في ساعة مبكرة من صبيحة يوم الأربعاء الماضي، فاتح شتنبر الجاري، فوجئت شابة تقطن وأسرتها الصغيرة بإحدى شقق إقامة الحياة بحي بلفيدير بالدار البيضاء، بحركة إنسان غريب في شرفة غرفتها المطلة خلف واجهة العمارة. كانت الشابة تستعد للذهاب إلى العمل في الساعة السابعة والنصف صباحا لتفاجأ بشخص يقف في شرفتها المغلقة بباب زجاجي عليه ستار شفاف، لم تقو على الكلام ولا على رفع الستار لرؤية ملامحه، تسمرت في مكانها لتتأكد أنه لص يتربص بالشقة نزل من سطح العمارة ليحل على الأسرة القاطنة بالطابق السادس، معتقدا أن أفرادها نيام. كان الأب يأخذ حمامه الاعتيادي والأم، التي أجرت عملية جراحية دقيقة، تغط في سبات عميق استفاقت منه مرعوبة بعدما أيقظتها ابنتها وهي تقول «ماما شفار في البالكون». هرعت الأم لتفتح بخفة وسذاجة باب الشرفة لتبحث عن اللص الذي اختفى بسرعة البرق، وقفت وابنتها تتحدثان عن شكله وهيئته وسنه والمسار الذي سلكه للنزول إلى الشرفة دون خوف من السقوط في الهاوية. وقتها كان اللص قد قفز إلى الشرفة المحاذية مختبئا بين الحائط الفاصل بين الشرفتين يتابع حديثهما. وظل ينتظر إخلاء المكان بعد افتضاح أمره وخوفه من الوقوع بين يدي الساكنة التي بلغ صدى الحديث بعض بيوتها المجاورة، وفتحت نوافذها لتتابع المشهد عن بعد. وفي تلك الأثناء أطل اللص من الحائط الفاصل بين الشرفتين مهددا الأم بعينين جاحظتين قائلا: «سيري بحالك». كان يتحدث بطمأنينة وثقة في النفس رغم حالة الإحباط التي أصيب بها، ردت عليه الأم «أشنو كاتدير هنا في هاد الساعة إلى ما كنتيش شفار». بدت عليه حالة من الهيجان بعدما وضع يديه على الحائط للعودة إلى الشقة، حينها بدأت الابنة تصيح محذرة أمها وتطلب منها الدخول فورا وإغلاق الباب ونافذة الصالون، هرعت الأم تنادي زوجها من الحمام وفي تلك اللحظة الوجيزة اختفى اللص الذي كان يرتدي قميصا أسود وسروال جينز أبيض ليتسلق كالقط ثلاثة طوابق التي نزل منها ويلوذ بالفرار دون أن يلاحقه أحد من الجيران الذين ظلوا يتابعون المشهد من النوافذ والشرفات ولم يبادروا حتى بالاتصال بالشرطة، ولا إخبار بقية سكان العمارة للقبض على السارق. وضعت الأم يومها شكاية لدى أمن بلفيدير ووقعت محضر استماع، وعند عودتها إلى البيت بلغها أن اللص كان قد ترك حاسوبا محمولا بسطح العمارة اتضح أنه سرقه مع أغراض أخرى (حلي وهواتف) من شقتين تقعان بعمارة أخرى من نفس الإقامة المكونة من ستة أبواب، والغريب في الأمر أن لا أحد من سكان الشقتين (الطابق السابع) أحس بوجود اللص الذي تجول داخل شقة تصل مساحتها إلى 240 مترا مربعا دون خوف من أفراد العائلة النيام مما يدل على أنه «مسلح» بما يسمح له بالدفاع عن نفسه والإيقاع بضحايا محتملين.