بمجرد أن بدأت هبة وهي رضيعة في شهرها الأول في السعال حتى هبت والدتها إلى أقرب مستوصف عمومي.. هناك وصفت لها الطبيبة بعد فحص سريع وبسيط محلولا خاصا بالسعال لم يؤد الدور المنوط به، فاضطرت الأم هذه المرة أن تحمل صغيرتها إلى طبيب اختصاصي في أمراض الأطفال، ثم إلى الطبيب الثاني والثالث، لكن حالة هبة كانت لا تزيد إلا استفحالا. بدأ المرض عند هبة بحالة رشح بدت عادية للوهلة الأولى، ثم أخذت بالسعال إلى أن بدأت خلال أيام تعاني بنوبات من السعال الشديد المصاحب للزرقة، وكانت تقذف كمية من المخاط مع صعوبة في التنفس، وتبدو وكأنها تختنق و تنتهي نوبة السعال هاته بشهيق عميق، كأنه صوت الديك. استفحلت الحالة الصحية لهبة في تلك الليلة، فاضطرت الأم هذه المرة لنقلها إلى مستعجلات مستشفى الأطفال ابن رشد بالدارالبيضاء لكي يعاينوا وضعها، وعلى الفور قررت الطبيبة هناك بضرورة مكوث الرضيعة بالمستشفى لأيام لتعالج من مرض “العواية” أوالسعال الديكي.. استغربت الأم كيف يمكن أن تصاب ابنتها بهذا المرض الذي لم يعد الحديث عنه في المغرب، لكن استغرابها تلاشى بمجرد أن علمت بأن الجناج رقم (2) ، عرف توافد العديد من الأطفال والرضع الذين يئنون من نفس المرض.. فالأعراض متشابهة وتشخيص المرض واحد وهو “العواية”. كانت غرفة الجناح مكتظة بالأطفال المصابين ب”العواية”، مرض من المفروض أنه لم يعد يصيب الأطفال منذ فترة، لأن المغرب يضرب به المثل على الصعيد الدولي في ما يتعلق بالبرنامج الموضوع لضمان التلقيح للأطفال ضد الأمراض الخطيرة، إذ أن الإحصائيات تفيد أن 95 في المائة من الأطفال المغاربة لقحوا ضد الأمراض الفتاكة. ثم إنه من المفروض أن هؤلاء الأطفال والرضع سبق لهم ابتداء من الأسبوع السادس لولاداتهم أن استفادوا من تلقيح ضد هذا المرض. حسب أحد الأطباء بمستشفى الأطفال فإن مرض “العواية” تسببه جرثومة بكتيرية، وهي شديدة الانتقال والعدوى بين الناس من المرضى المصابين بها، وعادة تنتقل بواسطة الرذاذ المتطاير من فم المريض وأنفه وتزداد مع السعال، ويمكن انتقالها عن طريق استخدام أدوات المريض من ملابس وآنية قد استخدمها، والأطفال الرضع دون سن سنة من العمر، هم أكثر عرضة لتقبل العدوى والإصابة بهذا المرض. أما العلاج الذي قد يقرر له فيعتمد على تناوله مضادات حيوية للجرثومة المسببة للمرض، وبعض المسكنات للتخفيف من حدة السعال. وقد توصف للأفراد الآخرين في منزل المريض لمنع إصابتهم و وقايتهم من المرض، خشية أن ينتشر ويصيب أفرادا آخرين في المجتمع إذا ما أصيب به الكبار. مازالت هبة ومعها العديد من الأطفال يأخذون علاجهم من هذه الجرثومة القادمة من أوروبا حسب الاختصاصيين، في انتظار أن يتم القضاء بشكل نهائي على هذا المرض وغيره من الأمراض الفتاكة التي تظهر في المغرب بين الفينة والأخرى، هذا الظهور الذي يؤكد أن المغرب مازال عاجزا عن القضاء على هاته الأمراض.