قال مسؤولون ومطلعون على شؤون صناعة النفط إن ليبيا حققت تقدما في احتواء حريق شب في أكبر ميناء نفطي بالبلاد ودمر انتاج أربعة ايام من اجمالي الانتاج النفطي لليبيا إلا ان الضرر الذي لحق بصهاريج التخزين سيعرقل جهود استئناف الصادارت. وظل حريق ميناء السدر أكبر ميناء نفطي في ليبيا مندلعا منذ اسبوع وهو مؤشر واضح على العنف المدمر الذي يهدد بتمزيق أوصال البلاد بعد أربع سنوات من الاطاحة بمعمر القذافي. وتشهد ليبيا صراعا على السلطة بين حكومتين متنافستين احداها حكومة معترف بها دوليا في الشرق واخرى منافسة سيطرت على زمام الامور في العاصمة. وتتنافس الحكومتان على السيطرة على أكبر احتياطات نفطية في القارة الافريقية. ويسيطر كل من الجانبين على قوات مؤلفة من فصائل مسلحة سابقة كانت قد ساعدت في الاطاحة بالقذافي لكنها تتقاتل الآن منذ ان سيطرت جماعة تسمى فجر ليبيا على العاصمة طرابلس في أغسطس آب ما أجبر عبدالله الثني رئيس الوزراء المعترف به دوليا على الانتقال الى شرق البلاد. وبلغ القتال في الشهر الجاري منطقة بشرق البلاد تعرف باسم الهلال النفطي التي تضم أكبر ميناءين للتصدير في ليبيا هما السدر ورأس لانوف ما اضطر السلطات الى اغلاقهما وحرمان البلاد من حجم انتاج نفطي يصل الى 300 ألف برميل في اليوم. وفي الاسبوع الماضي أصاب صاروخ صهريجا لتخزين النفط في السدر عندما زحفت قوة متحالفة مع حكومة طرابلس مجددا للاستيلاء على الميناءين. وأدى حريق -يلقي كل من الجانبين بالمسؤولية عنه على الجانب الآخر- الى تدمير سبعة صهاريج والتهم ما يصل إلى 1.8 مليون برميل من الخام أي ما يعادل أربعة أمثال الانتاج اليومي للبلاد . ووجه اغلاق الميناءين ضربة للتمويل العام في ليبيا الذي يعاني أصلا من الشلل فيما يبذل البنك المركزي جهودا مضنية للحفاظ على الاحتياطي النقدي من الدولار. وتراجع انتاج النفط الى نحو 389 الف برميل في اليوم ما يمثل خمس ما تنتجه ليبيا قبل انتفاضة عام 2011 وهو دون ما تحتاجه البلاد لتمويل موازنة الدولة. وبدءا من الاسبوع القادم لن تكون هناك ميزانية في ليبيا لعدم موافقة أي من البرلمانين المتنافسين على موازنة جديدة. ويحافظ البنك المركزي على الحد الأدنى من الانفاق فيما يسعى كي ينأى بنفسه عن الصراع. وقال محمد الحراري المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط إن فرق الاطفاء نجحت في اخماد الحريق في خمسة صهاريج للتخزين بينما لا تزال النيران مشتعلة في صهريجين آخرين. وقال علي الحاسي وهو متحدث عسكري باسم قوات الثني في السدر إن فرق اطفاء أميركية كان قد سبق التعاقد معها ربما لم تعد ثمة حاجة اليها. وبينت صور على وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة من فرق الاطفاء في حالة استرخاء بعد ان ظلت تعمل عدة أيام دون توقف. وقال المبروك ابو سيف الذي عينته حكومة الثني المعترف بها دوليا رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط الاربعاء إن اعادة بناء الصهاريج سيتكلف 105 ملايين دولار. وقال خبراء في صناعة النفط إن أكثر من 20 في المئة من الطاقة التخزينية قد دمر وانهار صهريجان. أما السؤال الاكبر فسيظل يتعلق بموعد وكيفية تنفيذ الاصلاحات مع استمرار القتال متمثلا في ضربات جوية شبه يومية وتبادل لاطلاق نيران المدفعية. وتدير شركات النفط الاميركية الكبرى ماراثون وهيس وكونوكو فيليبس ميناء السدر بالمشاركة مع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا. وتعتزم الامم التحدة استئناف محادثات السلام الاسبوع القادم إلا ان دبلوماسيين عبروا عن عدم التفاؤل لان أيا من الجانبين لم يظهر أي بادرة على الاستعداد لتقديم تنازلات. ولم تحقق الجولة الاولى من هذه المحادثات في سبتمبر/ايلول أي تقدم. وتعقد الصراع بسبب معركة منفصلة في بنغازي حيث اندمجت قوات الثني مع قوات تابعة للواء السابق خليفة حفتر لمحاربة الاسلاميين في مدينة بنغازي الرئيسية بشرق ليبيا. واتهم الثني جماعة فجر ليبيا بانها تعول على دعم من مقاتلين اسلاميين فيما يقول حكام طرابلس إن الثني يعيد تأهيل مسؤولين سابقين للقذافي بمساعدة مصر التي تشعر بقلق بالغ من انتشار الاسلاميين في المنطقة.