بدأت اليوم الخميس بفاس أشغال الدورة الثالثة للمؤتمر العالمي للباحثين في القرآن الكريم وعلومه والتي تبحث موضوع " بناء علم أصول التفسير .. الواقع والآفاق " بمشاركة العديد من العلماء والباحثين والمتخصصين من المغرب والخارج. ويبحث هذا المؤتمر العالمي الذي تنظمه مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء وبتعاون وتنسيق مع مجموعة من الهيئات والمنظمات الإسلامية مختلف القضايا والإشكالات التي يطرحها بناء علم أصول التفسير الذي أضحى اليوم يشكل أحد أهم أولويات البحث العلمي في الدراسات القرآنية . ويهدف هذا الملتقى الدولي الذي يحضره العديد من العلماء والباحثين والمتخصصين في الدراسات القرآنية والشرعية من المغرب وبعض الدول الإسلامية حصر جهود العلماء في أصول التفسير وتصنيفها وتقويمها مع توظيف هذه الجهود في بناء علم أصول التفسير إلى جانب وضع منهجية علمية متكاملة اعتمادا على مفاهيم التفسير والتأويل والبيان . وقال السيد الشاهد البوشيخي الأمين العام لمؤسسة البحوث والدراسات العلمية ( مبدع ) إن الباحثين في القرآن الكريم مطالبون في هذا الظرف الذي تجتازه الأمة الإسلامية بمضاعفة الجهود من أجل تكميل ما بدأه السابقون في مجال علم أصول التفسير من أجل استخلاص أصول هذا العلم من مصادره وتخليصه مما التبس به وتصنيفه وتكميل بنائه ليصير علما ضابطا لبيان القرآن الكريم من الفهم السليم حتى الاستنباط السليم . وأضاف أن العلماء والباحثين الأوائل أعدوا لوازم هذا العلم في العديد من الحقول المعرفية كعلوم القرآن والحديث وأصول الفقه وعلوم اللغة وبقيت مواضيع ليكتمل البناء ويقوم صرح العلم ضابطا لها وهو ما يسعى هذا المؤتمر إلى وضع تصوراتها وتحفيز علماء الأمة على الاشتغال عليها . وأكد على ضرورة العمل من أجل تجميع التراكم الذي حققته الأمة الإسلامية في هذا المجال وتوثيقه وتصنيفه وتحقيقه بهدف استخلاص خلاصة هذا العلم مشيرا إلى أن المشاركين في هذا الملتقى الدولي سيحاولون جلال الجلسات التي ستنتظم في إطاره حصر جهود العلماء في أصول التفسير وتصنيفها وتقويمها مع توظيف تلك الجهود في بناء هذا العلم اعتمادا على منهجية متكاملة وواضحة ترتكز على ما خلفه علماء الأمة الإسلامية . ومن جهته أكد السيد عبد الحي عمور رئيس المجلس المحلي بفاس على الأهمية التي يكتسيها تنظيم هذا المؤتمر العالمي الذي يبحث موضوعا جديدا يهم مناقشة ودراسة مختلف التصورات الكفيلة بإنضاج وتأصيل العلم الضابط لبيان القرآن الكريم . وقال إن الدراسات في مجال علوم القرآن لا تزال في حاجة إلى عناية واهتمام كبيرين خاصة في مجال المقاربات المنهجية والتأصيلية وذلك بهدف صياغة علوم تساعد على الفهم الصحيح للخطاب القرآني وتبليغه للناس باعتباره مصدر هداية وإرشاد مشيرا إلى ان الظروف التي تجتازها الأمة الإسلامية اليوم تحتاج إلى تلمس مشروع يكون قادرا على تفسير القرآن الكريم بتعاليمه وأحكامه يتماشى مع الواقع المعاصر والتحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية . وبدوره أكد ممثل الرابطة المحمدية للعلماء محمد السرار أن هذا الملتقى العلمي الدولي يبحث موضوعا مفصليا ازدادت الحاجة إلى تناوله بالنظر لندرة الكتابات التي أفردت له مشددا على ضرورة مضاعفة الجهود من خلال تشجيع البحث العلمي وتكريس الاجتهاد باعتبارهما مرتكزات أساسية ومحورية للنهوض بالدراسات الخاصة بهذا الحقل المعرفي. ودعا إلى إعادة استكشاف ما وضعه ورسخه علماء الأمة الإسلامية والوقوف عند ما خلفوه من تراث تفسيري في أفق التأصيل العلمي الدقيق لعلم أصول التفسير مع العمل على تكميل بنائه حتى يصبح علما قائم الذات . ومن جانبه أبرز السيد مساعد الطيار ممثل " مركز تفسير للدراسات القرآنية بالرياض ( المملكة العربية السعودية ) " الأهمية التي يكتسيها تأسيس علم أصول التفسير باعتباره آلية مهمة وأساسية في فهم واستنباط بيان القرآن الكريم مشددا على ضرورة تشجيع العلماء والباحثين وتحفيزهم على الانخراط في هذا المجهود لتحقيق تراكم في مجال الدراسات العلمية المعنية بهذا الحقل المعرفي . وأجمعت باقي الكلمات خصوصا لممثلي جامعتي القرويين وسيدي محمد بن عبد الله وكذا العديد من مراكز البحوث والمعاهد الإسلامية على أهمية تنظيم مثل هذا المؤتمر الذي يكتسي راهنيته من الحاجة المحلة للأمة الإسلامية إلى الوقوف عند تراثها التفسيري والعمل على تخليص علم أصول تفسير القرآن الكريم مما علق به وتصنيفه حتى يكتمل بناؤه . وستتواصل أشغال هذا المؤتمر بتنظيم مجموعة من الجلسات العلمية التي تبحث العديد من القضايا والمواضيع التي لها ارتباط وثيق بالدراسات القرآنية والتصورات الفكرية والمنهجية التي يجب اعتمادها من أجل تعميق البحث حول علم أصول التفسير . ويبحث المشاركون في هذا المؤتمر العلمي من خلال مقاربات أكاديمية وعلمية أنجع التصورات لحصر كافة الأصول التي لابد من مراعاتها لضمان الفهم السليم والاستنباط السليم للقرآن الكريم والمتمثلة بالخصوص في الأصول النقلية لتفسير القرآن الكريم والأصول اللغوية والدلالية والعقلية والمقاصدية وغيرها ومن بين المواضيع التي يناقشها المؤتمر من خلال العروض والمداخلات " مفهوم أصول التفسير " و " الأصول النقلية لتفسير القرآن الكريم " و " الأصول اللغوية لتفسير القرآن الكريم " إلى جانب " الأصول الدلالية لتفسير القرآن الكريم " و " الأصول السنية والعقلية لتفسير القرآن الكريم " . وموازاة مع هذه الجلسات العلمية سيعرف المؤتمر تنظيم عدة انشطة منها ورشات علمية للمتخصصين وعقد لقاءات بين الباحثين لدراسة بعض المشاريع والمقترحات الخاصة بتفعيل والنهوض بالدراسات القرآنية إضافة إلى تنظيم حلقات بحثية ومعرض للكتب .