نظمت التنسيقية العامة للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، صبيحة يوم أمس بالدار البيضاء، لقاء حول «نظم تقييم جودة وسائل الإعلام» حضره بعض مدراء الجرائد، وبعض الصحافيين والأطر إلى جانب جمال الدين ناجي المنسق العام للحوار، بالإضافة إلى خبراء من مؤسسة «الإعلام والمجتمع» من جنيف، على رأسهم آلان مودو، أحد مؤسسي المنظمة السويسرية، والذي أكد في بداية مداخلته أن «الشفافية هي الحل في سوء الفهم ما بين الدولة والصحافة». الخبراء الذين استدعاهم الناجي لتقديم خبرتهم في الموضوع اقترحوا على المغاربة نظاما لتقييم وسائل الإعلام يدعى «إيزا» شبيه بنظام «إيزو 9001» الذي تتسابق الشركات العالمية اليوم للحصول على طابعه، والذي صار مرادفا للجودة العالمية، هكذا يقترح آلان مودو وابنته ماغالي مودو اللذان أشرفا على الورشة على مدراء وسائل الإعلام معايير لتدخل جرائدهم ومجلاتهم وإذاعاتهم إلى نظام الجودة، «وذلك بشرط أن تكون الدولة بعيدة عن هذا التقييم، وأن لا يكون لها دور في منح رخصة إيزا من عدمه، لذلك اخترنا أن يكون مقر المنظمة في نيويورك». وهكذا فإن المعيار الذي سيجعل جريدة أكثر جودة من جريدة أخرى، حسب المتدخلين، هو مدى احترامها لمعايير دقيقة يفرضها هذا النظام على رأسها مدى احترام وسيلة إعلام لخطها التحريري. وفي هذا الصدد تقول ماغالي مودو إن: «الجرائد لن تكون مطالبة بتنفيذ أشياء غير تلك التي التزمت بها»، ويركز الخبراء، من جهة أخرى، في مسألة تقييم جودة وسيلة الإعلام، على عملية تسويق وسيلة الإعلام، وهل تحترم وسائل الإعلام الأهداف التي وضعتها وخطها التحريري، ومدى تمسكها بالتعددية ومصداقية أخبارها، في حين تؤكد ماغالي أن هناك عاملا أساسيا آخر لمنح علامة الجودة الإعلامية «إيزا»، وهي مدى قدرة وسيلة الإعلام على الاستمرارية، وهو ما سيفرض على حوار الناجي فيما بعد البت في موضوع الغرامات المالية الخيالية التي يحكم بها بعض قضاة المملكة، التي تقتل الصحف المغربية. جدل آخر فرضه مقترح نظام «إيزا» لتقييم جودة وسائل الإعلامية المغربية، وهو «إمكانية السقوط في الرقابة على الصحافيين بمعايير معينة للكتابة يفرضها هذا النظام»، وهو ما نفته كل من ماغالي مودو ووالدها آلان مودو، حيث أكدا أن «نظام تقييم الجودة العالمي لا يتدخل في محتوى المقالات الصحافية، فيمكن أن يكون لك أحس المواد الصحافية لكن لديك مشكلة التسويق، أو التوزيع أو الطبع.. أو لديك مشكل في تشبيب فريقك الصحافي»، واستطردت ماغالي مودو قائلة: «لا يمكن أن نسقط في الرقابة، ولكن نظام الجودة هذا يقيم فقط من خلال مراقبة مدى التزام المطبوعة بالأشياء التي التزمت بها هي، فليس نحن من سيعلم الصحافيين كتابة مقال سليم، لكن التكوين المستمر هو عامل من عوامل تقييم الجودة». من جهة أخرى، ركز الخبراء السويسريون المتدخلون في لقاء تنسيقية الحوار الوطني على أهمية الصفحة الإلكترونية لأية جريدة أو مطبوعة في منحها طابع الجودة العالمي «إيزا»، حيث كشفت المتدخلة ماغالي مودو أن «العديد من وسائل الإعلام لا تعير اهتماما لتناسق محتوى ما ينشر في الورق وما ينشر على الصفحة الإلكترونية». وقدمت، في هذا الصدد، نماذج لحالات عامة لتعامل وسائل الإعلام في العالم مع صفحة الويب، حيث إن بعض مدراء الجرائد لم يقتنعوا بعد بأن الصفحة الإلكترونية تحتاج إلى فريق صحافي «وليس إلى ويب ماستر دوره إدخال المواد إلى الموقع الإلكتروني». للإشارة سيستمر الحوار الوطني للإعلام والمجتمع، يومه الجمعة، بلقاء رسمي آخر، هذه المرة داخل قبة البرلمان سيكون موضوعه «الثقافة والإعلام»، واستدعي إليه العديد من المثقفين والفنانين والفاعلين الثقافيين، وقال جمال لدين الناجي أن ذلك «يأتي استمرارا لجلسات الحوار الوطني وتحقيقا لأهدافه»، والتي تلخصها أرضية الحوار الوطني في: مأسسة وإثمار علاقات حوار دائمة ومنظمة وهادئة بين عالم الإعلام والفاعلين المؤسساتيين في الحياة الديمقراطية التي تحصرها أرضية الحوار في البرلمان والحكومة والقضاء.