وجه المدعي العام القبرصي كوستاس سليريديس يوم الاربعاء تهما بالفساد والخيانة لخمسة موظفين سامين سابقين في بنك قبرص أكبر مصرف في البلاد وذلك على صلة بالأزمة المالية التي شهدتها الجزيرة في العام 2013 بسبب انهيار اثنين من أكبر مصارف البلاد. ويعد هؤلاء أول مجموعة من البنكيين الذين توجه لهم تهم بالتسبب في الانهيار المالي، التي كان "بنك أوف شيبروس" أكبر مؤسسة بنكية في الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 800 الف نسمة أحد ضحاياها الى جانب مصرف لايكي. ودفعت الأزمة المالية التي عصفت بالجزيرة في مارس 2013 الى حجز 5ر47 في المائة من حسابات زبناء المصارف المتعثرة التي تفوق مائة الف أورو، وظفت في إعادة رسملة المصارف. وقال المدعي العام عقب اجتماع الاربعاء بحضور رئيس فرقة الشرطة المكلفة بالتحقيق في القضية إن التهم ستوجه إليهم الاثنين المقبل إثر انتهاء التحقيق الذي دام سنة. ومن بين التهم الفشل في تقديم المعلومات الدقيقة للمستثمرين، والتلاعب بأسعار الاسهم من خلال إخفاء مؤشرات، ونشر معطيات خاطئة وعدم إدراج المعلومات الضرورية المطلوبة في منشورات البنك، وتقديم بيانات مغلوطة حول رأسمال المصرف ومعاملاته من أجل التلاعب بالاسواق المالية وهي جرائم يعاقب عليها بالسجن والغرامة. وتأتي هذه المتابعة بناء أيضا على تحقيق آخر كانت قد أجرته لجنة الأمن المالي والمبادلات، الهيئة التي تتولى مراقبة سوق الأسهم، وأصدرت إثره غرامات في حق 12 مسؤولا كبيرا سابقا بالبنك، فاقت 540 الف أورو لكل واحد بتهم تقديم معلومات مغلوطة للمستثمرين، وإصدار بيانات للعموم غير دقيقة. واشترى البنك بدون إطلاع المستثمرين مجموعة ضخمة من السندات اليونانية التي هوت في 2011 جراء الأزمة المالية التي ضربت البلد، حيث انخفضت ب 73 في المائة كأحد الإجراءات المعتمدة في ذلك الحين ضمن برنامج الإنقاذ المالي لليونان. كما اتهم البنك بمنح قروض ضخمة بدون ضمانات كافية لأثرياء وسياسيين وبرلمانيين. أما الاشخاص الذين سيمثلون أمام المحكمة ، فهم الرئيس المدير العام السابق للبنك أندرياس ايلياديس الذي استقال في يوليوز 2012 وخلفه يانيس كيبريس ورئيس مجلس الادارة السابق ثيودوريس اريستوديموس والنائب السابق لرئيس مجلس الادارة اندرياس ارتيمي والعضو السابق بمجلس الادارة يانيس بيهليفانيديس، والذي كان مكلفا بعمليات البنك في قبرص. وقال المدعي العام إن التهم ستوجه أيضا لبنك قبرص بصفته القانونية. وما يزال المدعي العام يجري تحقيقات في انهيار "بنك لايكي" في قضية مشابهة وتشمل التحقيقات الفترة ما بين 2005 و2013 . وقد استأنف الثلاثاء الماضي تداول أسهم بنك قبرص في بورصتي نيقوسيا وأثينا بعد أن كان علق التداول بها لمدة 21 شهرا جراء الأزمة. وخلال هذه المدة جرت إعادة هيكلة شاملة للبنك، وبات غالبية أعضاء مجلس ادارته من الاجانب وبينهم رئيسه السويسري جوزف اكرمان ونائباه الاميركي ويلبور روس والروسي فلاديمير سترالكوفسكي. يذكر أن الأزمة الاقتصادية القبرصية بدأت مباشرة بعد مثيلتها في اليونان وأدت لانهيار في نظامها البنكي والمالي ما جعل البلاد تطلب رسميا في 25 يونيو 2012 دعما ماليا من منطقة الأورو. وأعلنت السلطات القبرصية إفلاس المصرفين الكبيرين في البلاد "بانك أوف شيبروس" و"بنك لايكي". وبلغت مجموع خسائرهما 5ر4 مليار أورو . وفي رد فعلها، طلبت الترويكا (البنك المركزي الأوربي والاتحاد الاوربي وصندوق النقد الدولي) من قبرص الشروع على الفور في تقليص أجور الموظفين ب 15 في المائة وتقليص المساعدات الاجتماعية ب 10 في المائة والنقص من المساعدات الموجهة للسكن ورفع الدعم والرفع من الضريبة على القيمة المضافة. وفي 16 مارس 2013، توصلت الجزيرة لاتفاق مع المانحين حول برنامج إنقاذ تمنح بموجبه الترويكا لقبرص 10 مليار اورو مقابل توفير قبرص لمبلغ إضافي من خمسة مليارات أورو من الضرائب والاقتطاعات وبالخصوص فرض ضريبة استثنائية على الحسابات المصرفية من 75ر6 في المائة على الحساب الأقل من مائة الف اورو و9ر9 في المائة على الحسابات أكثر من مائة الف أورو، ثم اعتماد برنامج جديد للخوصصة والرفع من الضرائب على الشركات من 10 الى 5ر12 في المائة. غير أن فرض الضريبة على الحسابات المصرفية لقيت معارضة شديدة واستياء عالميا كما رفضها البرلمان، فجرى تعديل برنامج الإنقاذ، وتم اعتماد خصم من 5ر47 في المائة من الحسابات التي تفوق مائة الف أورو واحتسابها أسهما لفائدة مالكي الحسابات في إعادة رسملة مصرف قبرص. كما تم اعتبار "مصرف لايكي" مصرفا فاشلا ونقل الحسابات المضمونة به الى بنك قبرص. ولا يزال الاقتصاد القبرصي يعاني من الأزمة الاقتصادية، وللفصل الثالث عشر على التوالي لا يزال نموه سلبيا وسجل الفصل الثالث من العام 2014 تراجعا بنسبة 3ر0 في المائة. وتأمل البلاد في الخروج من أزمتها في العام 2015 إثر توقعات بارتفاع في القطاع السياحي وتحقيق نمو من 5ر0 في المائة، فيما فقدت الجزيرة ثقة الزبناء في نظامها البنكي الذي كان الى وقت قريب جنة المتهربين من الضرائب ومبيضي الأموال.