الأزمة وحرب الأعصاب كان لهما موعد مؤجل، تاريخه يوم الأحد 30 ماي الماضي. الجلسة العامة الثانية المبرمجة في هذا المؤتمر كان يفترض أن تنعقد في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، من أجل المصادقة على تشكيلة اللجنة المركزية، والمرور إلى انتخاب الأمين العام الجديد. لكن كل شيء كان يوحي بألا شيء من ذلك سيتحقق في حينه. اقتراع سري انطلق حوالي الساعة السادسة صباحا من يوم الاثنين، وحده حسم شهورا من الصراع والتنافس بين نبيل بنعبد الله ومحمد سعيد السعدي. مجلس «الحكماء» قبل التصويت على المرشح الذي سيخلف العلوي، تم التصديق على تركيبة مجلس الرئاسة المشكل من عشرة أعضاء، وهم على التوالي: إسماعيل العلوي، محمد مشارك، محمد بن بلا، رحال الزكراوي، محمد كرين، النقيب عبد العزيز زاكور، المحجوب لكواري، الطيب الشكيلي، عمر الفاسي الفهري، عبد المجيد دوييب. برلمان على المقاس الصيني بعدما بدا للجميع أن الأمور تسير عكس ما هو مسطر لتقليص عدد أعضاء اللجنة المركزية، تندر البعض بالقول إنها ستصبح أكبر لجنة مركزية على الإطلاق، بل شبهها البعض بلجنة مركزية للحزب الشيوعي الصيني، حيث كثر القيل والقال حول المستفيد من توسيع حجم المنتخبين للجنة المركزية، لكن المرشحين الثلاثة لخلافة إسماعيل العلوي رفضوا تلك التهم، وأكدوا جميعهم، وهم يقومون بحملة انتخابية، أن أمر توسيع حجم اللجنة المركزية راجع إلى ضغوطات مسؤولي فروع الحزب لا غير. الترشح برفع الأيدي تقدمت رئاسة المؤتمر بطلب لدى أعضاء اللجنة المركزية برفع أيديهم في حالة التعبير عن الترشح لمنصب الأمين العام للحزب، فكان سعيد السعدي أول من رفع يده، تلاه محمد نبيل بنعبد الله فعبد الحفيظ ولعلو، وكانت كل التجمعات الصغرى التي عقدت من قبل المؤتمرين، والمنتخبين باللجنة المركزية، قد أكدت احتدام التنافس بين بنعبد الله والسعدي، فيما ظل ولعلو وحيدا بدون مساندة. السعدي باغي يقطع الصباط انطلق التصويت على الساعة الرابعة من صباح أمس إلى حدود الثامنة، حيث تسربت أخبار عن فوز محتمل لبنعبد الله، بفارق نقاط عن خصمه السعدي، الذي كان وعد مناضلي الحزب باللهجة العامية «بتشريك السباط من أجلهم»، في حين كان بنعبد الله هادئا، يتحدث بين الفينة والأخرى دون اكتراث، وحظي الاثنان بالتفاتة من قبل المؤتمرين، الذين أخذوا وإياهم صورا للذكرى، كما هو شأن باقي الأعضاء، وعلى رأسهم العلوي وخالد الناصري، وزير الاتصال، ونزهة الصقلي، وزيرة الأسرة والتضامن. الرفاق يصلون لم يفت المؤتمرين أداء الصلاة بكثافة إما جماعة أو فرادى، في قاعة خصصت لذلك بمقر المؤتمر، سواء الذين حضروا باللباس التقليدي أو العصري، منتخبين محليين أو برلمانيين أو مجرد أعضاء، لا فرق. وصية مولاي إسماعيل قال العلوي في كلمة مؤثرة: «إن الحزب عاش درسا في الديمقراطية، من خلال الانضباط الذي برهن عليه المتنافسون»، ناصحا خلفه بنعبد الله بتدبير جماعي للحزب مع كل رفاقه، مهما اختلف معهم في المواقف، معتبرا أن ذكاءه وحنكته سيساعدانه على النجاح .