ارتأيت أن أخصص حديث الثلاثاء لهذا الأسبوع لموضوع يهم أطفالنا وشبابنا ويهمنا جميعا بدون استثناء، موضوع يتعلق بسلامتنا وحياتنا. سنركز في حديثنا اليوم على السلامة الطرقية في بلادنا. فالله سبحانه وتعالى جل وعلا يقول في كتابه العزيز "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا "(المائدة: 32). وعن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لزوال الدنيا وأهلها أهون عند الله من دم إنسان يسفك دون وجه حق". من هنا يتبين لنا أحبتي الكرام قدسية الحياة البشرية في ديننا الحنيف، حيث كرمها الله سبحانه وتعالى أحسن تكريم، وعظم حرمتها وجعل أمرها بيده سبحانه لا غير. ومن هذا المنطلق، تقوم الوزارة المنتدبة من خلال مختلف مصالحها ومديرياتها بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، بمجموعة من الأنشطة والتظاهرات في مجال التحسيس والتواصل في مجال السلامة الطرقية، وذلك لأن إزهاق نفس واحدة بغير وجه حق جريمة ضد الإنسانية كلها. وإذا ما تجاوزنا الأنشطة خلال السنة بأكملها، وأردنا الحديث فقط عما نقوم به حاليا، يمكن أن نلخص ذلك في ما يلي: انطلقت الأنشطة التحسيسية والتواصلية يوم الجمعة 13 فبراير وذلك بتنظيم المهرجان العالمي للفيلم حول السلامة الطرقية بالدار البيضاء، والذي يهدف أساسا إلى تشجيع المشاركين على تنظيم عمليات فعالة تجسد الإرادة السياسية القوية المرتكزة على الأهداف المشتركة، وتعبئة الموارد على المستوى العالمي والوطني والجهوي والمحلي، وتسهيل تطبيق البرامج الوطنية الخاصة بالسلامة الطرقية، ودعم الإمكانات المتوفرة حاليا لدى البلدان لتحسن السلامة الطرقية، وكذا المساعدة في تطوير برامج السلامة الطرقية وعلى وجه الخصوص في البلدان الصاعدة. وكان المهرجان فرصة كذلك لعرض ما يفوق 100 فيلم من 50 دولة مختلفة. ولقد فاز المغرب بالجائزة الأولى من خلال وصلتين تحسيسيتين حول احترام ممر الراجلين، والمعاينة. وهذا ما يدل على أن المغرب يتجه بخطى ثابتة في مجال التحسيس والتواصل. وسأقوم بتعميم الوصلتين على قناتي باليوتوب لكي تطلعوا على محتوى الفيلمين، وذلك في القريب العاجل إن شاء الله. كما نظمنا يومي 16 و17 فبراير2015 بجامعة محمد الخامس بالرباط، المنتدى الدولي الأول حول سلوك مستعملي الطريق بمشاركة خبراء دوليين والعديد من المتخصصين والمشاركين من جميع الجامعات الوطنية و ذلك بهدف تعميق المعرفة حول سلوك مستعملي الطريق وتأثيره على السلامة الطرقية، من خلال قراءة علمية موضوعية رصينة، تمكننا من اتخاذ التدابير الضرورية لتجاوز مخاطر السلوك البشري على الطريق. وغدا بإذن الله، الأربعاء 18 فبراير 2015، سأعطي الانطلاقة للافتتاح الرسمي لتخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية بالرباط. بهذه المناسبة، سننظم حفل إعلان عن الفائزين، وتوزيع الجزائز الخاصة بالمسابقات الفنية والإبداعية والمهنية والتي تندرج في إطار تثمين جهود كافة الفاعلين المعنيين بالسلامة الطرقية، وتنقسم الجوائز على النحو التالي: · مسابقة أحسن سائق مهني؛ · مسابقة أحسن مقاولة ملتزمة بمبادئ السلامة الطرقية؛ · مسابقة أحسن مدرب لتعليم السياقة؛ · مسابقة أحسن بحث علمي مرتبط بالوقاية والسلامة الطرقية؛ · مسابقة أحسن ملصق متعلق بالسلامة الطرقية؛ · مسابقة أحسن سيناريو لفيلم تلفزي في مجال الوقاية والسلامة الطرقية؛ · مسابقة أحسن عمل موسيقي غنائي في مجال الوقاية والسلامة الطرقية. ويوم الجمعة 20 فبراير، سنكون على موعد بمدينة مكناس، ثم بمدينة الحاجب للقيام بعدة أنشطة مرتبطة بالسلامة الطرقية، من قبيل افتتاح رسمي لمصلحة النقل الطرقي ومركز تسجيل السيارات، وإعطاء الانطلاقة لأشغال تهيئة طرق وطنية وجهوية، وكذلك البدء في تنزيل برنامج التكوين المستمر لفائدة سائقي سيارات الأجرة من الصنف الأول والثاني (طريق أكوراي). وكالعادة، لا نهمل أبدا عمليات التواصل المباشر مع الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين والمجتمع المدني على الصعيد المحلي والجهوي، لهذا سيتم خلال الفترة الممتدة من 23 إلى25 فبراير 2015 تنظيم قافلة متنقلة تجوب مجموعة من عمالات وأقاليم المملكة من أجل إعطاء الانطلاقة ومعاينة وتدشين المشاريع المرتبطة بالسلامة الطرقية، وستنطلق القافلة من مدينة بنسليمان لتصل يوم 25 فبراير إلى مدينة تزنيت، مرورا بأكادير ، ابن جرير... حيث ستقام عدة أنشطة. ولا بد أن أذكركم أحبتي الكرام، أنه بفضل مجهودات جميع أطر ومراقبي الوزارة والفاعلين والشركاء، ومنهم الدرك الملكي، الأمن الوطني، الوقاية المدنية، والمجتمع المدني، والمهنيين، استطعنا إنقاذ أكثر من 700 روح بشرية ما بين سنة 2012 و2014، الطريق لا يزال يقتل للأسف، الطريق لا زال طويلا لتحسين النتائج، ولا زال يُنتظر منا القيام بمجهودات أكبر من أجل التصدي لهذه الآفة المجتمعية الخطيرة. ولكن لا تنسوا أن 94% من حوادث السير ترجع إلى العامل البشري، لذا يد واحدة لا تصفق، فنحن نراهن على سلوككم أنتم كمستعملي الطريق، فمزيدا من استحضار القيم العليا المرتبطة بالتسامح والوطنية والسلامة عند استعمال الطرقات سواء كنتم سائقين أم راجلين، واستحضروا في كل مرة قيم ديننا الحنيف الذي يحرم قتل النفس من دون حق، واستحضروا كذلك قيم المواطنة المغروسة في وجداننا جميعا. دمتم سالمين وحفظكم الله من كل سوء ومكروه على الطرقات، وأخذ بأيديكم جميعا إلى كل خير.