كان لصا «متعوسا» بكل معنى الكلمة. فبدل أن تلقي عليه الشرطة القبض أثناء تلبسه بالسرقة، وقع من سوء حظه بين أيدي حشود من السكان الغاضبين على تنامي «الكريساج» بحيهم. سيناريو رهيب عاشه مساء أول أمس الثلاثاء «شفار» في العشرينات من العمر، وهو بين كماشة العشرات من أبناء حي الأزهر بالبرنوصي بالدار البيضاء، الذين انهالوا عليه من كل جهة باللكمات والصفعات إلى أن تورمت قسمات وجهه. هذا اللص «لي حصل حصلة خايبة» أصبح لا محالة يتمنى حينها أن يكون بين قبضات رجال الأمن وأصفادهم، التي هي أرحم عليه من سخط «عباد الله». ولولا تدخل أحد حراس العمارات وبعض الشبان الأشداء لإنقاذه من عملية القصاص الجارية، حيث خلصوه ب«مشقة الأنفس» من الجماهير المستعرة، وأغلقوا عليه الباب الحديدي لمرآب تحت أرضي في انتظار قدوم الأمن. الزمان كان قبل موعد آذان المغرب بدقائق معدودة من مساء الثلاثاء 15 ماي. المكان زقاق خلفي لإحدى عمارات الشطر الثامن بحي الأزهر التابع لمقاطعة سيدي مومن، حيث حاول لص لا يتجاوز سنه الرابعة والعشرين أن يسلب تحت التهديد بالسلاح الأبيض فتاة صغيرة في التاسعة من عمرها ما كانت تحمله من نقود، وهي متوجهة إلى دكان بقالة قريب من مسكن والديها. مشهد وقوع طفلة تحت رحمة «شفار» مدجج بسكين كبيرة، أثار انتباه بعض أبناء «الدرب»، الذين تربصوا له وهو يقود ضحيته نحو مكان مظلم، ثم حاصروه رغم محاولته الفرار والاختباء خلف شاحنة، ليتم الإمساك به. وما أن وصل الخبر إلى باقي سكان العمارات المجاورة، حتى تحول الموقف إلى محاكمة فورية، طبقت فيها الحشود الغفيرة مقولة «إيد من الفوقانية». وكادت خلالها الضربات العنيفة والمتتالية، الموجهة بلا هوادة إلى اللص «المتعوس» أن تزهق روحه لولا رأفة بعض المتحكمين في أعصابهم به، الذين وفروا له الحماية الجسدية إلى حين تسليمه للأمن. وبعد مرور حوالي 40 دقيقة من انتظار قدوم الشرطة التي تم الاتصال بها. كانت الحشود الغفيرة تزداد عددا. كما تعالت هتافاتها المطالبة بالانتقام في عين المكان من هذا اللص، الذي يمثل في نظرهم نموذجا لتفشي ظاهرة السرقة و«الكرساج» والاعتداء بالسلاح الأبيض على المواطنين واغتصاب الأطفال وقتلهم. وعند حلول سيارة للأمن الوطني من نوع «باطنير»، وجد ثلاثة من عناصر الشرطة بالزي المدني صعوبة في إخراج المتهم من المرآب تحت أرضي وسط حشود غاضبة، مما اضطرهم إلى إدخال سيارتهم حيث يحتجز اللص، الذي وجدوه مثخن بالكدمات على مستوى وجهه، ليتم نقله إلى المستشفى قبل إحالته على مقر الشرطة القضائية بحي أناسي.