كانت كل المؤشرات داخل المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي تتجه زوال أمس الأحد إلى عدم المشاركة في حكومة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، واعتبرت جل التدخلات أن الموقع الحقيقي الآن للاتحاد هو المعارضة وليس المشاركة في حكومة يقودها حزب لا يشترك مع الاتحاد في شيء وكان في الفترة السابقة معارضا للحكومة التي شارك فيها حزب القوات الشعبية. وكان المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي قد اتفق في اجتماع أول أمس السبت على الخروج نحو المعارضة ودعم هذا التوجه داخل المجلس الوطني، وعبرت القيادة الاتحادية عن تخوفها من انفجار الأوضاع داخل الاتحاد الاشتراكي إذا شارك في الحكومة. وبخروج الاتحاد الاشتراكي نحو المعارضة يكون بنكيران أمام موقف صعب خصوصا وأنه واجه مفاوضات شرسة من طرف حزب الاستقلال وشيوخه، ولم يبق أمامه سوى إضافة الحركة الشعبية من أجل تشكيل حكومة من قطب المحافظين على أن ينتظر مواجهة معارضة قوية من طرف القطب الحداثي المنتظر تشكله من طرف الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار. وقد واجه بنكيران مفاوضات شرسة من طرف حزب الاستقلال الذي كانت شروطه قاسية مستغلا تخوف العديد من الأحزاب من المشاركة في حكومة بنكيران وظهور هذا الأخير بمظهر السياسي غير المحنك ساهم أيضا في ذلك. وقد أفرزت المداولات الأولية حول تشكيل الحكومة تشتت مواقف الأقطاب القديمة وبداية تشكل أقطاب جديدة، حيث من المتوقع أن ينفرط عقد الكتلة الديمقراطية بخروج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية للمعارضة ومشاركة حزب الاستقلال في حكومة بنكيران، ومن الجانب الآخر بدأ التحالف من أجل الديمقراطية في التفكك بعد أن قررت الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري المشاركة في الحكومة، في الوقت الذي كان متوقعا أن يكون الأصالة والمعاصرة في المعارضة وقرار التجمع الوطني للأحرار الاصطفاف في المعارضة. وبتشكيل الحكومة من العدالة والتنمية وحزب الاستقلال والحركة الشعبية يكون قد تشكل القطب المحافظ، وهي أحزاب تتقاطع سواء في المرجعية أو التاريخ، فالعدالة والتنمية والاستقلال يشتركان في المرجعية الإسلامية وإن كان فهمهما لها مختلف، كما أن حزب العدالة والتنمية ليس سوى التسمية التي تبنتها الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية التي خرجت من رحم الحركة الشعبية بعد أن انشق الخطيب عن أحرضان وقد تبنت الحركة منذ نشأتها الدفاع عن قراءة معينة للإسلام. وبخروج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية للمعارضة التي سوف تضم أيضا حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، تكون الأحزاب المدافعة عن الخيار الديمقراطي الحداثي، قد تكتلت واجتمعت في قطب حداثي معارض مقابل قطب محافظ في الحكومة.