يعد إعلان وزير الداخلية الفرنسي، بيرنار كازونوف، اليوم السبت بالرباط، عن قرب توشيح المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، بوسام جوقة الشرف بدرجة ضابط، تجسيدا للتقدير الكبير الذي تكنه الدولة الفرنسية للمقاربة الشمولية التي نهجها المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف. كما يشكل هذا التوشيح اعترافا بمساهمة المغرب، التي لا محيد عنها، وبالعمل الذي تقوم به مختلف مصالح المخابرات المغربية في مواجهة التهديد الإرهابي على المستوى الداخلي، وكذا على الصعيد الدولي، لا سيما من خلال تبادل المعلومات الحاسمة التي مكنت من إفشال العديد من المؤامرات الإرهابية ضد الدول الصديقة، وهي المقاربة التي تستمد جوهرها من الالتزام المسؤول للمملكة داخل المنتظم الدولي، وفي احترام كامل للقانون الدولي ومقتضيات الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وقد أثبتت السلطات المغربية عن مهنية نالت بفضلها استحسانا عالميا، بحيث تمكنت من تفكيك شبكات إرهابية كانت تنوي استهداف النموذج الديمقراطي المغربي ومصالح بلدان صديقة للمملكة ليس فقط في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بل داخل النفود الترابي لهذه البلدان.
وقد أفضى هذا الانخراط إلى تفكيك عدة شبكات إرهابية على مدى السنين الأخيرة، كانت تقف وراءها عناصر من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي انطلاقا من منطقة الساحل، حيث تنشط عدة فروع لها، لاسيما "فتح الأندلس" و "المرابطون الجدد"، والمكونة من عناصر من جبهة البوليساريو، علاوة على تنظيم "أمغالا"، الذي أفضى تفكيكه إلى ضبط ترسانة من الأسلحة كانت ستستعمل لاستهداف مصالح وطنية ودولية.
وقد تمكنت عناصر المخابرات المغربية أيضا من تفكيك خلايا متخصصة في تجنيد وتدريب مقاتلين مغاربة للانضمام إلى صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
ومما لاشك فيه أن التهديدات المتواترة لجماعات إرهابية تنهل من إيديولوجيات القتل لتنظيمي القاعدة و داعش وللعصابات الإجرامية العابرة للحدود، تستوجب اليوم تعاونا دوليا بهدف تقليص الفجوات في مجال تبادل المعلومات والخبرات بشأن هذه التهديدات.
وتحظى هذه المقاربة وهذا الالتزام، خدمة للتعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، باهتمام خاص من لدن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته أمير المؤمنين الضامن للأمن الروحي والديني للشعب المغربي.
ولم يفت وزير الداخلية الفرنسي التأكيد على أن المغرب شريك أساسي لضمان السلم ومكافحة الإرهاب، على اعتبار أن مجال تبادل المعلومات مع المغرب يكتسي قيمة كبيرة وأثبت في المغرب نجاحا وفاعلية من خلال تفكيك العديد من الخلايا والشبكات الإرهابية في الأشهر الأخيرة.
كما أشاد الوزير الفرنسي بمهنية مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، مؤكدا أن المغرب يعد شريكا لفرنسا في المجال الأمني.
ويبرز العديد من الخبراء الدوليين، في هذا الصدد، أن التجربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب، التي تتميز بطابعها متعدد الأبعاد، تعد نموذجا لبلدان منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط، ولبلدان العالم الأخرى، معتبرين أن هذه المقاربة لا تقتصر فقط على الشق الأمني بل تتعداه لتشمل معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي يستغلها تجار الأفكار المتطرفة، وكل ذلك في إطار وطني يتسم بالتمسك بالقيم التي تؤسس إمارة المؤمنين، وفق المذهب المالكي والحفاظ على البعد الروحي للإسلام الوسطي وحمايته.