كل شيء في محيط المركب الدولي مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، كان يوحي باحتضان المركز لمؤتمر كبير. الساحة المقابلة للمقر الذي احتضن مؤتمر الرفاق تزدحم بالسيارات، وفود من جميع المدن والمناطق تصل تباعا، الضيوف يتبادلون التحية بعبارة «الرفيق» و«الرفيقة»، وشارة النصر تكفي لتبادل التحية من بعيد. الرابعة بعد زوال يوم الجمعة الماضي، موعد حلت فيه سيارات من نوع خاص، «مرسديس» فارهة تدخل من بوابة المركب، فينزل منها عباس الفاسي، الوزير الأول والأمين العام لحزب الاستقلال وزعيم «الأغلبية»، قبله كان عبد الواحد الراضي، زعيم الاتحاد الاشتراكي ورئيس مجلس النواب، قد دخل إلى قاعة الاستقبال. الاستقلالي سعد العلمي لم يخلف الموعد، وبعده تصل سيارة «بي إم» وعلى متنها وزير العلاقات مع البرلمان، الاتحادي إدريس لشكر. «الزايغ»، المحجوبي أحرضان، يصل رفقة «ابنه» الروحي، الأمين العام للحركة الشعبية ووزير الدولة، امحند العنصر. فيما رئيس المجلس الملكي الاستشاري لحقوق الإنسان، أحمد احرزني، يتقدم نحو باب قاعة الاستقبال ببطء متكئا على عصاه، وهو الذي يحتفل بالذكرى العشرين لتأسيس المجلس. اليازغي وبيد الله والخياري والأشعري وأنيس بيرو ومحمد عامر وآيت ايدر وجمال الدين الناجي... جمع غفير من الأعيرة الثقيلة يغادرون قاعة الاستقبال ويدلفون إلى الخيمة العملاقة التي نصبها المنظمون في إحدى الساحات. الأجواء تبدو في البداية احتفالية أكثر منها «صراعية».. نبيل بنعبد الله في حيوية ونشاط وسعادة ظاهرة، يوزع الابتسامات ولا يتردد في احتضان من يطلبون التقاط صورة معه ويتبادل القفشات معهم، فيما منافسه على الأمانة العامة للحزب، سعيد السعدي، يبدو معتمدا على العمل في الكواليس أكثر من أسلوب المشاهير الذي يميز بنعبد الله. مجموعة من الأطفال يلبسون زيا موحدا ويقفون في آخر الخيمة في انتظار المناداة عليهم للوقوف في المنصة، وأداء أغنية جماعية بطريقة «البلاي باك». استنفار كبير من أجل الحفاظ على عشرات المقاعد أمام المنصة محجوزة للضيوف الكبار والصحافيين. أجانب أغلبهم بملامح آسيوية يؤثثون الفضاء، يتقدمهم الجزائري الحسين آيت أحمد وممثلون عن حركة فتح الفلسطينية والأحزاب الشيوعية للبنان وسوريا والعراق، بالإضافة إلى «الحزب الشيوعي الصيني العظيم»، ونظيريه الفيتنامي والياباني. وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، يبدو أقل تجهما وأكثر بشاشة، وزميلته في الحكومة، نزهة الصقلي، لا تخفي دعمها وحشدها للتأييد لفائدة نبيل بنعبد الله.. كل شيء أشار منذ البداية إلى أن المؤتمر سيكون استثنائيا ومفتقرا إلى لمسة الإجماع السحرية. «أيها الرفيقات العزيزات، أيها الرفاق الأعزاء، لنكن في مستوى الأمانة التي طوقنا بها الرفيقات والرفاق الذين انتدبونا، والرفاق الذين أسسوا الحزب ورعوه وحافظوا عليه وضحوا بالغالي والنفيس من أجله... لنحرص على وحدة الصف، وتفادي كل تشنج أو انفعال، لأن قرة أعيننا هو تنظيمنا وتماسكنا... ومن أجل تعزيز هذا التنظيم، وتقوية هذا التماسك فليتنافس المتنافسون»، يقول إسماعيل العلوي في الفقرة الأخيرة من كلمته الافتتاحية، معبرا عن مدى خوفه من خروج منافسة بنعبد الله والسعدي عن السيطرة، في حمأة التسابق نحو تأييد أغلبية من بين 2200 مؤتمر.