور العرب والمسلمين، الذي يرى أنه لا يتم إلا بالتفاعل مع الآخر. واعتمد الكاتب في الرواية، التي تقع في 256 صفحة من القطع متوسط، على حيلة سردية تقليدية تمثلت في عثور باحث على مخطوطة من نسخة وحيدة في "سوق العفاريت" وهي لرحالة عاش في القرن التاسع عشر بمدينة آسفي. وتحكى المخطوطة عن رحلة حج يقوم بها الرحالة، انطلاقا من جامع القرويين في فاس، حيث يتلقى علوم اللغة والفقه والطب، إلى الحجاز عبر طريق سيجلماسة والصحراء الإفريقية الكبرى ومصر، ولكن الرحلة تتحول إلى تحليل لواقع العرب والمسلمين "المتخلف". يقول لحبيبى إنه أطلق على الرحلة اسم التغريبة، لأن العبدي اختار الوصول إلى الحقيقة كيفما كانت ولم تفرض عليه. فالعبدي "الذي حول رحلته من البحث عن مصادر العلوم إلى البحث عن أسباب تخلف العرب والمسلمين وتقدم أوروبا يبنى نصا سرديا انطلاقا من مخطوط جاهز لتتحول الرواية إلى رحلتين، رحلة الكاتب لحبيبى، ورحلة الراوي العبدي. ويقول لحبيبي إن هذا العمل احتاج منه أربع سنوات وتطلب الكثير من المراجع للتحقق وكانت أمامه طريقتان إما أن يكتب مباشرة عن هذا الماضي، وإما أن يجعل هذا الماضي يتكلم عن نفسه لهذا اختار مخطوطة تتكلم عن هذا العصر. أما رواية "طائر أزرق نادر يحلق معي" ليوسف فاضل، التي حصدت جائزة المغرب للكتاب، فترسم خطوطا بيانية للمتغيرات التي شملت المغرب من السبعينيات إلى الألفية الجديدة. ورغم أن أحداث الرواية تدور في السجن، إلا أنها لا تقبع خلف جدرانه، ولا تلفها ظلمته الكئيبة، خصوصا أن هناك سجونا بالجملة في الخارج، وأناسا يحاولون أن يهربوا بجلودهم من معتقلات الفقر والقهر والتسلط، وهي معتقلات أكثر براحا، لكنها مليئة بحراس من نوع مغاير، وجلادين يحملون ألقابا مختلفة (أب متسلط، أو عم قاس، وغيرهم نماذج كثيرة في الرواية). وليست هذه المرة الأولى التي تصل فيها روايتان مغربيتان إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر، إذ سبق ل"معذبتي" لبنسالم حميش و"القوس والفراشة" لمحمد الأشعري أن مثلتا الرواية المغربية في نهائيات هذه الجائزة، التي تعد الأرقى في العالم العربي. وتتشكل لجنة التحكيم البوكر 2014 ، بالإضافة إلى رئيسها الناقد السعودي سعد البازعي، من الروائية والناقدة المغربية زهور كرام، والناقد العراقي عبدالله إبراهيم، والناقد التركي المتخصص في الأدب العربي محمد حقي صوتشين، والناقد والصحافي الليبي أحمد الفيتوري، أما رئيس مجلس أمناء الجائزة فهو البروفسور ياسر سليمان المتخصص في الترجمة وحقول مختلفة من العلوم الإنسانية، ومنسقة الجائزة المترجمة البريطانية فلور مونتانارو. ومن المنتظر أن يحصل كل من مؤلفي الأعمال الستة في القائمة القصيرة على عشرة آلاف دولار، فضلا عن حصولهم على عقود نشر لرواياتهم بالإنجليزية ولغات أخرى، أما الفائز فيحصل على 50 ألف دولار أخرى. وتهدف الجائزة إلى مكافأة التميز في الأدب العربي المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالميا، من خلال ترجمة الروايات الفائزة التي وصلت إلى القائمة القصيرة إلى لغات رئيسية أخرى ونشرها. وتدار الجائزة بالشراكة مع مؤسسة جائزة "بوكر" في لندن وبدعم من هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة في الإمارات العربية المتحدة.