هل كانت الحكومة على حق عندما أرادت تفسير الفصل 100 من الدستور على أساس عقد جلسة شهرية في مجلس واحد من مجلسي البرلمان بدل عقد جلستين في الشهر الواحد؟ حضر عبد الإله ابن كيران إلى جلسة يوم أمس في مجلس النوا ب على مضض بعد مفاوضات كانت الأشواط الأولى منها تنبئ على أن رئيس الحكومة لا يريد الحضور لجلسة مساءلة أخرى في مجلس النواب. بعد مفاوضات أخرى جمعت رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب في الهاتف، تقرر أن تعقد جلسة وهو ما كان بعد أن سطرت ندوة الرؤساء ما كان المسؤولان الأولان عن الحكومة ومجلس النواب قد قرراه فيما قبل. بالرغم من كل ذلك حضر عبد الإله ابن كيران للجلسة، بل كان أول عضو في الحكومة حضر إلى مقر مجلس النواب، قبل نصف ساعة على انطلاق الجلسة العمومية التي كانت صباحية هذه المرة، وضاقت مدتها لأن هاجس توقيت صلاة الجمعة كان يخيم على الكل. خلال المائة وعشرين دقيقة كان الذين تتبعوا الجلسة الثانية في إطار جلسات المساءلة العامة، التي أقرها الفصل 100 من الدستور، في حيرة من أمرهم، هل يتبعون جلسة أسئلة عمومية عادية يمكن أن تطرح على وزير مختص بدل برمجتها في جلسة مساءلة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة للحكومة. محوران اثنان وأربعة أسئلة هي المقررة في الجلسة الثانية المترجمة لنص الفصل 100 من الدستور: آثار الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، فيما كان المحور الثاني مخصصا للاستثمار العمومي والخاص. فرق المعارضة اعتبرت في أسئلة المحور الأول، أن الزيادة في أسعار المحروقات كانت سببا في التوترات الاجتماعية التي شهدتها مجموعة من المدن المغربية، جواب ابن كيران كان أكثر صرامة من سؤال وجد كل العلائق ممكنة بين الزيادة في أسعار المحروقات وبين قيام عدد من الاحتجاجات في عدد من المدن والقرى المغربية، ابن كيران أجاب بلغة الأرقام أن مصالح وزارة المالية أجابته، بأن الزيادة في أسعار المحروقات رفعت سعر الخضر ب 60 سنتيما للكليوغرام الواحد وأرباب النقل قالوا إن الثمن ازداد ب30 سنتيما فقط، «واش ريال ولا قل من ريال غادي يخلينا نديروا ثورة في البلاد». ومرة أخرى كان عبد الإله ابن كيران سيد الكوميديا في مجلس النواب. أضحك، وخاطب النواب بأسمائهم ودخل وهو يجيب عن الأسئلة والتعقيبات في أحاديث ثنائية مع النواب من معارضة وأغلبية. الملاحظة العامة التي لم تخطئها العين في جلسة صبيحة أمس (الجمعة)، أن الرتابة سيطرت على كل فترات الجلسة ماعدا بعض القفشات التي كان رئيس الحكومة يخرج فيها النواب البرلمانيين وحشد الإعلاميين الذين غطوا الجلسة، من الملل، كانت جلسة مساءلة رئيس الحكومة حول السياسة العامة عادية وتكاد تشبه إلى حد بعيد جلسات الأسئلة الأسبوعية. حتى إن عدد النواب الذين حضروا كانوا أقل بكثير من الجلسة الأولى. نواب الاستقلال كانوا مشغولين البال في مؤتمرهم الوطني الذي لم تكن تفصلهم عنه أثناء انعقاد الجلسة غير ساعات قليلة، بعض هؤلاء النواب فضل عدم الحضور من الأصل للجلسة مكتفيا بتتبع ما يقع بعيدا عن قاعة الجلسات العمومية. نواب العدالة والتنمية وحدهم كانوا في نصرة أمينهم العام ورئيس الحكومة، صفقوا لكلامه ودافعوا في تدخلاتهم عن الحكومة بدل من مناقشة القضايا التي طرحت في الجلسة. في الواقع وجد عبد الإله ابن كيران فرصة مواتية للمرور بسلام من ثاني جلسة عمومية تعقد لمساءلة رئيس الحكومة بعدما تاهت المعارضة بين في مساءلة ابن كيران أسئلة عامة، وفي كثير من الأحيان كانت التعقيبات تجادل ابن يكران في نفس جوابه دون الإتيان بمعطيات جديدة. في الأخير خرج الكل مقتنعا، أن جلسات المساءلة العمومية يهددها الملل والتكرار التي قد يعصف بالغاية المثلى من الفصل 100 من الدستور، التي حولت الحكومة مآل تفسيرها إلى المجلس الدستوري بغية الخروج من ورطة تكرار نفس السيناريوهات في جلسات عمومية تعقد مرتين في الشهر، واحدة في مجلس النواب والأخرى في مجلس المستشارين.