[ترانيم مسيحية وأشعار عبرية تلوّن موسيقى فاس الروحية] بأصواتها الشجية، الباعثة على التأمل والتفكير، أدت فرقة «الكورال» الإيطالية الشهرية «كانتيكا سمفونيا»، أجمل وأعذب أغانيها التي تعكس في عمقها الدفين الفن العريق للمدرسة الفرنسية الفلاميكية. على مدى ثلاث ساعات كاملة، شنفت الفرقة الإيطالية بترانيمها المستوحاة من صلوات الكنيسة، أسماع الجمهور الذي حضر إلى فضاء متحف البطحاء. هناك امتزجت عظمة الطبيعة وزخم التاريخ وروعة اللحن الروحاني الجميل، في سمفوفية حالمة كانت في غاية الانسجام والإبداع. برنامج اليوم الخامس من المهرجان تضمن أيضا عروضا متنوعة وقوية، استهلت بإقامة قداس «سي لانتشيابي بالي»، وأعمال فنية أخرى ذات إيحائي روحي، من إبداع «غيوم دوفاي»، و«جوسكان دي بريه وهاينريخ إيزك»، بتعاون مع ال «ميو سيتمبري موزيكا». هذا القداس جعل الكثير من الجمهور الذي حج إلى متحف البطحاء من الأجانب، يتفاعلون بتأثر واضح مع أناشيد القرن الرابع عشر، المقتبسة من الرقص والغناء في الكنيسة اللذين يعتبران عادة قروسطية متجذرة جدا. تأسست هذه المجموعة في بلينسيا الاسبانية، تهتم بالموسيقى التي ألفت قبل سنة 1800 وبمعايير أداء الآلات الموسيقية التاريخية، وقد استطاعت تحرير مجموعة من النصوص المتوارثة، ومن بينها كتاب «فيرميل» الذي يتضمن مقاطع فريدة من نوعها منظومة في عشر أناشيد دينية باللاتينية والكاطالانية وفرنسية أهل الجنوب، من بينها رقصات مستقاة من ريبرتوار موجه إلى المؤمنين، كتب في الفترة ما بين 1396 و1399، وهو مخطوط نفيس يضم منتخبات دينية نسخ الجزء منها بيد شخص واحد في نهاية القرن السادس عشر. وفي الحصة المسائية من يوم الثلاثاء، كان للجمهور موعد مع ثلاثة عروض أخرى، الأول بدار المقري، كان عبارة عن «كوكطيل» فني راق من أداء كل الحاخام «حاييم لوك»، من خلال ترانيم روحانية تمتح عبقها من تاريخ السامية، وعبد الرحيم الصويري من خلال أشعاره التي تتغنى بفضائل النبي محمد(ص) وسماحة الإسلام، فجاء الحفل في غاية الروعة، يوحي بقيمة التعايش والإخاء. الحفل أطلق عليه اسم «فن المطروز… شعر عربي عبري»، في إشارة إلى احتفاء دورة المهرجان الحالية بالشعر الصوفي. وبدار عديل شنفت الفنانة الأمازيغية شريفة الجمهور الغفير الذي حضر إلى عرضها، رغم ضيق المكان، بعرض من فن «تماويت» الذي يعكس جذور الغناء الأمازيغي المرتبط بحب الأرض والتغني بالشرف. متحف البطحاء عاد ليستقبل جمهور المهرجان من جديد بعرض فني آخر في التاسعة مساءً، أحيته مجموعة «النور» المشكلة من فنانين من فرنسا وإيران، من خلال توليفة من الأناشيد الصوفية الفارسية. هذه المجموعة سحرت الجمهور بالصوت الملائكي لقائدة الفرقة «نطاليا جيت» التي أدى مجموعة من الأغاني الصوفية، المستوحاة من الثقافة الفارسية، لكن بتوزيع غربي. برنامج يومه الخميس من عروض مهرجان فاس، عربي بامتياز، ففي الساعة الرابعة عصرا، يلتقي الجمهور مع حفل لفن الأربيسك، من خلال مشاركة فنانين من مصر ولبنان وسوريا في وصلات فنية مستوحاة من التراث الثقافي لأهل الشام، وحضارة أمصر، وفي المساء يلتقي الجمهور المغربي والعربي مع الحفل الذي ظل ينتظره الكثير، ويتعلق بالحفل المشترك الذي تقرر أن يجمع بين الفنان اللبناني الكبير وديع الصافي» والمطرب التونسي القدير لطفي بوشناق. الحفل يتوقع أن يستقبل رقم قياسي من الجمهور، من مدن مغربية مختلفة ومن خارج المغرب، حيث من المقرر أن يؤدي المطربان أجمل روائعها، فضلا عن عمل جديد مشترك، عبارة عن «ديو»، يرتقب أن يُكشف عنه لأول مرة بمهرجان فاس. محمد الزوهري [Bookmark and Share]