إستنكرت مختلف وسائل الإعلام الإسبانية المرئية والمكتوبة منها، ما أجمعت على وصفه بتضييق السلطات الأمنية المغربية الخناق على حرية الرأي والتعبير، في الوقت الذي تسائل فيه صحفيين أخرين عن مستقبل الصحافة المستقلة ،في بلد لا يتوانى رجالاته بإدعاء الديمقراطية والحرية والتبشير بالعهد الجديد في واقع الأمر، لايحتاج الحدث في المغرب الاّ دقائق معدودة حتى يصبح خبرا تتناوله جميع الوكالات الإخبارية في الضفة الأخرى ،وتتناوب على نشره مختلف المواقع الإلكترونية بسرعة الضوء 0 وتختلف في تحليل عناصره ،ثارةً بإختلاف توجهاتهم ومشاربهم الفكرية، أو بإختلاف خطهم التحريري ثارةً أخرى0 مباشرة عقب صدور بيان من وزارة الداخلية المغربية يتهم فيه صحيفة 'أخباراليوم' المستقلة (بما اعتبره) 'مسا صارخا بالاحترام الواجب لأحد أفراد الأسرة الملكية' ،من خلال نشرها في عددها الأسبوعي ليومي 26 و27 شتنبر 'رسما كاريكاتوريا له علاقة باحتفال الأسرة الملكية بحدث له 'طابع خاص جدا'، وإتهام الرسام الكاريكاتوري خالد كدار باستعمال العلم الوطني 'بنية مغرضة'،الشيء الذي أعتبر حسب تأويلهم 'مسا برمز من رموز الأمة من خلال إهانة شعار المملكة'.مع استعمال نجمة داوود في الرسم الكاريكاتوري و'إثارت تساؤلات حول تلميحات أصحابه،التي تكشف عن توجهات مكشوفة لمعاداة السامية' حسب بلاغ الداخلية0 كانت هذه الرزمة من الإتهامات كافية لتجعل من الحدث خبرا طريفا، ربما بطرافة طبيعة الإتهامات، وقد تنأى بعض المنابرالإعلامية عن تداوله حتى إشعارٍ أخر0 إشعارٌ لم يتأخر طويلاً كالمعتاد، فسرعان ما أقدم رجال الأمن والشرطة على إغلاق ومحاصرة مقر الرباطوالدارالبيضاء ومنع مدير نشر ورئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم، والعشرات من الموظفين من دخول مكاتب الصحيفة0 فأصبح معه الخبر مادةً دسمة للجرائد والمجلات الإسبانية بإمتياز، وحدثٌ له طابع خاص' جدا' في مسيرة الصحافة المغربية وأخواتها في إسبانيا0 فكتب 'إغناسيو سامبريرس' لجريدة 'إلباييس'الإسبانية معلقاً عن اغلاق الجريدة' يبدو أن الأيام الأولى من شهر الخريف، َتشْهَدُ على أن السلطات الأمنية المغربية قررت إعطاء منعطفا جديدا من أجل تقييد حرية الصحافة، كما إستغرب الكاتب الإسباني من سرعة تطبيق الإجراأت الأمنية ومحاصرة مقر الجريدة قبل صدور الحكم القضائي، وتخلص 'إلباييس' إلى طرح تساؤلات حول مستقبل الحريات الإعلامية في ظل المواجهات المفتوحة لسلطة مع باقي الجرائد والمجلات المغربية المستقلة،و أخرها متابعة 'الجريدة الأولى' قبل ذلك،في 29 يونيو،بعدما أمرت محكمة الدارالبيضاء الجريدة إضافة إلى جريدتين أخريين بدفع غرامة قدرها 100 ألف درهم (12.484 دولار أمريكي) ومليون درهم (125.213 دولار أمريكي) كتعويض عن الأضرار لصالح الزعيم الليبي معمر القذافي بعد نشرهما لمقالات تنتقد الزعيم في عام 2008 وأوائل عام 2009 0 و إنتقدت جريدة 'إلموندو' ،و' َلبيرداد'(الحقيقة) ،والقناة الإسبانية الخامسة 'الأكثر مشاهدة داخل إسبانيا' وعدد كبير من المواقع الإخبارية الإسبانية، قرار مصادرة الجريدة والحجر على مقرها الرئيس بالدارالبيضاء، و تستغرب من سرعة إغلاق الجريدة دون الحصول على أمر قضائي بذلك، في ظل الحديث عن المشروع الملكي الجديد باصلاح الحقل القضائي بالمغرب، لتخلص في النهاية إلى أن سياسة الأمر الواقع وتنفيد الأوامر الأمنية، إذا ماتعلق الأمر باحد الرموز'المقدسة' في هرم النظام أو أحد الشخصيات النافدة في السلطة،لايحتاج إلا أقل من إشارة هاتفية، فيصبح أمراً كان مقضيا0 وفي لقاء مع السيد كمال الرحموني رئيس 'جمعية العمال المهاجرين باسبانيا' (أتيمي)، أكد لنا هذا الأخير متابعة مركزية الجمعية بمدريد لتطورات الموقف باهتمام ،وعن قرب إعلان بيانها الرسمي لتوضيح موقفها من قضية إغلاق الصحيفة0 في حين عبرت بعض الجمعيات المغربية والإسلامية وعدد من المهاجرين المقيمين باسبانيا عن بالغ أسفهم وإستنكارهم لأسلوب المقاربات الأمنية في التعاطي مع الصحافة المستقلة ،ونبذ الرأي الأخر وهيمنة الفكر الأحادي التوجه،في مثل هذه الأحداث، التي تعيد الذاكرة المغربية إلى مرحلة كان شعارها 'لاصوت يعلو فوق صوت السلطة' و'لاأريكم إلاَّ ماأرى' 0 هشام الزيتوني إسبانيا