إكراهات الموسم الفلاحي تعصف بتوقعات الحكومة وتدفع وزارة الإقتصاد والمالية إلى مراجعة حساباتها من جديد لحظة تنصيبها من طرف جلالة الملك قبل ثلاثة أشهر، راهنت على معدل نمو اقتصادي في حدود 4,8 ٪، شكل حينها تراجعا من قبل أحزاب الأغلبية الحكومية عن المستوى الذي وعدت به الناخبين في استحقاقات 25 نونبر التشريعية، لدوافع بررتها أنذاك بتداعيات الظرفية الإقتصادية الدولية الصعبة التي لن تسعف الحكومة على الوفاء بتعهداتها في هذا الصدد على حد تعبير بعض مسؤوليها. بعد ذلك بفترة وجيزة، وبعدما لاحت في الأفق بوادر موسم فلاحي متواضع جراء تأخر التساقطات المطرية، خرج نزار بركة وزير الإقتصاد والمالية ومعه ادريس الأزمي الوزير المكلف بالميزانية بتصريحات جديدة تفيد بأن الحكومة قد قررت خفض معدل النمو إلى 4,2 ٪، قبل أن تعود مع نهاية الأسبوع الماضي إلى خفضه مرة أخرى إلى 3,4 ٪ متدرعة هذه المرة بتراجع محصول الحبوب المتوقع هذا العام إلى حدود 48 مليون قنطار. فهل سيتلقى معدل النمو الإقتصادي مزيدا من الضربات الحكومية في مستقبل الأسابيع القادمة؟ أم أن الحكومة قالت كلمتها الأخيرة؟ مؤكد في نظر بعض خبراء الإقتصاد، بأن تداعيات الظرفية الإقتصادية الصعبة وطنيا ودوليا، لن تساعد على تحقق فرضيات النمو التي انبنى عليه مشروع الميزانية الذي صادق عليه مجلس المستشارين يوم الجمعة الماضي، وهو ما ينذر بتواصل مسلسل الخفض الذي قد يذهب إلى حدود 2 ٪ كنسبة واقعية للنمو المنتظر تحقيقه خلال السنة الجارية، يؤكد هؤلاء الإقتصاديون في تناغم مع خلاصة التقارير التي أعدتها مؤخرا بعض المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي الذي أكد قبل أسابيع بأن معدل نمو الإقتصاد المغربي لن يتعد حدود هذه النسبة. أما نزار بركة وزير الإقتصاد والمالية، فقد ظل متمسكا، كما في المرة السابقة، باتهام الموسم الفلاحي الحالي في تبرير دوافع توجه الحكومة إلى خفض إضافي هو الثالث من نوعه لمعدل النمو خلال هذا العام، حيث اعتبر الوزير الإستقلالي بأن تراجع محصول الحبوب المتوقع خلال الموسم الفلاحي الحالي من 70 مليون قبل أشهر إلى 48 مليون قنطار حاليا، قد أسهم في تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، وكان له تأثير مباشر في قرار خفض معدل النمو، “إلا أن ذلك لن يكون له أي انعكاس سلبي على المالية العمومية” يؤكد بركة مبددا مخاوف المراقبين لشأن التوازنات الماكرواقتصادية