يسير حزب العدالة والتنمية بعد اكتساحه لانتخابات مجلس النواب وتكليف أمينه العام عبد الإلاه بنكيران بتشكيل الحكومة إلى تفجير تحالفات الأحزاب، خاصة تحالف الكتلة التي تشكل منذ ما يزيد عن عشرين سنة، و«التحالف من أجل الديمقراطية» الذي صرح مؤسسوه بالتضامن في مواقفهم السياسية. فبعد عودة الواحد الراضي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي وعباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال ورفيقهما في الكتلة الديموقراطية نيبل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى أحزابهم تفاجأت هذه القيادات بارتفاع منسوب الأصوات المعارضة للدخول في حكومة بنكيران مقابل أخرى تفضل المشاركة، وبهذا يكون حزب المصباح قد تمكن من زرع الشقاقات في وسط تحالف الكتلة الديموقراطية و فرض نقاشا على مستوى الأحزاب فيما يخص مسالة المشاركة من عدمها في حكومة ائتلاف يقودها الاسلاميون.. فبينما قررت اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال بإجماع أعضائها المشاركة في الحكومة، يسير الاتحاد الاشتراكي نحو تبني موقع المعارضة، وهو نفس اتجاه حزب التقدم والاشتراكية الذي تنادي أصوات كثيرة داخله بعدم المشاركة بمبرر أنه«لا يوجد ما يجمع بين التقدم و الاشتراكية والعدالة والتنمية على مستوى المرجعية الفكرية». وإذا ما تبنى الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية رسميا موقف المعارضة، مقابل مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة; سيكون حزب العدالة والتنمية قد نجح في تفجير تحالف الكتلة الذي ظلت مكوناته تشتغل معا إما من موقع المعارضة أو الحكومة منذ تأسيسها سنة 1992 شرارة الشقاقات لم تنخصر فقط داخل تحالف الكتلة لوحده، بل انتقلت شظاياها لتصيب «التحالف من أجل الديمقراطية الذي سبق لقياداته أن أعلنت إبان تأسيسه عشية الانتخابات أنها ملتزمة بالقاء معا سواء بالمشاركة في الحكوكة أو ممارسة المعارضة. فبينما اختار الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار التموقع في المعارضة، أبدى كل من الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية استعدادهما للمشاركة في حكومة عبد الإلاه بنكيران، بل إن التجمع نفسه قد يعيد النظر في موقفه، ويلتحجق بركب المشاركين. بهذا المشهد السياسي الجديد، لايظهر العدالة والتنمية فقط كحزب اكتسح أغلبية مقاعد مجلس النواب، بل وأيضا كقوة كاسحة تسير نحو تفجير التحالفات القائمة.