يخسر المغرب مزيدا من رصيده الايجابي في ميدان الحريات العامة وحرية الصحافة والتعبير تحديدا ليحتل الرتبة 127 بين الدول التي لا تحترم حرية الصحافة. وتستند المنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بحقوق الانسان والحريات الى مسلسل المواجهات بين الدولة المغربية والصحافة والتي احتدت في الاشهر الاخيرة واسفرت عن اعتقال صحافيين والحكم على آخرين بالسجن موقوفة التنفيذ وغرامات باهظة بانتظار حكم يصدر يوم الجمعة يحمل مؤشرا على مزيد من التصعيد او الجنوح نحو الانفراج. وتعلن محكمة مغربية من الدرجة الاولى بالدارالبيضاء يوم الاثنين القادم الحكم في ملف صحيفة 'اخبار اليوم' المتابعة بسبب رسم للامير مولاي اسماعيل ابن عم الملك محمد السادس. وقررت الغرفة الجنحية بابتدائية الدارالبيضاء، مساء أمس الأول الإثنين، إدراج الملف الذي يتابع به توفيق بوعشرين مدير نشر يومية 'اخبار اليوم' بتهمة 'المشاركة في إهانة العلم الوطني'، وخالد كدار رسام الكاريكاتير بتهمة 'إهانة العلم الوطني' في المداولة والنطق بالحكم يوم الجمعة المقبل. وطالب دفاع المتهمين، خلال جلسة ببراءة بوعشرين وبكدار اللذين أكدا براءتهما مما نسب إليهما، بينما اعتبرت النيابة العامة أن التهمة ثابتة في حقهما. واثارت قضية صحيفة 'اخبار اليوم' استياء واسعا في الاوساط الصحافية والحقوقية ليس فقط بسبب المتابعة القضائية لبوعشرين وبكدار بل كون قرار السلطات صدر دون حكم قضائي باغلاق مقر الصحيفة والحجز على حسابها البنكي، بالاضافة الى قرار وزارة الداخلية بمتابعة جريدة 'أخبار اليوم' والقيام بحجزها، بسبب نشرها في عددها يوم 26 ايلول (سبتمبر) الماضي، رسما كاريكاتوريا له علاقة بالاحتفال بزفاف الامير مولاي اسماعيل تقول السلطات انه احتفال الاسرة الملكية بحدث له طابع خاص جدا. وقضت المحكمة الابتدائية بالرباط أمس الأول الاثنين بسنة حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة بعشرة آلاف درهم في حق مدير نشر صحيفة 'الجريدة الأولى' علي أنوزلا وبثلاثة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة مالية بخمسة آلاف درهم بحق الصحافية بشرى الضو. وتوبع علي أنوزلا وبشرى الضوو بتهمة 'نشر نبأ زائف بسوء نية وادعاءات ووقائع غير صحيحة والمشاركة في ذلك'، طبقا لقانون الصحافة. وكانت صحيفة 'الجريدة الأولى' قد نشرت في الصفحة الأولى من عددها الصادر بتاريخ 27 آب (اغسطس) الماضي تقريرا للصحافية بشرى الضو، حول الوعكة الصحية التي اصيب بها العاهل المغربي الملك محمد السادس. واكد أنوزلا في كلمته الاخيرة امام القاضي نفيه وجود سوء النية أو أية خلفية أخرى وراء ما كتب، وقال إن الاعتبارات المهنية هي التي تحكمت في كتابة الموضوع. ورفض الصحافيون والمحامون الحكم الصادر بحق انوزلا والضو باعتباره يحمل ادانة للصحافيين وقال أنوزلا، عقب صدور الحكم إن 'أي حكم يمس بحرية الأشخاص يعتبر جائرا'، مشيرا إلى أنه فوجئ بقرار المحكمة، في الوقت الذي كان يتوقع فيه إصدار حكم ببراءته'، التي سيسعى إلى الحصول عليها بعد استئناف الحكم. واصدرت نفس المحكمة قبل اسبوعين حكما بالسجن النافذ لمدة سنة بحق الصحافي ادريس شحتان مدير اسبوعية 'المشعل' وثلاثة اشهر بحق صحافيين اثنين اعدا ملفا حول مرض الملك كما استنطق صحافيون في اسبوعية 'الايام' اعدوا ملفا حول نفس الموضوع. ودعت النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى فتح ورش وطني من أجل وضع برنامج شامل لاحترام أخلاقيات المهنة وتطوير آليات التنظيم الداخلي لمراجعة وتقييم الأداء المهني في كل مؤسسات الصحافة والإعلام. وأكد المكتب التنفيذي للنقابة في بلاغ أصدره عقب اجتماعه على ضرورة إطلاق نقاش شامل داخل المؤسسات الإعلامية، لوضع الآليات الضرورية للسهر على احترام أخلاقيات المهنة وتطوير الديمقراطية الداخلية ومخاطبة الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في هذا الشأن. كما دعت النقابة إلى إطلاق ندوات في كل فروعها حول موضوع أخلاقيات المهنة وأهمية تقوية القيم المهنية ومبادئ الصحافة الأخلاقية. وقرر المكتب التنفيذي تنظيم حملة وطنية تحت شعار 'لا رجعة عن حرية الصحافة، نعم لأخلاقيات المهنة'. وسجلت النقابة 'بقلق بالغ ما آلت إليه الوضعية، والمتمثلة في إغلاق مقر جريدة (أخبار اليوم) واستعمال اجراءات استثنائية للزج بمدير جريدة (المشعل) إدريس شحتان، في السجن، بالإضافة إلى المبالغة في المتابعات والمحاكمات. وقالت 'إذا كانت نقابتنا لا تمانع في خضوع الصحافة والصحافيين للقانون، شأنهم في ذلك شأن كل المواطنين، فإنها تلاحظ أن القضاء لم يحترم هذا القانون في موضوع إغلاق جريدة (أخبار اليوم)'. واعتبر المكتب التنفيذي للنقابة أن الاستمرار في هذا النهج يشكل تهديدا للمكتسبات التي جعلت بلادنا تحظى بموقع متميز في لائحة البلدان التي تسير ضمن الديمقراطية وحقوق الإنسان. ودعت النقابة الى 'إعلان يوم الجمعة القادم يوم احتجاج وطني، عن طريق حمل الشارة من طرف كل الصحافيين في أماكن عملهم، للمطالبة بطي صفحة الخروقات القانونية والتجاوزات التي سجلت في الأسابيع الأخيرة ووقف المتابعات. واعتبرت 'هذا الاحتجاج استمرارا في المطالبة بفتح حوار وطني جدي وفاعل من أجل إصلاح قانون الصحافة ووضع آليات تنظيم وتطوير المهنة واحترام الأخلاقيات'. وقررت الاتصال بالأحزاب السياسية والفرق البرلمانية لتحمل مسؤوليتها تجاه تجميد أوراش إصلاح قانون الصحافة وكل القضايا الأخرى المرتبطة بهذا الإطار وفي إطار التعبير عن التضامن مع الصحافيين والعاملين في جريدة 'أخبار اليوم '، وذلك بتنظيم حملة جمع التبرعات بين أعضاء النقابة والمتعاطفين، تأكيدا على خطورة قرار إغلاق الجريدة، على المستوى الاجتماعي. وطالبت31 منظمة عضواً في منظمة ايفاكس و24 منظمة اخرى معنية بحرية الصحافة والتعبير وحقوق الانسان من الحكومة المغربية وقف الحملة الحالية ضد حرية الصحافة، والتي تعد الأعنف منذ تولي الملك 'محمد السادس' مقاليد الحكم قبل عشر سنوات. وقالت في بيان وزع بالمغرب ان الأشهر الثلاثة الأخيرة 'شهدت تصاعداً في الحملة ضد حرية الصحافة وان المحاكمات، الموجهة في الأساس إلى الصحف المستقلة في المغرب، تمثل تراجعاً خطيراً في حرية الصحافة المغربية، تكاد به أن تقضي على الهامش النسبي من حرية الصحافة في المغرب، وهو ما يمثل تهديداً لحرية الصحافة في المنطقة العربية بأسرها، نظرا لما كانت تمثله المغرب من نموذج قوي تحتذي به الصحف العربية'. وأدان الموقعون على البيان هذه المحاكمات 'لاسيما أنها تتم على خلفية سياسية، وندين التحرش المستمر بالصحافيين الذين يؤدون واجبهم المهني بنشرأمورٍ تعتبرها الحكومة المغربية تجاوزاً للخطوط الحمراء، مثل صحة الملك أو كشف وقائع فساد ٍ تهمّ الرأي العام. لذا، فإن المؤسسات العربية والدولية المدافعة عن حرية الصحافة وحرية التعبير، وهي تعلن تضامنها مع الصحف والصحافيين المغاربة التي تتعرض لهذه الملاحقات القانونية، تطالب الحكومة المغربية بوقف هذه الحملة ضد حرية الصحافة'.