نامت مدينة قصبة تادلة الجمعة الماضية، على هوس الانشغال بالمباراة التي سيخوضها فريقها أمام نهضة سطات، وصعود فريقها الشاب إلى المجموعة الوطنية الأولى بالقسم، وكيفية الاحتفال بهذا الصعود الذي يعني الشيء الكثير لمدينة صغيرة، ولسكانها، الذين باتوا منذ الآن يرددون أسماء الفرق المغربية الكبيرة التي ستحل ضيوفا عليهم، خصوصا الرجاء والوداد. منذ الساعات الباكرة من صباح أول أمس السبت، استفاق جمهور شباب قصبة تادلة، وتعبأ الجميع للاحتفال بصعود الفريق، أولا بالملعب الشرفي بمدينة بني ملال، عاصمة جهة تادلا أزيلال، والتي تبعد عن مدينة قصبة تادلة بحوالي اثنين وثلاثين كيلومترا، وثانيا بمدينة القصبة رفقة سكان المدينة. توجهت اثنتا عشر حافلة، والعشرات من سيارات الأجرة، والسيارات الخاصة، صوب الملعب الشرفي بمدينة بني ملال، وتكفلت جمعية «ديما ديما تادلة»، بتأطير الجمهور التادلاوي، وحثه على التشجيع والاحتفال دون سب أوشتم أو شغب، كما وزعت عليهم العديد من وسائل التشجيع. قبل انطلاق المباراة التي جمعت شباب قصبة تادلة، بنهضة سطات، برسم الجولة السادسة والثلاثين من بطولة القسم الثاني، بساعات، كانت الجماهير التادلاوية، تؤثت فضاء ملعب بني ملال، تغني وترقص على إيقاع بعض الأغاني الشعبية المحلية، ذات النكهة الأمازيغية، مصرة على أن تصدح بقوة فريقها، وبحقه في تحقيق الصعود. ولم يكن الجمهور التادلاوي لأول مرة متفاعلا مع مجريات اللعب داخل رقعة المستطيل الأخضروتداعياته، بل كان منهمكا في تقديم فقرات احتفالية، زاد من زخمها الهدف الذي سجله محمد أبو القاسم، هداف الفريق التادلاوي، في الدقيقة الثانية والثلاثين، من زمن المباراة، إذ أجج مشاعر الفرح والاحتفال لدى الجمهور التادلاوي، الذي ما إن أطلق محمد أخوربي، حكم الوسط الذي قاد هذه المباراة، العنان لصافرة النهاية، حتى انتابت الجماهير التادلاوية فرحة هيستيرية، دخلوا على إثرها أرضية الملعب، وشرعوا في الرقص والاحتفال بالمدرب عبد المالك العزيز، وباللاعبين، وبمحمد علي بوراس، رئيس الفريق، وحملوهم على الأكتاف، وجابوا بهم الملعب الشرفي ببني ملال، الذي كان فأل خير على ممثل القصبة الإسماعيلية. بعد ذلك بساعة فقط، كانت الطريق الوطنية الرابطة بين مدينتي بني ملال وقصبة تادلة، عاجزة عن استيعاب الكم الهائل من السيارات والدراجات النارية، التي كانت تتوجه لمعقل الفريق، وهي تنشد الأغاني والأهازيج، بفرحة هيستيرية، استقبلتهم بها أيضا ساكنة المدينة، على تخوم قنطرة نهر أم الربيع، بمدخل المدينة. فرحة واحتفالات جنونية، غمرت سكان قصبة تادلة، بل إن بعض الشيوخ والنساء بالمدينة أضحوا يرددون لا زمة واحدة «تادلة طلعات»، دون أن يعرفوا حتى مجال هذا « الطلوع»، أهو الكرة، أم شيء آخر. على إيقاع هذه اللازمة «تادلة طلعات»، واصلت الجماهير التادلاوية احتفالاتها حتى ساعات متأخرة من صباح أمس الأحد، في أفق احتفالات أخرى ستشهدها مدينة القصبة، التي كانت لسنوات عديدة تنام على هوس السياسة، والطليعة، والشبيبة الاتحادية، لتستفيق اليوم، وتعاود النوم على انشغال جديد، جميل وممتع ومفرح، عنوانه العريض: مدينة قصبة تادلة ستصبح مدينة معروفة بفضل كرة القدم، وليست السياسة.