رقصت مواقع التواصل الاجتماعي، والجرائد الاليكترونية والورقية منذ أسابيع على نغمات الشريط الإباحي الجنسي، و الذي كانت ضحيته ابنة الثالثة عشرة سنة التي بات اسمها مقترنا بالعطر البخاخ ، الذي جعلها محط استهزاء وسخرية فئة من الشباب من رواد وسائل التواصل الاجتماعي . فلم نكد نخلص من قصة "ثمانية" حتى جاءتنا "ريكسونا" لتكتسح مجموعات وصفحات العالم الافتراضي ومقاعد الثانويات، فكل من أراد ممازحة صديقة استعان "بريكسونا " وللتحرش بفتاة توظف "ريكسونا" وهكذا حتى تحولت مأساة فتاة إلى علكة تتقلبها أضراس جاهلة لا تعي أن أبعاد القضية أعمق وحمولتها الاجتماعية أخطر . أعمق لأنها تغوص في باطن ظاهرة تنخر عظم المجتمع منذ سنوات ولم تظهر لحد الآن ولو خطوة واحدة ايجابية تشير إلى خطورة الداء، ونراها أخطر لأنها تعتبر ناقوس خطر لكن للأسف لم يُسمع له صدى. وبدل التسلح لنفض الغبار عن ظاهرة لم أجد لها هوية أنسَب من " الدعارة ديليفري" نجد الجهات المسؤولة تحصر دورها في اقتفاء أثر الفاعلين، والإعلام الورقي كما العادة هو "نكافة" الحدث وحصر دوره في تزيين الجريمة بأبهى حلة لتسليمها لعريسها الشعب ، أما شقيقه البَصَري فلسانه عند أحدهم وإن لم يتلقى الإشارة فمعناه أن المجتمع بخير، أما "الآنسة الإلكترونية " فكل يوم بعنوان جديد لنفس النص حتى تضمن الاقتيات على جثة الحدث أطول وقت ممكن ، فلا سمعة الطفلة المراهقة أو عائلتها تهم ، ولا سمعة الوطن ونظرة الأجنبي له تهم كل ما يهم إعلام اليوم هو خدمة جيوبه المثقوبة فقط .لكن أن يعالج الحدث أويتناوله من زاويته الصحيحة وأبعاده الخفية، ويَقرأ ما بين سطور القضية لا ما وضِع بغرفة الفتاة من عطور و مواد تجميل فهذا أمر مستحيل في إعلامنا اليوم. نعم يستحيل أن تناقش علاقة المراهق بالتكنولوجيا ،وأسباب غياب مراقبة الأهل لأبنائهم في تعاطيهم مع العالم الافتراضي والشبكات العنكبوتية، يستحيل أن تناقش أسباب إقبال طفلة في هذا السن_ الذي لا ينطبق عليه حتى مصطلح مراهقة بمفهومه العلمي الكامل _ على عالم الكبار والبالغين بدل عالمها الطبيعي المناسب لسنها ،أفكارها وحدود إدراكها . يستحيل في إعلامنا مناقشة أسباب تقمص الشباب للهوية الخليجية كلما أبحروا افتراضيا. نعم يستحيل في إعلامنا مناقشة أسباب التهافت على الغنى ولو عن طريق الحرام ونكران القناعة، وهجر التفكير السليم في الكسب وامتلاك الأشياء بحِكمة وبما يرضي الخالق. مع العلم أن الأمر لا يتطلب سيناريو سلبي ينفث نيران القدح و الانتقاد والسخط على المجتمع بقدر ما يتطلب خبيرا سلوكيا واجتماعيا، وخبيرا معلوماتيا الاول يقدم أنجع الحلول للأسر في توجيه وتربية أبنائها على اصول أخلاقية إسلامية محايدة ومعتدلة واضحة ،بعيدة كل البعد عن منظور التقليد الأعمى من قبيل " ابني مثقف ويلزمه حاسوب في الغرفة كنظيره الاجنبي" " ابناء الجيران لهم هواتف ذكية فلما أحرم ابنائي" " العولمة تفرض استقلال الأبناء " الخ …. والثاني يُعرف بأخطار التكنولوجيا من الناحية التقنية ،وكيف يمكن لأي موقع اختراق خصوصيات الشخص وهو لا يعلم ذلك، ويكشف عن أنواع البرامج التقنية التي من شأنها قرصنة الصور ، فتح "كاميرا الحاسوب" دون علم ، تغيير الصوت، ترجمة لغة المتحدث بشكل آني … الخ فكثيرون هم من سجنوا بناتهم وحرموهم حريتهن في إكمال الدراسة او العمل أو … فقط لظهورهن في صور اباحية هي في الأصل مفبركة من لدن شاب جاهل استغل صورة لا يعرف صاحبتها ليركبها على جسم إباحي يصطاد به ذوي البطون المنتفخة، والأدمغة الجائعة لا تهمه سمعة الفتاة ولا مصيرها .وكثيرون هم من ظنوا بأنهم بصدد متابعة شريط أو برنامج أو يقومون بالدردشة على حواسبهم في أمان بينما الحقيقة شيء آخر . وهذا ليس الا مثالا مستنبط من واقع يزخر بقصص صادمة منها ما انتهى بالانتحار ،ومنها ما انتهى بالسجن ،ومنها ما كانت نهايته مستشفى الأمراض النفسية والعقلية … فأين هو الإعلام من كل هذا، أين درسَ إعلاميونا مهنة الصحافة ؟ أين هي زاوية المعالجة واختلافها والتي يتبجح بها كل صحفي استدعِيَ لتأطير ورشة إعلامية لطلبة يظنون أنهم فعلا أمام مهني .فما ذكر من توجيهات إن تلقاها الأهل سيغيرون نظرتهم السطحية للتكنولوجيا الحديثة ،ويواكبون أنشطة أبنائهم على الشبكة العنكبوتية بدل إحكام باب الغرفة عليهم درءا للإزعاج وهم لا يعلمون أنهم قد اقفلوا الباب على الإزعاج شخصيا مع ابنائهم في الغرفة. https://www.facebook.com/samakapeacemedia/ https://www.facebook.com/islameazrif