يوجد المغرب بين الدول التي تفرض فيها الحكومات أشد القيود على الحرية الدينية، حسب تقرير ل"منتدى بيو (PEW) للديانة والحياة العامة"، وهو منظمة أمريكية غير حكومية مؤثرة جدا. ويوجد المغرب في خانة البلدان التي يعتبر فيها التشدد الحكومي تجاه الحريات الدينية "عاليا"، إلى جانب 33 بلدا آخر من بينها السودان وسوريا وأفغانستان وباكستان وتونس والجزائر... ووفقا لتقرير "منتدى بيو"، وهو خلاصة لدراسة أجراها في كل بلدان العالم ما بين 2006 و2008، فإن الوضع في المغرب لا يفوقه سوءا في مجال "القيود الحكومية" على الممارسة الدينية سوى 10 بلدان، على رأسها السعودية وإيران والصين ومصر. وحتى على الصعيد العربي فإن المغرب يعتبر بين الدول الأكثر تشددا في ما يتعلق بممارسة الشعائر الدينية. وحسب التنقيط الذي أنجزته المنظمة الأمريكية، فقد حلت بلادنا في المرتبة الخامسة بعد السعودية التي تفرض أكثر القيود تشددا على الممارسة الدينية في العالم ومصر ثم الجزائر فالسودان. ويأتي هذا التقرير بعد نحو شهرين فقط على صدور التقرير الأمريكي حول حرية الممارسة الدينية في العالم لسنة 2009، الذي أقر بأن المغرب استمر خلال هذه السنة "بشكل متقطع في فرض القيود القانونية القائمة على الحرية الدينية". وبنى "منتدى بيو" تقييمه لدرجة القيود الحكومية على عدة معايير، منها حظر البعثات التبشيرية الأجنبية أو التضييق عليها؛ عدم السماح للجماعات الدينية بالدعوة إلى اعتناقها، التمييز في المنح الحكومية التي يتم رصدها للجماعات الدينية. ويقول الأستاذ محمد سروتي، وهو باحث مختص في دراسة الأديان، إن التشريع المغربي يجرم اعتناق المغربي المسلم لدين آخر غير الإسلام، ويضيف سروتي، الباحث بمركز الدراسات والبحوث الاجتماعية بوجدة، أن الفصول 220 إلى 224 من القانون الجنائي المغربي تعاقب كل من يدعو إلى دين غير الإسلام أو "يستخدم التحريض على زعزعة إيمان مسلم أو إدخاله إلى دين آخر" بالحبس ما بين 3 إلى 6 أشهر وغرامة مالية تصل إلى 500 درهم. ولكن سروتي ينبه إلى أن تطبيق هذه الفصول القانونية يصطدم ب"صعوبة الإثبات". وتلجأ البعثات التبشيرية إلى العمل السري في المغرب، ولكن السلطات تقوم بين الفينة والأخرى بتفكيك بعضها. ويقول الباحث المغربي إن هذه السلطات تحاول ما أمكن عدم إثارة ضجة إعلامية كلما فككت شبكة تبشيرية، وتحاول بذلك تجنب الإشارة إليها بشكل سلبي جدا في التقارير الدولية التي ترصد الحريات الدينية في العالم. ولهذا فإن السلطات، حسب سروتي، غالبا ما تقوم بترحيل المبشرين ساعات فقط بعد ضبطهم. بالمقابل، يقول تقرير الخارجية الأمريكية حول حرية الممارسة الدينية بالعالم لسنة 2009، الصادر في أكتوبر الماضي، إن المبشرين "الذين يمتنعون عن التبشير ويتصرفون وفقا لتوقعات المجتمع لا تقابلهم أية عراقيل". كما يشير هذا التقرير إلى أن الحكومة المغربية "تسمح بعرض وبيع الأناجيل باللغة الفرنسية والإنجليزية والإسبانية"، أما الترجمات العربية فهي "متاحة للبيع في مكتبات محددة". إلى جانب معيار "القيود الحكومية"، اعتمد "منتدى بيو" في تصنيفه للحرية الدينية في العالم على معيار "العداوة الاجتماعية"، وجاء المغرب في خانة البلدان "المتوسطة". ويشمل هذا المعيار الممارسات الاجتماعية والتمييز وحتى العنف الناتج عن عدم قبول دين الآخر؛ أو التوتر الذي ينشأ بين مختلف الجماعات الدينية وكذلك استعمال الإكراه لإرغام الأفراد على اعتناق دين معين. وإذا كانت العداوة الظاهرة تغيب نسبيا في المغرب تجاه معتنقي الديانات الأخرى، فإن سروتي يرى أن هؤلاء يعيشون مع ذلك نوعا من "التهميش" وينظر إليهم بريبة واضحة. وحسب التقرير الأمريكي، يوجد في المغرب حوالي 3.000 إلى 4.000 يهودي. وتتألف الطائفة المغتربة المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية من حوالي 5.000 عضو ممارس، بالرغم من أن بعض التقديرات ترتفع إلى 25.000. ويقيم معظم المسيحيين المغتربين في المناطق الحضرية بالدار البيضاء والرباط. ويقدر القادة المسيحيون المحليون أن هناك 4.000 من المواطنين المسيحيين الذين يواظبون على الذهاب إلى الكنائس ويعيش أغلبهم في الجنوب. ويقدر القادة المسيحيون المحليون أنه قد يكون هناك ما يصل إلى 8.000 مسيحي في جميع أنحاء البلاد الذين يمارسون الديانة المسيحية، لكنهم لا يجتمعون بانتظام لأنهم يخشون من الرقابة الحكومية والاضطهاد الاجتماعي. وهناك ما يقدر ب3.000 إلى 8.000 من المسلمين الشيعة، ومعظمهم وافدون من لبنان أو العراق، ولكن هناك أيضا أقلية من المغاربة الذين اعتنقوا المذهب الشيعي. ووفقاً للتقرير فإن عدة آلاف من المغاربة الذين يقيمون حالياً في أوربا اعتنقوا المذهب الشيعي، أما متبعو الطائفة البهائية فيقدر عددهم بما بين 350 و400 شخص.