- خلد المغرب أول أمس اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ما هي انطباعاتك الشخصية عن هذا اليوم، وهل تعتقد أن الخطوات التي قام بها المغرب لطي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كانت كافية؟ - خلدت بلادنا على غرار كافة البلدان والأمم اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ويمثل هذا الحدث محطة كبيرة وهامة في تاريخ الشعوب أفرادا وجماعات. إن حقوق الإنسان تمثل مكسبا وهدفا في نفس الوقت، وبالتالي فهي تقتضي اليقظة المستمرة والنضال الدائم، حتى تحترم بحذافيرها. ولقد حقق وطننا بفضل تضحيات أبنائه وبناته مكتسبات على درب النضال الخاص بحقوق الإنسان، لكن هذه الخطوات لن تتحول إلى مكاسب نهائية إلا إذا أصر أفراد شعبنا، بوعيهم، على فرض احترامها وتطويرها. وهذا يعني أن ما تحقق من أجل طي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لم يكن كافيا، ما دامت كل التوصيات التي تقدمت بها هيئة الإنصاف والمصالحة لم تدخل حيز التطبيق. لذا فلا مناص من المزيد من المجهودات حتى تطبق هذه التوصيات على أرض الواقع، وحتى لا تتكرر انتهاكات أخرى. - أثارت الانفصالية أميناتو حيدر الكثير من الجدل وهي تدعي كونها مضربة عن الطعام وتتنكر لهويتها المغربية، هل سحب جواز سفرها من قبل السلطات وترحيلها إلى الخارج يتماشى مع المبادئ العالمية لحقوق الإنسان؟ - في ما يخص أميناتو حيدر فلا بد من تصحيح ما ورد في سؤالكم، إذ لم تقدم السلطات على سحب الجواز منها، بل هي التي رفضت هذا الجواز، في تنكر لجنسيتها. وانطلاقا من تفعيل قوله تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" فلا يمكن أن نفرض على هذه السيدة شيئا ترفضه، وبالتالي فالمغرب محترم لحقوق الإنسان في هذه الحالة، وإذا أرادت السيدة حيدر العودة عن غيها فلا أحد يمكنه أن يحرمها من جوازها. في العمق، نعلم جميعا أن هذه السيدة ولمدة طويلة من الزمن كانت تعبر بكل حرية عن آرائها، بل كانت تتحدى وهي موظفة في الوظيفة العمومية كل القوانين، وتتحدى السلطات الترابية بتنظيمها تظاهرات استفزازية ضدا على شعور كافة المواطنين والمواطنات، ولم يؤذها أحد. ومن بين مظاهر التحدي أنها ازدادت في جزء من المغرب حرر قبل 1975، وبالتالي ليس لها الحق في اتخاذ ما اتخذته من مواقف خاصة بقضية أقاليمنا، التي كانت ترزح تحت الاحتلال الإسباني إلى غاية سنة 1975. إن التراجيديا الهزلية التي تلعبها السيدة أميناتو حيدر لن تخدم مصلحتها ومصلحة أبنائها، إذ أصبح الحل بين يديها. بعبارة أخرى عليها أن تطلب رسميا استرداد جوازها، ولي اليقين أنه في هذه الحالة ستتم الاستجابة لطلبها. - تتعرض الصحف المستقلة في المغرب هذا العام لهجوم شرس من قبل الدولة، أسفر عن اعتقال صحافيين ومدونين وإيداعهم السجن وإغلاق صحف وتشريد عائلات، هل أنت متفق مع ما تضمنته تصريحات الأستاذ خالد الناصري، عضو الديوان السياسي لحزبكم ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، وهو يهاجم في مناسبات كثيرة الصحف المستقلة، أم إن لك رأيا آخر؟ - يقول المثل المغربي: "شوية من المحنة وشوية من الحروشية أو رطوبية اليد".. لا أظن أن الرفيق خالد الناصري، بوصفه وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، له شخصيا يد في ما تتعرض له الصحافة. إن الأمر يعني أساسا تجاوزات يقدم عليها بعض الصحفيين، وهذا يحدث لأن مهنة الصحافة لم تستطع إلى حد اليوم وضع ميثاق للأخلاقيات، ولو توفر هذا الميثاق لما حدث ما حدث، ويعني ذلك أن صاحب الكلمة الفصل في النزاعات التي تهم الصحافة هو القضاء، وبالتالي فكل إجراء لم يكن بأمر من القضاء فهو استبداد، وهذا مرفوض رفضا باتا. لذا أعتبر أن على جميع الفرقاء المعنيين بحرية الرأي والصحافة أن يلتقوا حول مائدة مستديرة ليضعوا أرضية مرضية للجميع، تعالج كل أنواع التجاوزات المحتملة من كل طرف. والرابح في الأخير سيكون هو حقوق الإنسان ووطننا.