أجمع المتدخلون خلال الجلسة الافتتاحية للجمع العام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، اليوم الجمعة بالرباط، على أن المغرب أضحى نموذجا يحتذى على المستوى الإقليمي في مجال المرافعة حول إلغاء تنفيذ عقوبة الإعدام. وأوضح هؤلاء المتدخلون، خلال الجلسة الافتتاحية للجمع العام المنعقد يومي 27 و28 فبراير، تحت شعار "عقوبة الإعدام، انتقام ومس بالكرامة"، أن النقاش البناء الذي يشهده المغرب حول إلغاء هذه العقوبة، وانخراط المزيد من الفاعلين في الجهد الجماعي الرامي إلى إقرار هذا الإلغاء، يدل على المناخ الإيجابي الذي يميز المغرب عن الكثير من بلدان المنطقة. وفي هذا السياق، قال منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام السيد عبد الرحيم الجامعي، في كلمة له، إن الائتلاف "راكم تجربة ميدانية هامة في مجال كسب التأييد من طرف المؤمنين بالحق في الحياة"، حيث عمل على وضع هذه القضية في جوهر برامجه وأفقا وحيدا لاهتماماته، و"خاض من أجلها تجربة فريدة من حيث تماسك وانسجام 14 جمعية على مدى أكثر من عشر سنوات". وأضاف السيد الجامعي في سياق متصل، أن الدستور الجديد للمملكة الذي ينص على الحق في الحياة والسلامة البدنية هو بمثابة "آلية دستورية للمرافعة بالنسبة للائتلاف من أجل رفع درجة التعاطي مع مطلب الإلغاء"، مؤكدا أن البعد الدستوري أوجد العناصر الضرورية لتطوير وبلورة المفاهيم وتعميق الحوار، وذلك على ضوء الحراك الفكري والحقوقي والميداني الذي يقوده الائتلاف بمعية مختلف مكونات الحقل السياسي والحقوقي بالمغرب. من جهته، قال رئيس قسم التعاون والوزير المستشار لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بالمغرب السيد فيليب ميكوس، في كلمة مماثلة، إن إلغاء عقوبة الإعدام يشكل أحد أهم أهداف السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، الذي قام جميع دوله الأعضاء بإلغاء هذه العقوبة، علما أن هذا الإلغاء يندرج في إطار الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وضمن الميثاق الأوروبي للحقوق الأساسية. وأوضح السيد ميكوس أن الاتحاد الأوروبي يعمل على دعم المجتمع المدني والائتلاف المغربي وشبكة البرلمانيين في سعيهم إلى الإلغاء المتدرج لهذه العقوبة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن النقاش الدائر حول هذه الإشكالية بالمغرب يعد من بين النقاشات الأكثر تقدما وتميزا في العالم العربي. من جانبه، أكد الوزير المستشار بسفارة فرنسا بالمغرب السيد لوكور غرانميزون، في كلمة له، أن المغرب يشكل بالنسبة لفرنسا شريكا جوهريا على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال السعي إلى الإلغاء الشامل لعقوبة الإعدام على المستوى الدولي، الأمر الذي تؤكده الكثير من المعطيات، التي تتجلى على الخصوص، في إقرار دستور 2011 الذي ينص ضمن فصله ال 20 على الحق في الحياة، واحتضان أول مؤتمر إقليمي ضد عقوبة الإعدام الذي انعقد بالرباط في أكتوبر 2012، والذي جاء ليؤكد الدور المحوري الذي يضطلع به المغرب في هذا المجال. من جهة أخرى، أبرز السيد غرانميزون الدعم الذي تقدمه فرنسا لمختلف الأطراف الداعمة لهذا الطرح الحقوقي، مشيرا إلى أهمية تعزيز التحالف المغربي المناهض لهذه العقوبة، والذي يتسع يوما بعد يوم بفضل انخراط فعاليات من مختلف المشارب. اما المدير العام للجمعية الفرنسية "معا ضد عقوبة الإعدام" السيد رافاييل شنوي هازان، فيرى أن المغرب قطع أشواطا كبيرة على درب إلغاء العقوبة السالبة للحياة، مما يجعله بمثابة "شعاع مضيء" في منطقة تسودها الكثير من مظاهر العنف والمس بحقوق الإنسان والعبث بالقيم الكونية. وأشار إلى أن الأوضاع الراهنة التي تسود المنطقة، والتي يشكل تنامي الخطر الإرهابي أحد أهم تجلياتها، تطرح عدة تساؤلات حول كيفية الرد الذي تواجه به بعض الدول الإرهاب، داعيا في هذا الصدد إلى عدم مواجهة الأعمال الإرهابية بالعنف، والتحلي بقدر كبير من ضبط النفس للحيلولة دون الوقوع في متاهة "العنف والعنف المضاد". من جانبها، أوضحت منسقة الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام السيد خديجة الرويسي، في كلمة لها، أن المغرب أعطى إشارة قوية بقراره إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، والذي شكل إنجازا مرحليا سبق فتح العديد من الملفات الحقوقية الهامة. وأضافت السيدة الرويسي أن هناك نخبة مغربية مناهضة لعقوبة الإعدام تتعزز صفوفها يوما بعد يوم، والتي أضحت تمتلك قوة ضاغطة بفضل إنشاء شبكة للبرلمانيين وأخرى للمحامين والمحاميات ضد هذه العقوبة. يذكر أن الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، تأسس على هامش الندوة الدولية حول عقوبة الإعدام التي نظمها المرصد المغربي للسجون في أكتوبر 2003، فهو آلية وطنية لتنسيق الجهود من طرف مكونات الحركة الحقوقية والرامية إلى العمل من أجل حماية الحق في الحياة، مهما كانت الدواعي والظروف، وحث السلطات المغربية على الانضمام إلى البروتكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.