[الجريمة ترسم حدودها على خارطة الضواحي البيضاوية] ما يؤرق أفراد الفرق الأمنية الخاصة بمكافحة المخدرات في ضواحي الدارالبيضاء، هو التجاء عصابات المخدرات إلى الاختباء والنشاط داخل التجمعات العشوائية المنتشرة في ضواحي المدينة خصوصا في مناطق دار بوعزة وبعض الدواوير، كدوار نبيل ودوار التقلية ولمكانسة وأولاد أحمد، التابعة في أغلبها لإقليم النواصر وإن كانت متاخمة للعاصمة الاقتصادية، و كذا بعض الدور الصفيحية بعين الدئاب . مناطق التماس : المداخل الصعبة التجمعات العشوائية و الصفيحية، جلها يقع تحت نفوذ الدرك الملكي. أحيانا تقع صعوبات في التنسيق بين هذه المصالح مما يؤخر تنفيذ بعض المداهمات، حيث تستفيد العناصر الإجرامية من صعوبة التنسيق بين مختلف مكونات الأسلاك الأمنية. وفي المقابل، فإن لجوء تجار المخدرات إلى هذه التجمعات العشوائية، يرجع بالأساس إلى صعوبة التنقل داخل أزقتها الضيقة، حيت يعتمد أحيانا مروجو المخدرات وسائل بدائية أحيانا للهروب من مطاردات رجال الشرطة، عبر استعمال «الكراول» وسيارة النقل الخفيفة (الهوندات) والدراجات النارية. ويلجأ بعض تجار المخدرات إلى تزويد عدة أفراد بنفس الحي بهواتف متنقلة، للإخبار عن كل شخص غريب عن الحي، و هذا ما يسهل عملية هروب هؤلاء التجار، و هو ما لجأت إليه مثلا عصابة « الأقزام»، المعروفة بترويج المخدرات على مستوى دوار نبيل، أو «التقلية»، حيث أحكمت هذه العصابة السيطرة على كل المنافذ المؤدية إلى الدوار المذكور قبل أن يعتقل أفرادها في واحدة من أكبر المداهمات في تاريخ النشاط الأمني في المنطقة، وبعد صراع طويل وكبير مع عصابة «الأقزام» استعملت فيه كلاب البيتبول والغازات المسيلة للدموع من الطرفين. وإلى جانب هذا الوضع الصعب المتمثل في أن تجار المخدرات يتحصنون في التجمعات السكنية العشوائية وفرق الأمن عاجزة على اقتحامها أو أنها تعاني كثيرا قبل إحلال الأمن في البؤر المذكورة، فإن الخطر يداهم الأمنيين في هذه المناطق. تماما كما حدث الصيف الماضي لأحد العناصر الأمنية الذي ينشط في رتبة شرطي بالدائرة الأمنية الحي الحسني عين الشق أمام منزله بعد أن وجه إليه أحد مروجي المخدرات بكريان المسعودي القريب من شاطئ عين الدئاب بالدار البيضاء، طعنة خطيرة بسكين أصابت رباط يده، ما منعه لحد الآن من الالتحاق بعمله. فالحرب المفتوحة بين مروجي المخدرات بالعاصمة الاقتصادية و السلطات الأمنية، أصبحت محفوفة بكثير من المخاطر لدى أفراد فرق مكافحة المخدرات بالمدينة، في ظل تطور الوسائل و الحيل، التي يلجأ إليها مروجو المواد السامة، سواء باستعمال كافة أنواع الأسلحة البيضاء، أو بتسخير الكلاب المفترسة من نوع « بيتبول»، والمدربة في الغالب على مهاجمة فرق محاربة المخدرات، التابعة لمصالح الشرطة القضائية، وكذا حراسة أماكن تخزين هذه المخدرات، خصوصا في ضواحي الدارالبيضاء. في غياب «موالين الدار» في واحدة من هذه الضواحي لعلعت طلقات السلاح الناري بضيعة «ابراهيم» في منطقة بوسكورة في ليلة من ليالي شهر يناير الماضي لتتحول مواجهة اللصوص الذين يتسللون إلى ممتلكات المواطنين إلى محاولات حقيقية لقتلهم. حالة شرعية من الدفاع عن النفس و الممتلكات، أسقطت عصابة مكونة من أربعة أشخاص ينحدر جميعهم من حي مولاي رشيد بالدار البيضاء. اللص المصاب بالعيار الناري على مستوى الفخذ، والبالغ من العمر 30 سنة، اعترف بعد تلقي الإسعافات في المستشفى أنه شكل قبل سنة ونصف رفقة شركائه الثلاثة عصابة تستهدف السطو على ممتلكات المواطنين على متن دراجات نارية، قبل أن يقرروا تنويع نشاطهم ونقله نحو ضواحي البيضاء، لتكون حادثة إطلاق النار على زميلهم فرصة للإيقاع بهم بالتعاون مع الدرك الملكي للنواصر والشرطة القضائية لأمن مولاي رشيد. دوي الرصاص في ضيعة ابراهيم كشف عن الوجه الآخر للجريمة في منطقة دار بوعزة. الطبيعة الخاصة لمساكن المنطقة، والتي تعود ملكيتها لمواطنين يعيشون بالمهجر أو لمهاجرين أوروبيين، تجعلها هدفا للعصابات. الفرنسي «إيريك» كان ضحية أخرى لسرقة «فيلته» في منطقة غير بعيدة عن مسرح الجريمة الأولى. فقد استغل أفراد عصابة إجرامية فرصة مغادرة الفر نسي ( إريك ) مقر إقامته فيلا بالتجزئة السكنية المتوكل بتراب الجماعة القروية دار بوعزة وانتقاله إلى الديار الفرنسية، فعمدوا إلى اقتحام الإقامة السكنية عبر اقتلاع الشباك الحديدي لإحدى نوافذ الإقامة دون إثارة الشبهات ولفت أنظار الجيران والشروع في الاستيلاء على كل ما خف وزنه وارتفع ثمنه من أجهزة إلكترونية ومدخرات. من بين العصابات التي سقطت في قبضة الدرك الملكي بمنطقة طماريس، مجموعة مكونة من ثلاثة أشخاص، كان الحظ العاثر لقائدها قد قاده إلى سقوطه في قبضة عناصر الدرك الملكي متلبسا، على إثر فشل سرقته لإحدى «الفيلات» السكنية بمنطقة طماريس، حيث تم إيقافه من طرف صاحب الإقامة السكنية في محاولة سرقة محتوياتها المادية وفراره عبر النافذة.وكشف مصدر أمني بعد إحالة الجاني على وكيل الملك واعتقال شريكيه في حالة تلبس بتصريف المسروقات بسوق «ولد موينة» بالحي الحسني، عن لجوء المتهم المنحدر من دوار لحلالفة إلى خطة مدروسة بالاعتماد على أحد الأوتاد الخشبية في تكسير نوافذ الإقامات السكنية والمرور إلى الداخل وسرقة الممتلكات المادية القيمة يضيف المصدر أن الجاني قضى 14 سنة داخل السجون وتعدت سرقاته خمس «فيلات» سكنية بالقرية النموذجية بطماريس. «ولد الجبلية» وآخرون الضاحية الجنوبية الغربية للدارالبيضاء، وتحديدا بالمحور دار بوعزة – طماريس، تشهد تحركات العصابات المختصة في ترويج المخدرات. وكغيرها من ضواحي الدارالبيضاء، يعد هذا المحور مدخلا لتسريب المخدرات بمختلف أنواعها إلى داخل العاصمة الاقتصادية، حسب مصادر أمنية. غير أن الطبيعة القبلية لدواوير المنطقة والتضامن التاريخي بين مكونات هذه القبائل، افرزت عصابات عائلية حيرت المسؤولين الأمنيين قبل أن تقع في قبضة العدالة. أبرز هذه القضايا ما عرف بقضية «ولد الجبلية» الذي اتخذ من والده و والدته وزوجته شركاءه في ترويج المخدرات وكان سقوطه بين يد رجال الدرك، على يد والده المزود الرئيسي بعد تسليمه آخر شحنة قام الأب بإدخالها من مدينة تاونات إلى نواحي دار بوعزة وسيدي رحال. بعد ذلك ضربت حراسة مشددة على المنافذ المؤدية إلى المنزل. بعد عملية الاقتحام التي أتت بدورها بعد إحكام عائلة « ولد الجبلية « الباب من الخلف وتحصنها بالداخل، اضطرت في الأخير إلى استعمال القوة بتكسير الباب واعتقال والدة المروج وخليلته ( فاطمة ) فيما طارد رجال الدرك المروج الرئيسي واعتقاله بعد استعانته بثقب خلفي بالمنزل للفرار لتسفر العملية في الأخير عن حجز عناصر الدرك الملكي ل600 كيلوغرام من القنب الهندي موزعة على ستة عشر من الأكياس. «نصب الكمائن لمروجي المخدرات بدار بوعزة وسيلة غالبا ما تؤتي أكلها بسرعة شديدة»، تؤكد مصادر أمنية. فقد اضطرت عناصر الدرك الملكي لسرية دار بوعزة إلى نصب كمين لأحد المروجين في حالة فرار بعد بسط نفوذه على شباب الدواوير والأحياء العشوائية في ترويج المخدرات بكل أصنافها الشيرا والقنب الهندي والتبغ المهرب بتراب الجماعة القروية دار بوعزة. وأفادت المصادر ذاتها أن المروج ظل بعيدا عن الأنظار والقيام بتسخير شريكه وتزويده بكمية 2 كلغ للقنب الهندي ومجموعة صفائح من مخدر الشيرا والتبغ المهرب «طابا» قصد ترويجها بالأحياء القريبة من محل سكناه. الكمائن تؤتي أكلها، لكن الصدف أيضا تكون مجدية في محاربة تجارة المخدرات. الأسبوع الماضي استوقفت كوكبة الدراجات النارية التابعة لسرية الدرك الملكي على مستوى محطة الأداء بالطريق السيار – بوسكورة سيارة من نوع «رونو»، محملة بمايناهز 350 كيلوغراما من مخدر «الكيف»، وكمية أخرى من مخدر «الطابا» يبلغ وزنها 80 كيلوغراما، الشحنتان كانتا مخبأتين بكل عناية. السيارة المضبوطة كانت متوجهة بالشحنة المذكورة من شمال المملكة، وبالضبط من مدينة «القصر الكبير» باتجاه، منطقة «الشياظمة»، بقيادة شخصين كانا هما المكلفين بالعملية، أحدهما وقع في يد عناصر الدرك الملكي متلبسا فيما تم اعتقال الشخص الثاني بعد فراره. لمكانسة والتقلية: «الخطافة» أولا في مسار الكيلومترات العشرة التي تفصل بين دوار التقلية ومعمل النسيج الذي تشتغل فيه بحي سيدي مومن، لم تعرف نادية سوى الاكتظاظ مع ركاب سيارات النقل السري، التي قد تحمل تسعة أشخاص في الرحلة الواحدة. «المهم هو نوصلو» تصبح لازمتها المتكررة كل صباح، وليس مهما إطلاقا إن كانت الرحلة غير قانونية أصلا، أو أن خطر الموت الداهم يحدق بها، ومن يركب معها، لأن الخطاف غالبا ما لا يكترث للتشوير أو قانون الطريق، مادام همه الأساس هو الكسب الذي يحققه يوميا. في هذه المنطقة المحسوبة قسرا على العاصمة الاقتصادية، يعرف الجميع كيف تحولت بقعة أرضية تبلغ مساحتها ثلاثة هكتارات، جُزئت وبيعت بطريقة غير معترف بها إلى عشرات البيوت العشوائية فأصبح تجمعا سكنيا مهما يضم حوالي 5000 مسكن عشوائي. «كازابيس… حيمود… الحلايبية… الطريق… خاصا غير بلاصة وتزيد…» أسماء دواوير مختلفة كانت تخرج تباعا من حناجر ممتهني النقل السري «الخطافة» بزاوية الملتقى الطرقي لطريق مديونة قرب محطة الحافلات 81 مع شارع امكالة المؤدي إلى إذاعة عين الشق، تصطف العديد من السيارات المخصصة لهذا الغرض والمختلفة النوع فهناك «رونو 18» و «21» و«25» و«بوجو 405» و«205»…، بل حتى السيارات الحديثة دخل أصحابها غمار النقل السري مثل «باتنر» و«كونغو». ويعترف العديد ممن التقينا بهم بأنهم يشتغلون خارج أي ضوابط قانونية إلا أنهم يؤكدون بالمقابل على أنهم يقدمون خدمات كثيرة لسكان الدواوير المجاورة للعاصمة الاقتصادية ويفكون العزلة عن المواطنين البسطاء بثمن رمزي في ظل انعدام وسائل النقل. الجريمة من رحم «العشوائيات » حين قررت السلطات الإدارية والأمنية «قلب الطاولة» على مافيات البناء العشوائي في عمليات متوالية منذ مطلع العام الجاري، بدت وكأن الأحداث قد تجاوزتها هناك، وكأن نقطة اللاعودة قد ّتجاوزت منذ زمن، ومشهد احتشاد سكان التقلية أمام الأجهزة الأمنية التي جاءت هناك في منتصف أبريل الماضي احتجاجا صورة واضحة ومصغرة عن ما يمكن أن تؤول إليه الأمور في حال التحول إلى الهدم. التبعات كانت سريعة ومباشرة، وكشفت عن الوجه الآخر للجريمة في المنطقة. فقد تقرر اعتقال وسيط في البناء العشوائي وعشرة من المتورطين مباشرة بعد هذا التصعيد، وملفهم مازال معروضا أمام القضاء، فيما تقرر إغلاق كل منافذ تسريب مواد وآليات البناء إلى دوار «التقلية». وبما أن الهشاشة تشكل عادة مقدمة للجريمة، فإن منطقة «التقلية»، وبالإضافة إلى جرائمها الصغيرة العادية، تعرف من وقت لآخر انفجار قضايا تهز الرأي العام المحلي والدولي تماما كما يحدث في حالات البناء العشوائي. ولعل أكبر القضايا الإجرامية المتعلقة ب«التقلية» ملف النقانق المصنوعة من قمامات الأزبال في المطرح العمومي لمديونة، والتي كان بطلها «ا.ز» الذي استمر في تقديم وجبات سريعة للمواطنين لسنوات مصنوعة من لحوم الكلاب. المتهم الرئيسي ذو سوابق عدلية والذي وصف ساعتها بأنه انطوائي، صدر في حقه حكم ب 6 سنوات سجنا نافذا، وغرامة مالية قدرها 10 ألاف درهم بتهمة السرقة و الغش. «عصابة الأقزام» قضية أخرى خرجت من «التقلية» لتشغل بال الرأي الوطني. عصابة تخصصت في بيع الخمور وتحولت إلى «غول» كبير يفرض نظامه الخاص بالدوار. في مواجهة شهيرة مع عناصر الشرطة القضائية للدائرة الأمنية كاليفورنيا التي حضرت إلى عين المكان لاعتقال أفرادها، استعان زعيمها بكلب من نوع البيتبول وقنينة الغاز المسيلة للدموع. المواجهة انتهت في مشهد أول بفرار شبكة الأقزام بعد انشغال العناصر الأمنية بشل حركة الكلب الشرس وقتله ومصادرة كمية كبيرة من الخمور ومشتقات التبغ المهرب . قبل ذلك، كانت العناصر الأمنية قد ضربت حراسة مشددة على جميع المنافذ المؤدية إلى البيت العشوائي لعصابة «الأقزام»، وبعد أن فطن المروج رفقة شريكيه للحصار الأمني أحكموا إغلاق الباب بعد إشهارهم الأسلحة البيضاء واستخدام كلبهم المفترس في مواجهة العناصر الأمنية . قبل أن يتم اعتقال كافة المتورطين في الشبكة وتقديمهم للعدالة بعد أيام من المداهمة الأولى. « 17» وعين حرودة : جريمة متنامية حربيلي، الحجر، بيكي، كريسطال، المعزة، الشلالات، سيدي موسى بن علي، سيدي موسى المجذوب، بني يخلف … أسماء كان يفترض أن تشكل متنفسا طبيعيا لمدينة يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة في مدخلها الشمالي. وللحق فإن زائر هذه المناطق مازال يجد بعضا من طيبة أهل المكان ورونقه، وصفاء العلاقات الإنسانية التي تميز طيبة الناس. هنا، يصب جام الغضب، حين تتحدث إلى الناس، عن طريقة التسيير الجماعي والمتسببين في تدهور البيئة وشكل الحياة العام. بال الذين تحدثت إليهم «الأحداث المغربية» تشغلها مشاهد الجريمة التي بدأت تتزايد يوما بعد آخر كما عبرت عن ذلك السيدة رقية التي مازالت تسكن منزلها التقليدي بالشلالات «كنا في زمان وولينا في زمان …!!». فوضى البناء العشوائي وانتشار مجاري مياه الواد الحار وتراكم الأزبال والتلوث يجعل بعض الدواوير، وتحديدا مداخلها ومخارجها، مناطق غير قابلة للعيش الآدمي. مشاكل فاقمت من وضع متأزم هناك وكان من تداعياته دخول وزارة الداخلية على الخط لمعاقبة من اعتبرتهم متورطين في الجماعة القروية «الشلالات»، وأوقفت رئيس الجماعة وأحد نوابه وقائد المنطقة وأحالتهم على القضاء. الدواوير في عين حرودة تجسد الصعوبة التي تجدها عناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية في الولوج عند متابعة العناصر المشبوهة، كما يجد فيها تجار المخدرات والمنحرفون ملاذا للاختباء أو الفرار. من بين المختبئين الذين تمكنت سلطات عين حرودة بتنسيق مع أمن البرنوصي من توقيفهم ووضع حد لنشاطهم الإجرامي، عصابة إجرامية متخصصة في ارتكاب السرقات بالخطف تحت التهديد بالسلاح الأبيض، نفذت ما يزيد عن 60 عملية منها 13 عملية سرقة بالمحمدية، و03 بعين حرودة و12 بعين السبع و32 بسيدي البرنوصي. بعد التحقيقات الأولية تبين أن الأشخاص الأربعة المشكلين للعصابة يقطنون بعين حرودة والشلالات، وتتراوح أعمارهم بين 18 و 25 سنة، وجلهم عاطلون عن العمل، فيما لايزال البحث مستمرا عن ثلاثة متهمين آخرين، حسب مصادر أمنية. سرقة المواشي ظاهرة تحير السكان في هذه المنطقة تحديدا. عبد الغني كساب متوسط حكى للجريدة بالتفصيل عن كيفية سرقة أربع بقرات من الحظيرة الصغيرة وراء بيته في منطقة الشلالات. فأياما فقط قبل الاحتفال بذكرى العيد الكبير للسنة الماضية، وبينما كان يغط في نوم عميق رفقة زوجته وأبنائه الثلاثة، استيقظ على صوت محرك سيارات تتحرك على مقربة من حظيرته. وبعد أن استنفر كل من في المنزل وهو يهم بمغادرة البيت للتطلع إلى ما يحدث حوله، اكتشف أن أربع بقرات سرقت من الحظيرة !! مديونة : ظل «عبد العزيز التجاري» في يونيو 2010 اهتز الرأي العام الوطني بعد اكتشاف عناصر الشرطة القضائية لأمن بن مسيك جثة مدفونة في فناء مقهى بدوار لهاشمي في مدخل مديونة. الاكتشاف جاء على إثر تحقيقات قادتها عناصر نفس الفرقة مع المدعو عبد العزيز التجاري مالك المقهى والذي أصبح المتهم الرئيسي فيما يعرف ب«سلسلة جرائم مديونة» على خلفية قضية تزوير في وثائق رسمية وشهادة زور للاستيلاء على أرض ليست في ملكه. الجثة المدفونة لم تكن سوى لأحد أقربائه، والجثة قادت لاكتشاف جثة أخرى مدفونة تعود لرجل كان يكتري غرفة فوق مقهى التجاري. التحريات المسترسلة كشفت علاقة المتهم الرئيسي بالجثتين، كما يحاكم فيها إلى حدود الساعة تسعة أشخاص في تهم مختلفة. قضية التجاري تكشف عن الوجه الآخر للجريمة في بلدية مديونة، التي كانت تعتبر إلى وقت قريب واحة للأمان والدعة. التحولات الديمغرافية التي شهدتها المنطقة ووفود المئات من الهجرة القروية، أدى إلى تغير بنية المجتمع هناك وبالتالي بروز ظواهر جديدة من أهمها العنف والسرقة وتجارة المخدرات. حي «44» مثلا أو ما يعرف بحي القدس، تجمع سكني يفتقر إلى أبسط شروط الحياة وشيد خصيصا لإعادة إيواء ساكنة دور الصفيح، كان عصيا إلى وقت قريب عن التدخلات الأمنية لاحتوائه على عناصر خطيرة. صحيح أن الأمر تغير بعد إحداث مفوضية شرطة مديونة، إلا أن الحوادث الإجرامية لا تتوقف هناك. وحسب مصادر أمنية، فإن نسبة كبيرة من الموقوفين في جرائم بالمنطقة آتون من خارجها، وتحديدا من مولاي رشيد أو سيدي مومن وسط العاصمة الاقتصادية أو من الدروة وبرشيد والنواصر وما يعرف ب«القشلة» وهو تجمع صفيحي يوجد على بعد كيلومترات قليلة من مديونة. كما أن طابع البلدية القروي يساعد على اختباء عناصر إجرامية قادمة من الخارج تضيف المصادر ذاتها. القاصرون مصدر آخر للجريمة المتنامية في المناطق المحاذية للدارالبيضاء تماما كما هو الشأن داخل المدينة. صورة أخرى لبروز ظاهرة جديدة في الإجرام تبعث على التفكير في حلول، أمنية قطعا، ولكن أيضا من باقي العوامل المرتبطة بقطاعات أخرى. [Bookmark and Share]