مشكلتي أن ابني الكبير يعاني من مشكل السمنة، عمره لا يتجاوز تسع سنوات، ومع ذلك يعاني من سمنة مفرطة، وجميع زملائه في الدرسة يعايرونه، وسبب سمنته النهم، فهو يتناول الطعام بشكل مفرط.. في البداية كنا نضغط عليه عن طريق الحميات الصارمة، لكنه لم يكن يلتزم بتلك الحميات، كما أن حالته ساءت، خصوصا أنني كنت أضغط عليه لكي يمتنع عن تناول الطعام لمدة طويلة.إنني أتعذب بسبب هذا المشكل الذي حول حياتنا إلى جحيم حقيقي، فقد ضعفت نتائجه المدرسية بسبب تغيباته الكثيرة والسبب سخرية زملائه حاولت أن أجعله يستفيد من حمية صارمة، لكنه لم يلتزم بها نظرا لرغبته الشديدة في الأكل فهو يتناول كل أنواع الطعام كالمقالي والأرز والحليب والحلويات والشوكولاطا ، بالإضافة إلى الكريما والأيس كريم.وما زاد الوضع سوءا هو أن والده أصبح قاسيا عليه، ورغم تدخلاتي فإن الوضع لم يتغير، ودائما السبب هو أنه يأكل بشراهة ويشتري أشياء خفية عنا، فزوجي يعتقد أن ابني مهمل لدراسته ولا يكف عن الأكل، في حين أنه ولد لطيف جدا ومهذب، والحقيقة أن وزنه كان عاديا وهو طفل ولم يزد في الوزن إلا في الآونة الأخيرة فقط..أرجو من المختص أن يساعدنا على تجاوز ابني لهذا المشكل فمن الأكيد أن السمنة أثرت على نفسيته.. فاطمة الزهراء في البداية، أود أن أشير إلى أن أعراض السمنة لا تحتاج إلى تشخيص طبي دقيق لمعرفتها، لأن أي شخص يمكنه أن يعرف أن ذاك الواقف أمامه يعاني من السمنة. إذ من الوهلة الأولى يظهر أن الإنسان يعاني من أعراض السمنة. كما أن ليست هناك أمراض مسؤولة عن الإصابة بالسمنة، إلا في حالات نادرة واستثنائية جدا، لكن الأسباب الحقيقية تكمن في نمط الحياة الذي يعيشه الشخص، ويتمثل في كثرة الأكل وقلة الحركة بشكل عام. وهذه الأسباب تنطبق على كل الأفراد نساء ورجالا وأطفالا. وظاهرة السمنة أصبحت متفشية في مجتمعنا اليوم، حيث إن ما بين 10 و14 في المائة من المغاربة يعانون من السمنة. والسمنة قد تعتبر مؤشرا حقيقيا على الإصابة بالعديد من الأمراض كداء السكري وأمراض القلب والشرايين وهشاشة أو ترقق العظام وبعض أمراض الجهاز التنفسي وداء المفاصل، والآن أثبتت الدراسات أن هناك علاقة مباشرة بين السمنة وبعض أمراض السرطان، خاصة سرطان القولون. والحقيقة أننا نعتبرها مرضا، رغم أن شركات التأمين لاتعتبرها كذلك، ولا تقدم تعويضات بشأنها. ومعروف أن السمنة تؤثربشكل سلبي على بعض الأشخاص، فهم يعيشون حالة اكتئاب دائم، ويميلون إلى العزلة والانطواء. والحقيقة أننا نستعين أحيانا بأطباء نفسانيين ليكون العلاج من السمنة مصاحبا بالدعم النفسي. وأريد أن أقول شيئا مهما وهو أنه حان الوقت لتكون لدينا تربية غذائية تلقن في المناهج المدرسية وتحذرأطفالنا من الأكل بصفة غير منتظمة خارج البيت، وتجنب الأكلة الجاهزة. ليكون النظام الغذائي صحيا وسليما، يجب أن تحتوي الأطعمة على مجموعة من الفيتامينات والمعادن وعلى الكمية من الماء التي يحتاجها الجسم بشكل يومي، إذ من الأفضل أن يمتص الجسم الفيتامينات والمعادن بشكل مباشرة من الطعام، بدلا من الحصول عليها من مكملات الغدائية أخرى مثل " عقاقير الفيتامينات " .أما المجموعات الغذائية الأساسية فهي الذهون ، البروتينات، النشويات، الحليب مشتقاته ومعلوم أنه من الصعب تحديد الوحدات الحرارية التي يجب تناولها بشكل يومي، إذ يعسرعلى الإنسان أن يقيس في كل مرة ما يحتويه طعامه من هذه السعرات. لكنه يمكن أن يضبط أكله عن طريق حرصه على تجنب الدهنيات، والابتعاد عن الأكلات الجاهزة مع ممارسة نشاط رياضي ولو نصف ساعة من المشي يوميا. تكمن صعوبة علاج السمنة في كون هذه الأخيرة ترتبط بالوقت، إذ ما يكاد الشخص يفقد بعضا من وزنه حتى يستعيده من جديد. لأن الحل هو أن يغير الإنسان عادات أكله والأهم أن يتعود على ذلك. وغالبا ماتكون العادات التي ترتبط بالأكل سيئة، وهذا ما يجعل أفراد نفس العائلة الواحدة يعانون من مرض السمنة. في المتوسط يجب على الإنسان أن يستهلك ما بين 1400 و1800 وحدة حرارية يوميا. وللأسف، تعددت في السنوات الأخيرة أنواع الحمية، بحيث أصبحت تثير الكثير من المخاوف حول فاعليتها ومدى نجاعتها، خاصة إذا كانت الحمية لا تحترم عددا من الإرشادات الطبية والصحية التي ترافق عملية التخسيس. ويمكن القول إن الحمية الآساسية التي تراعي ما يتطلبه الجسم من مواد غدائية، تبدأ بمعرفة التركيبة كل المواد الغدائية التي نتناولها. فطول الامتناع عن الطعام بهدف إنقاص الوزن يؤدي إلى: حدوث نقص شديد في البروتين من أنسجة جسمه.. ظهور مضاعفات صحية أخرى، مثل: الغثيان، انخفاض ضغط الدم والإغماء.وقد يؤدي الانقطاع عن الطعام من أجل إنقاص الوزن إلى عدم وصول الدم إلى المخ والقلب، لهذا من الضروري الالتزام بحمية صحية خاضعة لتعليمات الطبيب المعالج، والتي يجب أن تتضمن المواد التالية:- الكربوهيدرات- الدهون- البروتينات- المعادن والفيتامينات- الماء لكل عنصر من هذه العناصر دور هام في إمداد الجسم بالطاقة. وتختلف الأغذية في محتوياتها من هذه العناصر فبعض الأغذية تحتوي على جميع العناصر الغذائية ولكن بنسب متفاوتة في حين أن بعضها يحتوي على عنصر واحد أو عنصرين فقط، فمثلا الفواكه تحتوي على الكربوهيدرات أكثر من أي عنصر آخر والخبز والحليب يحتوي على الكربوهيدرات أكثر ثم البروتينات فالدهون، واللحوم تحتوي على البروتينات أكثر ثم الدهون فالكربوهيدرات، والسكر يحتوي فقط على الكربوهيدرات. فإذا ما تناول الإنسان الكربوهيدرات تتحطم في جسم الإنسان إلى سكريات أحادية بسيطة " الجليكوز) وذلك ليستخدم مباشرة كوقود ليمد جسم الإنسان بالطاقة، كما يخزن جزء منه في الكبد على صورة جلايكوجين وما زاد عن الحاجة بعد ذلك يتحول إلى دهون تخزن في الأنسجة الدهنية للجسم. أما البروتينات، فإنها تتحلل إلى مركبات بسيطة تمتص إلى الأنسجة والعضلات أو أنها تتحول إلى جليكوز لاستخدامه كطاقة فورية، أو أنها تتحول إلى دهون تخزن في الأنسجة الدهنية لجسم الإنسان. أما إذا تناولت الدهون فإنها إما تتحول إلي جليكوز تستخدم مباشرة لإنتاج الطاقة الفورية أو أنها تخزن في الأنسجة الدهنية لجسمك. وتبقى أفضل وسيلة هي الحمية الغذائية التي تحضر في البيت، بطرق صحية سليمة ومتوازنة مع تجنب المواد الدهنية بطبيعة الحال. وأنجع حمية في نظري، والتي حان الوقت لكي نعيد إليها الاعتبار، هي الحمية المتوسطية، وهي مائدة تتكون من زيت الزيتون، الحبوب والقطاني، والخضراوات الطرية والجافة وكذلك الفواكه المتنوعة، بالإضافة إلى السمك. لاوجود لوصفة يمكن الاعتماد عليها للتخلص من السمنة خارج المائدة والبيت. هناك شيء أريد أن أركز عليه، وهو تجنب الأدوية التي تقطع الشهية، لأنه تبين أن الناس الذين كانوا طيلة فترة طويلة يتعاطون هذه الأدوية يعانون من مشاكل صحية خطيرة.