طوابير كبيرة من الناس اصطفت أمام بوابة المعرض الدولي المقابلة لخزانة مسجد الحسن الثاني، عصر أول أمس الاثنين. شباب ونساء ورجال صحبة أطفالهم من مختلف الطبقات الاجتماعية.. كانوا يتدافعون أمام البوابة الرئيسية في انتظار أن تحين أدوارهم لدفع ثمن تذكرة الدخول إلى أروقة المعرض الدولي للسيارات في دورته السابعة. كنت أنتظر هذه الفرصة بشغف كبير.."، الكلام للسيدة زهرة (46 سنة)، التي تؤكد أنها جاءت من مدينة بوزنيقة. ذلك أن المعرض بالنسبة إليها يشكل فرصة ثمينة لاختيار سيارة تناسب إمكانياتها كموظفة بسيطة بشركة خاصة. تقول موضحة، وهي ترمق بإعجاب إحدى السيارات المعروضة برواق شركة "داسيا": "اقتناء سيارة من المعرض سيعفيني من الكثير من المصاريف، أولها أنني سأستفيد من التخفيض ثم سأحصل على قرض مجاني..". هنا توقفت زهرة عن الكلام لتتوجه رفقة أختها رشيدة صوب سيارة "داستر" رباعية الدفع، التي استقرت عليها عيونهما، لتبدآ معاينتها عن قرب.. لكن سرعان ما انصرفتا عنها بمجرد ما اطلعتا على ثمنها "الباهظ" المدون على اللوحة الخاصة بها. غلاء الأسعار في تلك الأثناء تدخلت إحدى ممثلي شركة "داسيا" لتوضح للزائرتين أن هذه السيارة الجديدة، التي يبلغ طولها 4,31 أمتار وعرضها 1,82 متر، حديثة الصنع وتعرض للمرة الأولى وثمنها مناسب جدا. لكن الزائرتين غيرتا وجهتهما وهما ترددان: "سي تغو شيغ...". على غرار زهرة وأختها، اشتكى أيضا أحمد (35 سنة)، الذي كان يتجول في أروقة المعرض رفقة زوجته، من غلاء أسعار السيارات، مؤكدا أنه كان يتوقع أن يجد هنا أسعارا مشجعة على الشراء. كان أحمد في كل مرة تقع عيناه على أثمنة السيارات المعروضة ينظر في اتجاه زوجته وهو يحرك إحدى يديه ويصدر صفيرا للتعبير عن غلاء الأسعار... غير أن علاء، أحد ممثلي شركة "رونو"، يؤكد أن أثمنة الموديلات الجديدة التي تعرض لأول مرة هي في متناول الزبناء وليست مرتفعة كثيرا، مستدلا على ذلك بكون الشركة نجحت في توقيع عدة عقود بيع خلال اليومين الأولين من بداية المعرض. ويضيف علاء (شاب في العشرينات من عمره) وهو يعدل ربطة عنقه التي تحمل شعار الشركة التي يمثلها: "شركتنا تقدم عدة تسهيلات لزبائنها، إذ بالإضافة إلى تخفيض الأسعار هناك أيضا إمكانية الحصول على قروض مجانية". عروض مغرية يقول زياد، الذي صادفناه يتجول بأحد الأروقة، وهو منعش عقاري ينيف عمره عن الخمسين سنة، إنه جاء من مدينة سطات من أجل اقتناء سيارة تناسب المبلغ الذي يتوفر عليه، وهو 65 ألف درهم، لكنه عبر عن حيرته في الاختيار بسبب وفرة العرض، ويقول إنه لذلك أحضر معه أحد أصدقائه لكي يساعده على اختيار "الحديدة" (أي السيارة) المناسبة. ارتفاع أسعار السيارات يعزوه شريف رغوح، أحد ممثلي شركة "طويوطا"، إلى تأثر السوق المغربية بالأزمة الاقتصادية التي أدت، حسبه، إلى ركود في سوق السيارات. ويوضح شريف مدى تأثر السوق ب"لاكريز" بقوله: "إن شركتنا مثلا كانت تبيع قبل سنتين حوالي 800 سيارة في الشهر، لكن الرقم تراجع اليوم إلى 400 فقط بسبب الركود". وإذا كان عدد الشركات العارضة للسيارات يفوق بكثير عدد شركات الدراجات النارية، فإن المهدي، ممثل شركة "موريال موتورز"، يقول إن هدف شركته هو تشجيع المغاربة على اقتناء الدراجات النارية بدل السيارات التي تلوث –حسبه- الهواء وتتسبب في ازدحام الشوارع والأزقة... ويضيف المهدي أن الشركة عمدت إلى تخفيض الأسعار بشكل قياسي، مقارنة مع الأيام العادية، وذلك لكسب الزبائن، غير أن عددا ممن التقتهم "أخبار اليوم" بهذا الرواق أشاروا إلى أن أثمنة الدراجات المعروضة لا تناسب تطلعاتهم. لي ما شرا يتنزّه في زاوية أخرى من المعرض الشاسع الذي تعرض به أزيد من 60 شركة عالمية آخر منتجاتها، لم يستطع كريم مقاومة بريق إحدى السيارات التي تعرضها شركة "رونو"، فتوجه نحوها ثم فتح بابها وقفز إلى مقصورة القيادة وشرع يتفحص "إكسسواراتها" بإعجاب واندهاش بالغين.. قبل أن يخرج من جيبه هاتفه المحمول ويطلب من أحد الزوار أن يلتقط له صورا وهو داخل السيارة. برأي كريم (مستخدم بشركة، 34 سنة)، الذي جاء ليتجول في أروقة المعرض، فإن أغلب زوار المعرض الدولي للسيارات والدراجات النارية ينشدون المثل الشعبي القائل: "لي ما شرا يتنزّه"، مشيرا إلى أنهم يأتون إلى المعرض فقط لإشباع رغباتهم بالتملي في مختلف أنواع السيارات التي لا يحلمون بامتلاكها يوما. وهو ما يؤكده فؤاد، أحد ممثلي شركة "فولسفاغن"، حيث قال إن أغلب الزوار يأتون فقط لأخذ صور تذكارية مع السيارات للتباهي بها أمام أصدقائهم ومعارفهم. أمام سيارة مكشوفة يقف عدد من الزوار، نساء ورجالا وأطفالا، ينظرون إليها بإعجاب وينتظرون تباعا أن تحين أدوارهم لركوبها. وعاد فؤاد ليضيف، مبديا تضايقه من الأمر: "في الواقع لا نسمح بركوب السيارة إلا للراغب في شرائها، لكننا لا نستطيع منع أحد إذا رغب في أخذ صورة تذكارية فقط..". فرص ذهبية داخل المعرض يلتقي الزوار عددا من الفتيات الجميلات، يمددنهم، وهن يرسمن على أفواههن ابتسامات عريضة، بأوراق ومطويات إشهارية لمختلف شركات القروض والتأمين. فإذا كان موزعو السيارات يغتنمون فرصة المعرض الدولي لتقديم آخر مستجداتهم، فإن شركات التمويل، كما التأمين، تعتبره فرصة ذهبية من أجل كسب المزيد من الزبائن، من خلال إعلان عروض تتماشى مع متطلبات الزبناء. وتعد شركات التمويل إحدى أهم الحلقات في سلسلة مراحل اقتناء السيارات. حيث أكد العديد من الزوار الذين التقتهم "أخبار اليوم" أنهم ينوون الاقتناء بواسطة القروض التي توفرها لهم هذه الشركات. وحسب التقرير الأخير للجمعية المهنية لشركات التمويل، فإن حجم القروض الممنوحة من أجل تمويل اقتناء السيارات الشخصية وصل، سنة 2008، إلى مليار و389 مليون درهم، مع الإشارة إلى أن هذا الرقم أقل من الذي تم تسجيله خلال سنتين قبل ذلك، إذ ناهز سنة 2006 مليارا و679 مليون درهم، ومليارا و560 مليون درهم نهاية سنة 2007.