نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    مغربية يحتجزها زوجها المصري في 'سبيطار المجانين' بمصر.. الأسرة تستعطف 'سيدنا الله ينصره' التدخل لتحريرها    مسيرة تجوب العاصمة الاقتصادية بشعار "المساواة في الأعمال المنزلية"    التخطيط المجالي المستدام في صلب النقاش الأكاديمي بتطوان: محاضرة وتكريم للدكتور محمد يوبي الإدريسي    صناع فيلم "البوز" يعرون النجومية الافتراضية وزيف "السوشل ميديا"    بوريطة يتباحث مع رئيس الكونغرس ومجلس الشيوخ الكولومبيين    مدرب مؤقت لريال مدريد    ارتفاع مبيعات الاسمنت بنسبة 4,5 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2025    وسام ملكي للسيد محمد البهجة الفاعل السياحي الكبير بطنجة    إحراق 19 طنا من المخدرات و652 قرصا مهلوسا كانت محجوزة لدى الجمارك بأسفي    استئنافية خريبكة تؤيّد الحكم بسنة حبسا في حق البستاتي بسبب تدوينات مناهضة للتطبيع وداعمة لفلسطين    موظفو السجن المحلي الجديدة 2يخلدون الذكرى17لتأسيس المندوبية العامة بحضور عامل الإقليم .    العفو الدولية تندد ب"إبادة جماعية" في غزة "على الهواء مباشرة"    وزير النقل: انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا تسبب في إلغاء رحلات جوية بالمغرب    باريس سان جيرمان يهزم أرسنال في ذهاب نصف نهائي أبطال أوروبا    روديغر مدافع الريال يعاقب بالإيقاف    نقابي: البطالة سترتفع بتطوان بعد عزم شركة إسبانية طرد أكثر من 220 عامل وعاملة    وزارة الأوقاف تحذر من إعلانات متداولة بشأن تأشيرة الحج    أمريكا تهنئ حزب رئيس وزراء كندا    93 في المائة من مياه الاستحمام بالشواطئ المغربية مطابقة لمعايير الجودة    هكذا انهارت الشبكة الكهربائية لإسبانيا في خمس ثوان.. أسباب محتملة    المغرب يساعد إسبانيا على تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء عبر تزويدها بطاقة كهربائية هامة    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل    البيضاء…..ختام فعاليات الدورة السادسة من مهرجان إبداعات سينما التلميذ للأفلام القصيرة    ملتقى في الصويرة يناقش "المواسم التقليدية رافعة للاقتصاد في الوسط القروي... زوايا ركراكة نموذجًا"    القيدوم مصطفى العلوي يُكرَّم في منتدى الصحراء للصحافة بكلمة مؤثرة تلامس القلوب    البنك الدولي يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية إلى مستويات ما قبل كورونا    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    حريق مطعم يودي بحياة 22 في الصين    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    شراكة تجمع التعليم العالي و"هواوي"‬    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    كاميرات ذكية ومسرح في المدارس المغربية لمواجهة العنف    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    الديبلوماسية الموازية مهمة جوهرية للحزب    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    أخبار الساحة    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غضب الغطاسة والمهنيين 
في مواجهة لوبي الطحالب البحرية

أسراب من النساء الفقيرات، منهن المطلقات والعازبات، وصفوف من الغطاسة الذين اختاروا مهنة وحيدة، هي ما تبقى لهم بسواحل تمتد من الجديدة إلى الوليدية، ينتظرون فرج انطلاق موسم جني «العشبة» أو الطحالب، بعدما جفت الأرض ، ولم يبق إلا البحر لممارسة نشاط موسمي يتحول إلى منبع لتغطية تكاليف إطعام أسر معوزة، هم بين نار لوبي الطحالب والمهنيين، يحنون إلى زمن الرحبة، ويكرهون كلمة «التقنين» التي أدخلتهم، في نفق تناقص النشاط، وتزايد البطالة، يولون وجوههم قبلة البحر في انتظار انفراج احتقان، قد يكون مؤلما لو تطور إلى مواجهات…
عبد الكبير اخشيشن
«مهنيو الطحالب البحرية طالع ليهم الخز» ليس فقط في رؤوسهم كما تدل العبارة المعتادة في الدارجة، ولكن الخز أو الربيعة أو الطحالب البحرية، خلقت لهم صداعا منذ أن قررت وزارة التجارة والصناعة حشر أنفها في صراع تاريخي داخل وزارة الصيد، يهم هذه المادة التي تدر الملايير.
الحفاظ على الثروات البحرية هو أهم شعار يتم رفعه كلما تعلق الأمر بالطحالب، لكن حقيقة ما يجري على أرض الواقع تخفي قصصا كثيرة حول حروب تندلع للدفاع عن مصالح من يعرفون حقا كنز الطحالب البحرية وما جنوه منها طيلة سنوات دون أن ينعكس ذلك على أوضاع فئة ظلت تغطس في أعماق المياه لاستخراج هذه المادة الثمينة.
العابرون لشواطئ إقليم الجديدة، يعرفون جيدا هذه النبتة البحرية، من خلال أكوام حمراء وخضراء، كان يتم تجميعها بالقرب من شواطئ مولاي عبد الله أمغار، كما يتعرف على جيش من الغطاسين الذين يحملون أدوات تقليدية للغوص في أعماق المياه لاستخراج هذه المادة.
هم شباب وشيوخ، نساء ورجال ارتبطت حياتهم بهذه «العشبة البحرية» التي تشكل مصدر استقرارهم، وتضمن لهم مورد رزق ، وإن قل، إلا أنه كان يضمن استمرارية الارتباط بالمكان، فالطحالب البحرية، أو «الربيعة» أو «الخز» من أهم الثروات التي تزخر بها شواطئ المغرب، وتتوزع المادة في جهتين أساسيتين هما منطقة الجنوب ، والثانية تتمركز بشواطئ إقليم الجديدة، نظرا لشساعة مساحته الشاطئية.
«غرقت كريدي والدراري ما عندهم ما يكلو» تقول سيدة غزت التجاعيد وجهها، وكأنها لا تجني من هذه «العشبة» التي قيل عن مفعولها السحري في التحاليل البيولوجية أي منفعة، تماما كما هو حالتها المادية الصعبة، فالنساء اللواتي دخلن منذ وقت مبكر لهذا القطاع، اقتحمنه ليس بحثا عن المناصفة، ولكن بحثا عن رغيف خبز يصفنه بالمر، وبالرغم من ذلك قد يفتقدونه لشهور.
وبتعداد الأيام التي يقضينها في العمل على جمع «العشبة» تكون ثلاثة أرباع من السنة بلا ضمان، والربع الناجي هو فصل الصيف، حيث تكون الفترة المخصصة لجني «الربيعة»، وتمثله النسوة هنا ب «تمارة» الصيف كناية على استهزاء عميق من اضطرارهن لقضاء أيام في البحر ملؤها العنث وطول انتظار الأجرة التي تغطي حاجيات ممتدة علي طول السنة.
زرافات ينطلقن من الدواوير القريبة من الشاطئ الساحلي لجماعة مولاي عبد الله، منهن عائلات بأكملها، يرتدين كومة من الألبسة، ويتوشحن «دزارات» تماما مثل الطباخات في الأعراس، لكن الأكياس التي يحملنها، ووجهتن نحو البحر، تجعل الوليمة في البحر وليس في البر، هن نساء وفتيات أرامل ومطلقات، توحدهن رغبة واحدة، هي جمع ما يكفي من «العشبة» لتوفير دراهم تعين على أعباء متعددة.
قصص كثيرة ومؤلمة تسمعها كلما حاولت النبش في ظروفهن، تبدأ من الفقر والعوز وتمر من مشاكل الزوج السكير إلى الأبناء المنحرفين، وبينهما عراك يومي لنساء يحاولن التغلب على كل هذه المشاكل للرسو بالعائلة في بر الأمان. نساء وديعات لا تفارق الابتسامة محياهن، يتغلبن علي كل هذه القصص بالقناعة التاريخية «الحمد لله على كل شيء» التي يرددها الوديعات والوديعون من أبناء هذه المنطقة.
احنا راضيين بالهم ….
بالرغم من كل التعب، وبالرغم من كل الكدح الذي يلازمهن طيلة مراحل جنى «العشبة» فهن صابرات، لكن ما يرعبهن هو أن تتوقف الحركة. يعرفنها بالتفاصيل لأنهن عايشن مرارة الخصاص والحاجة كلما توقف نشاط جني الطحالب، ويتأثرن بعنف كلما وصل مشغلهن إلى نقطة «ما كاين والو» التي تعني في النهاية قطع كل تموين عنهن، والأمر لا يتعلق فقط بتعثرات في الأداء، بل في توقف بيع «العشبة» بالنسبة للمهنيين الصغار، الذين يرتبطون بالغطاسة وعاملات جمع الطحالب بالسكن في نفس المنطقة.
«راه منين تنوقفو تيبقاو فينا ما تنلقاوليهم جهد» يقول أحد المهنيين، وهو يستعرض الصعوبات التي يعاني منها العديد من المهنيين مع تردد العاملات عليهم طلبا لسلفة في انتظار استئناف العمل، بل ويبلغ حجم تشكي الهنيين الصغار ليتوازى مع تشكي العاملات، «راه ولينا بحالنا بحالهم» يقول أحد المهنيين بعد أن منع من تصدير محصول «العصبة» التي يقول أنه أدى عنها جميع المستحقات القانونية، وأعطى الضوء الأخضر لجني المنتوج الذي يوجد مكدسا في مخازن بالقرب من شاطئ البحر.
عاملات «العشبة» هنا يشتغلن إثنى عشر ساعة في اليوم، وهو كدح يصل المحصول فيه في أحسن الأحوال إلى حوالي 12كلغ، وقياسا بالسعر الذي يحدد لجني الطحالب فلا يتعدى مدخول الواحدة منهن أربعون درهما، وإذا ما تم تعميم متوسط الدخل طيلة شهرين من العمل فلن يتعدى ألفي درهم، وهو مبلغ متحرك بحكم الطقس وتوافر الطحالب، وهو ما يعني أن معركة النسوة هنا لها معنى واحد، وهو كرامة العمل وعزة النفس، أما المدخول المادي فهو بلا معنى في ظل المصاريف التي تتطلبها ظروف كل عاملة.
وبالرغم من هذه الصورة المؤلمة، فإن النساء والعاملون عموما، لا يطلبون شيئا أكثر من توفير العمل، ولذلك تكون ردود أفعالهم عنيفة، كلما أثير موضوع التقنين الذي أصبح يعرفه قطاع الطحالب. «احنا ما اعطانا الله لا فلاحة لاصناعة فهاد المنطقة، العشبة هي حياتنا وهما كينهبو فينا» يقول أحد الغطاسين، وهو يستعرض الأوضاع التي يعيشونها منذ مدة، والتخوفات التي تخلفها الأخبار الواردة عن تقنين جديد للمنتوج، يتقلص سنة بعد أخرى، وقد يجعل العاملين في قبضة شركات تتحكم فيهم كما تشاء على حد أقوالهم.
التقنين كابوس المهنيين والغطاسة

الضو الخضر..
واش حيدو العناقيل، وغيرها من التعليقات البسيطة يرددها الغطاسون وعمال البحر، كلما جاؤوا للاستسفار عن إطلاق سراح «الربيعة» المكدسة في المخازن، بنية الحصول على سلفة يتعذر على المهنيين الصغار منحها إياهم بسبب عدم السماح بالتصدير، حين يتكلم بعض المهنيين المطلعين على الملف تعود بهم الذاكرة إلى أواسط الثمانينيات، فمنذ 1986 عندما صدر قرار لوزارة الفلاحة والتجارة بتقنين تصدير الطحالب، ثارت ثائرة المهنيين، وكان دفاعهم ينبني على حرية التجارة، فيما الوزارة تتعلل بحماية المنتوج من الافراط في الجني، فنشأ منذ ذلك الوقت سوء تفاهم، بل اختلاف في تقدير كيفية حماية المنتوج، والجهة المستفيدة من التقنين.
القرار تم الطعن فيه، وقضت المحكمة بإلغائه، لكن منذ ذلك الوقت يقول المهنيين والصراع على أشده لإعادة القرار من نوافذ متعددة، ومنه قرار وزارة التجارة والصناعة لسنة 2010.
وخلال هذه السنة انتفض المهنيون بعد أن أفاد بلاغ لوزارة الفلاحة والصيد البحري، في 20 أبريل الماضي أن الكتلة الحيوية للطحالب البحرية سجلت تحسنا بنسبة 30 في المئة سنة 2011 مقارنة مع 2010، وأنه تم التوصل لهذا المعطى إثر حملة استكشافية قام بها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري وكشفت عن «تحسنات على مستوى الكتلة الحيوية وارتفاع موارد الجيليديوم٬ وهو طحلب طبيعي وبري».
وعزت الوزارة هذا التحسن لنجاح مخطط تهيئة مصايد الطحالب البحرية الذي أعد في 2010 في إطار تفعيل استراتيجية تنمية قطاع الصيد البحري «مخطط أليوتيس»، وهو المخطط الذي كان يروم حسب الوزارة ، إعادة تشكيل المخزون الذي تم استغلاله بإفراط كليا، وتنظيم النشاط، والحفاظ على مناصب الشغل الرسمية والراهنة والمزيد من تثمين هذا المنتوج.
الوزارة أكدت أن تفعيل المخطط تطلب تعبئة أدوات مواكبة قصد ضمان احترام الإجراءات الملحقة، خاصة تحديد فترة الصي، وتثبيت مجهود الصيد وحصة الصيد (الكوطا )، فضلا عن تعميم تطبيق الضريبة على باقي الأصناف غير الأغارية لمتابعة مسار جميع الأصناف ذات الغاية التجارية التي تشكل موضوع الاستغلال.
وتوقف بلاغ الوزارة عند أهمية اعتماد نظام للحصص في تصدير الطحالب البحرية و«أغار أغار»، علما أن نسبة 80 بالمائة من هذا المورد يتم تثمينها من خلال الصناعة التحويلية الوطنية (أغار أغار) بينما تصدر 20 بالمائة على شكل خام.
وإمعانا في مدح المخطط اعتبرت الوزارة أن هناك جهودا يتعين بذلها حيال احترام الراحة البيولوجية ومحاربة الجمع غير المشروع ل «الجليديوم»، باعتبارها ظاهرة «مقلقة» في تزايد بالمناطق مثل سيدي بوزيد وشرق هذه المنطقة، ويتعلق الأمر بتحسيس المتدخلين حول أهمية ديمومة هذا النوع وحماية الموروث الوطني.
وخلص البلاغ إلى أنه وبغية التخفيف من صيد «الجليديوم»، تروم التوجهات الجديدة تشجيع زراعة طحالب «غراسيلاريا» واستعمالها في تصنيع «الأغار» الغذائي، علما أن 80 بالمائة من «الجيلديوم» تدخل في تصنيع «الأغار» الغذائي و20 بالمائة في تصنيع «الأغار» البكتيري.
قصة التقنين بين رواية المهنيين والوزارة
ظل القطاع حكرا على عدد جد محدود من الشركات تتكفل بجمع وتصدير هذه المادة، ومع تحرير القطاع بعد اتفاقية الكات، دخل مجموعة من المهنيين، الذين ظلوا يشتغلون كغطاسة، إلى الميدان، من خلال تأسيس تعاونيات وشركات، فأضحت المنافسة تنمو شيئا فشيئا حتى تحولت إلى نوع من الصراع.
في سنة 2010 أصدر وزير الفلاحة والصيد البحري قرار 10 – 1905 الصادر في 29 يونيو 2010 الخاص بتنظيم صيد وجمع الطحالب البحرية في بعض المناطق بالساحل الأطلسي، والذي تم فيه تحديد المناطق البحرية من خمس مناطق، تمتد من القنيطرة إلى بوجدور، كما تم تحديد الكيفية التي تستعمل في جمع الطحالب بمختلف أصنافها.
وأورد القرار ضرورة التوفر على رخصة لصيد الطحالب، مع تحديد المدة الزمنية، وعدد السفن المرخص لها، مع مراعاة الحمولة والكمية المرخص بها لكل منطقة، وكذا أماكن التفريغ، كما تم تحديد نسبة الغطاسين لكل نوع من السفن.
ورغم هذا القرار الذي تم العمل به خلال هذا الموسم بالمنطقة التابعة لإقليم الجديدة، فقد تعددت مراكز جمع الطحالب وقربها من الكثافة السكانية، وعدم احترام فترة المنع، وتجاوز الحصة القانونية المرخص بها في 3900 طن الجافة، كما تعددت وتنوعت السفن والقوارب المستعملة، والتي تجاوزت العدد المحدد في 290 قاربا، لكن القرار الأخير لوزير الفلاحة كان في صالح المكتب الوطني للصيد البحري الذي استفاد لأول مرة من استخلاص الرسوم، والتي وفرت له مدخولا مهما.
القرار خلف كثيرا من الغموض في تطبيقه وأفرز وجود مشاكل عديدة بين شركات مصدري الطحالب التي تقدر بحوالي 15 شركة وبين الشركة المحتكرة لتصنيع الطحالب بالمغرب، وظهرت أصوات تطالب بضرورة تدخل كل من وزارة الفلاحة والصيد البحري ووزارة الصناعة و التجارة والخدمات من أجل التعامل بصرامة مع القوانين التي تم وضعها بغرض تقنين عملية جني الطحالب وتصنيعها أو تحرير القطاع وفتح باب المنافسة بين الشركات المصدرة لهذه المادة والشركات المصنعة لها.
المهنيون يؤكدون وجود تلاعبات في كميات الطحالب المخزنة التي يصرح بها بعض أرباب شركات التصدير والتي تعد من الوسائل التمويهية التي يتم اللجوء إليها لفرض احتكار تام من قبل لوبي يتحكم في القطاع، حيث يتم التصريح بكميات كبيرة يؤكد المهنيون أنه لا تتوافر في المخزونات، ثم يتم إنشاء شركات أخرى تابعة لنفس اللوبي بأسماء لا تتوفر على إمكانيات لتأسيس هذه الشركات، ليتم التحكم في الكوطا المخصصة التي تحرم باقي المنافسين، ويتم توجيه المنتوج للوبي ذاته الذي ينتهي إلى السيطرة علي المنتوج.
المهنيون يعتبرون هذا السلوك غير الشريف في المنافسة لا يضر بهم فقط، بل ويضر بالفكرة الأساسية في التقنين والتي تروح الحفاظ على المنتوج، حيث تنشط السوق السوداء ويتم إرباك المعايير التي وضعتها وزارة الصيد البحري بموجب القرار الوزاري المذكور ، والذي يحدد كمية الطحالب المسموح باستخراجها من البحر في حدود 6040 طنا على الصعيد الوطني خلال كل فترة جني للطحالب التي أصبحت محددة في شهرين فقط بعد أن كانت تمتد إلى ثلاثة أشهر.
وإذا كانت الوزارة الوصية قد فرضت على المصدرين أداء الضريبة على القيمة المضافة بغرض ضبط كميات الطحالب المستخرجة من البحر خلال كل فترة ، فالمهنيون يؤكدون تناقص كميات ثروة الطحالب البحرية بسبب هذه العشوائية ، كما أن مجموعة من شركات تصدير هذه المادة تتوفر على مخزون يقدر بحوالي 150 طنا وباتوا مطالبين اليوم بالتأشير عليها قبل التصدير أو بيعها للشركة المحتكرة لتصنيع الطحالب بالمغرب، وتقابل محاولات بعض أرباب شركات التصدير للتأشير على الكميات المزمع تصديرها لكنها لا تحصل على موافقة الوزارة الوصية.
ما يؤلم العديد من المهنيين الذين جاؤوا إلى الحرفة من الغطس، هو طريقة التدبير التي تجعلهم يغرقون في قرارات لا يعلمون كيف تطبخ، فبالرغم من أدائهم لجميع الرسوم والمستحقات على كميات دخلوا إلى البحر لاستخراجها، وتعاقدوا مع زبناء من الخارج لإيصالها إليهم، يواجهون بكوطا تتناقص سنة بعد أخرى، وتبقى الكميات المستخرجة تعيش البوار في مخازن، ناهيك عن وجود المئات من اليد العاملة في حالة عطالة.
تخصيص نسبة 80 في المائة من منتوج الطحالب لشركة واحدة مصنعة لهذه المادة، وترك نسبة 20 في المائة فقط لباقي الشركات المصدرة وكذا الشركات المصنعة الصغيرة لم يعد مقبولا، بل هو حكم بإفلاس الشركات، والمهنيين الذين فكروا في استثمار، كلف العديد منهم الاقتراض من العائلات ومن الأبناك، بل منهم من لجأ إلى بيع ممتلكات للعائلة للاستثمار فيما كان يعتبره بعضهم كنزا قد يغنيهم، وهم الذين ظلوا يغطسون في البحر لفائدة شركات تحتكر القطاع، فتولدت لديهم قناعة«خيرنا ما يديه غيرنا» فغطسوا في استثمارات ندم العديد منهم على خوض تجربتها.
الكوطا قبل السمسرة
يتطاير الزبد من أفواههم كلما شرعوا في الحديث عن الشروط الجديدة الذي وضعتها وزارتي الفلاحة والصناعة لتصدير الطحالب البحرية، وتنهال التشبيهات والكناية التي تغرف من حقل الفلاحة للتعبير عن الضرر الذي أصابهم، « بغيت غير اللي يفهمني، واش إلى خلصت الصنك على جوج بكري، باش ندخلهم للسوق، واش يمكن لشي واحد ايقولي دخل غير واحدة»، وغيرها من الاستفهات الاستنكارية، التي يندد من خلالها المهنيون بعدم السماح لمخزونهم المؤدى عنه لفائدة الدولة بالتصدير.
من الغرائب التي يعتبرها المهنيون ضربا من التضييق عليهم، هو تحديد الكميات المسموح بها بالتصدير، بعد السمسرة وهو ما يضعهم في حرج تام، فكيف يعقل أن يقوم المهني بأداء كل الواجبات على كمية من الطحالب بغرض استخراجها وإعدادها للتصدير، باعتبارها عنصر الضبط في توازنات الشركة بين النفقات والكلفة، وبين المردود، ثم يتم التراجع عنها.
«إنه الكساد بعينه» يقول أحد المهنيين، ويحكي تفاصيل هذه العملية التي لا يتردد في وصفها ب «اللعبة»، حيث يضطر المهنيون الذين قبلوا التقنين الذي صدر عن وزارة التجارة والصناعة على مضض، بضبط نشاطهم عليها، سواء من خلال اليد العاملة التي يتم توظيفها لجني هذه الطحالب، أو تكاليف النقل والتجفيف والتخزين، ثم يفاجؤون بعد زيارات متتالية للجن مختلطة من وزارة الفلاحة والصيد والبحري والتجارة والصناعة بتسويفات متكررة في التأشير على الكميات لتصديرها.
«رحم الله أيام الرحبة»
لازمة يكررها صغار المهنيين، والسبب هو تغير حالتهم التي كانواعليها قبل دخول مرحلة التقنين، يتحدثون بعفوية عن اتفاقية الكات، التي دخلت حيز التطبيق بالمغرب، والتي تسمح بحرية التجارة، حينها لم يكن ثمن الكيلوغرام من الطحالب المستخرجة يتجاوز خمسين سنتيما، ليتضاعف بعد دخول المهنيين، بل كان الغطاسة والعاملون من أبناء المنطقة في حالة انتشاء، « كان النفاذ على الربيعة» يقول أحدهم.
الوسائل التي كانت سائدة آنذاك في جمع الطحالب هو «البالكوات»، وبعدها سيتم تفكيك هذه التجمعات، وتعويضها ب «الفلوكات»، في إطار تطبيق مبدأ الكوطا الذي أقرته الوزارة، بالنسبة للمهنيين قد يبدو ذلك فتحا لفرص جديدة لكن اللعبة في النهاية، يعتبرها المهنيون نوعا من التحايل لتمكين لوبي الطحالب من توظيف مجموعة من الأسماء، لاستعادة سيطرته على القطاع، لكن النتيجة العكسية الخطيرة، كانت هي استنزاف هذه المادة، وليس حماية لها.
بعد اكتشاف مادة Agar – Agar التي تستخدم في جل التحاليل البيولوجية، بدأ الإقبال علي الطحالب يتزايد، وبدت الدول المصنعة من الغرب وآسيا مثل اليابان وكوريا تطلب المزيد من الطحالب المغربية ذات الجودة وبأقل ثمن، وحينها بدا أن لوبي الطحالب هو المؤهل لتوفير صناعة تحويلية لانتاج هذه المادة، واستفاد من التمييز الايجابي في تقنين وزارة التجارة للمواد المسموح بتصديرها، فكان من نصيبة الحصة الكاملة لهذا النوع.
وزارة الفلاحة ووزارة التجهيز ترد علي هذه الاتهامات بالتأكيد على مبدأ حماية المنتوج الوطني من الطحالب، وتقدم النتائج المحصل عليها عبر إحصائيات تؤكد انتعاشته منذ 2010، لكنها تعتبر الممارسات التي ذكرها المهنيون من قبل لوبي الصيد ممكنة، لكنها تحتاج إلى تحقيق للتأكد منها، وحينها تقول مصادر الوزارتين يمكن التصدي لها عبر تطبيق القانون.
وزارة التجارة والصناعة نشرت خلال الأسابيع الماضية بلاغا حول الكميات المسموح بتصديرها، وفتحت باب المنافسة لمن يريد دخولها، لكن المهنيين اعتبروا القانون الذي استندت إليه الوزارة غير قانوني، بل ويعتبرون استمرار تطبيق مبدأ التناقص في كميات التصدير، توجه نحو قتل نشاط المئات من الغطاسة وآلاف العمال، وينذر بمواجهات محتملة داخل شريط ساحلي يحتضن فئات شعبية منهكة.
العديد من الغطاسة والعاملين بهذا القطاع يقضون نهارهم بين دروب جماعة مولاي عبد الله ومقاهي الجديدة، فيما النساء يتحركن في كل اتجاه بحثا عن لقمة عيش، لكنهم لا يعرفون من نشاط يحدد نشاطهم سوي الطحالب، ولذلك يتحلق الجميع بالقرب من الشواطئ الممتدة من الجديدة إلى الواليدية، ليتأمل منظر «الفلوكات والقوارب» الممددة في حالة عطالة. الصمت الذي يعم هذه المنطقة المنسية، يكسره غضب الغطاسة الذين ينتظرون صيف هذه السنة، بعد مواجهات البناء العشوائي التي خاضها جزء منهم بحثا عن قبر الحياة. فهل تستخلص العبر؟.
مؤطر
ثروة الفقراء في أرقام
يستخرج إقليم الجديدة من مادة الطحالب كمية تتراوح بين 8000 طن إلى 1400 طن يابسة، معدة بعضها للتصدير وأكثرها للتحويل، ويشغل القطاع نحو 6000 من اليد العاملة، تابعة لثلاث شركات تحويلية ، وتملك هذه الشركات حوالي 20 سفينة ، ويعمل على متنها 168 غطاسا محترفا.
وتوجد 11 تعاونية بالإقليم، 8 منها منضوية تحت لواء اتحاد يسمى اتحاد المحيط لتعاونيات الطحالب البحرية، الذي يضم حوالي 1300 غطاس، ويشغل حوالي 90 عاملا موسميا.
وإذا كان القطاع يلعب دورا مهما في النسيج الاقتصادي الوطني بجلبه كمية مهمة من العملة الصعبة إلى الخزينة العامة، وتشغيله لشريحة هامة من الشباب خاصة الطلبة منهم وذلك من أجل تغطية مصاريف التعليم، ويمثل العنصر النسوي من اليد العاملة بحوالي 90 % و5 % يمثلن الغطاسات علما بأن موسم الجني يبتدئ في فاتح يوليوز وينتهي في متم شهر شتنبر من كل سنة فإنه يعاني من عدة مشاكل ندرجها كالآتي:
غياب قانون منظم يحدد واجبات وحقوق كل المتدخلين في القطاع، مما فتح الباب على مصراعيه لدخول العديد من المتطفلين والسماسرة والمضاربين والمحتكرين في انتظار ارتفاع الأثمان.
- وجود حوالي 4000 غطاس يشتغلون لحسابهم الخاص وغير مؤطرين داخل التعاونيات أو الشركات.
- افتقار مندوبية الصيد البحري للإمكانيات والوسائل لمنع استخراج الطحالب خارج وقتها القانوني، بحيث إن عملية الجني تبدأ قبل افتتاح الموسم بثلاثة أشهر نظرا لدخول حشود مهمة من القوارب الصغيرة مجهولة الهوية تحت جنح الليل.
عدم احترام مدة الراحة البيولوجية المحددة من طرف وزارة الصيد البحري.
تعد الطحالب البحرية، أو ما يسمى بالربيعة أو «الخز» من أهم الثروات التي تزخر بها شواطئ إقليم الجديدة (حوالي 150 كلم)، حيث منذ أن اكتشف العلم مادة: Agar – Agar التي تستخدم في جل التحاليل البيولوجية، بدأت أنظار المصنعين تتجه نحو هذه الشواطئ، خاصة الدول الغربية والأسيوية، مثل اليابان وكوريا لتطلب المزيد من الطحالب المغربية ذات الجودة وبأقل ثمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.