في فيلم " اطار الليل" للمخرجة المغربية العراقية تالا حديد، تكتسي الكتابة السينمائية طابعا شعريا، لتحكي بفنية وعمق سيرة كائنات هشة وتائهة تبحث عن معنى لوجودها. يخلق الفيلم الذي عرض أمس في اطار المسابقة الرسمية للدورة 16 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، مدارات سردية متشابكة تتعالق فيها مصائر شخصيات جريحة تؤدي بأشكال مختلفة ثمن فوضى العالم ومظالمه. يحل زكرياء الشاب المغربي العراقي من المهجر الاوروبي بالمغرب بحثا عن أخيه الذي هاجر للقتال في العراق وانقطعت أخباره في جحيم الحرب. تضعه الصدفة مع مأساة طفلة في قبضة عصابة للإتجار بالبشر كانت تنوي بيعها في أوروبا، يخلصها ويودعها لدى صديقة أوروبية مقيمة بإيفران. من أجل فك لغز الاختفاء المفاجئ لأخيه في مستنقع الحرب العراقية، لا يتردد زكرياء في خوض الرحلة الخطرة، الى تركيا ثم الى العراق. رحلة في المكان ورحلة أعمق في جوهر الكيان البشري، في علاقته مع الألم، في سعيه الى السعادة، في نزعة التدمير وزرع الشقاء عبر العالم... وكما رددت المخرجة في لقائها مع جمهور المهرجان عقب العرض، فان " اطار الليل" لا يقدم للمشاهد حكاية للاستهلاك، لها بداية ونهاية، بل تقترح مشروع سفر داخلي يحمل المتلقي على التفكير في أسئلة قلقة ومفتوحة. وبالفعل، يغلب على الفيلم طابع الكتابة الشذرية التي تراهن على عناصر أخرى غير الحكي لاستفزاز المشاهد وتوليد التفاعل الوجداني والفكري. وجدير بالذكر ان الفيلم الذي عرض في الدورة الاخيرة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم في فئة " نبضة قلب"، حظي بدعم إنتاجي قوي من عدة مؤسسات سينمائية دولية. واعتمدت تالا حديد على كاستينغ موفق من الممثلين، مغاربة وأجانب، بمشاركة الطفلة فدوى بوجوان، وخالد عبد الله في دور زكرياء، وماري جوزي كروز، وحسين شطري المعروفين بحضورهما القوي في السينما الفرنسية، فضلا عن الممثلة المغربية ماجدولين الادريسي. يذكر أن المسابقة الرسمية للدورة 16 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة التي تختتم بعد غد السبت، تعرف مشاركة 15 فيلما طويلا تم اختيارها للمرة الأولى من طرف لجنة انتقاء مهنية.