بالرغم من مرورها كطيف عابر، برحابة دنيا الله الواسعة، حين لفظها رحم الأم جثة هامدة على قارعة الطريق، بمدخل دار الولادة بجماعة الصهريج بإقليم قلعة السراغنة، لتحمل في قلبها الصغير إلى دار البقاء شيئا من ظروف وواقع القطاع الصحي العمومي ببلادنا، فقد استطاعت المولودة أن تكون رقما إضافيا صعبا بالنقاش الوطني الدائر على مستوى الوضع الصحي. وصلت قضيتها بكل تفاصيلها المأساوية إلى مجلس الحكومي، حين وصف عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة تفاصيل القضية ب«الحادث المؤلم والمؤسف وغير مقبول خاصة بعد إعطاء جلالة الملك السادس الانطلاقة الرسمية لنظام المساعدة الطبية (راميد)»،مع تأكيده على حق المواطنين في «الولوج إلى المستشفيات». وزير القطاع دخل بدوره على خط القضية، التي جعلت أسرة متواضعة تدفع فاتورة، اختلالات القطاع الصحي، حين رفضت ثلاث مستشفيات عمومية، استقبال الأم الحامل، لتجبر على وضع مولودتها ميتة على بوابة دار الولادة، لتكون عملية الوضع بمثابة صرخة إدانة، لواقع صحي عليل، غالبا ما يدفع البسطاء من المواطنين ،ثمنا من أرواحهم وسلامة صحتهم. مندوب وزارة الصحة بإقليم قلعة السراغنة، سارع في إطار الرغبة في احتواء ذيول وتداعيات القضية، لعقد اجتماعات ماراطونية ،مع فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة، والهيئات الحقوقية، انتهت بتحرير محضر مشترك، التزم من خلاله المسؤول المذكور، بمباشرة تحقيق نزيه وشفاف لتحديد مجمل الظروف والملابسات المحيطة بالقضية، مع الإسراع بإحضار سيارة إسعاف رباعية الدفع،لوضعها رهن إشارة ساكنة الدائرة الطبية، في أفق وضع حد لمشاكل نقل المرضى والحوامل. تم الالتزام كذلك بالعمل على إصلاح وترميم دار الولادة بجماعة الصهريج، والمستوصف القروي بجماعة الحمادنة، مع توسيع رقعة حصة الدائرة من الأدوية المسلمة من وزارة الصحة. المشكل الذي بقي مستعصيا على إيجاد حل مقبول ومعقول له، هوالعمل على تعزيز الموارد البشرية العاملة بالقطاع بالمنطقة، لتغطية الخصاص الحاصل في هذا الجانب. الدائرة الصحية التي تهم 8 جماعات قروية، وتغطي حاجيات أزيد من 94 ألف نسمة من الساكنة الفقيرة، ظلت تعاني من عجز كبير على مستوى الخدمات الطبية، ما جعل الساكنة تخرج في أكثر من مناسبة في وقفات احتجاجية، للتنديد بهذا الواقع المفروض، اصبحت اليوم محط أنظار الجهات المسؤولة، ب«بركة» المولودة التي حرمت نعمة الحياة بفعل الإهمال والتسويف في مد والدتها بأسباب الوضع السليم، لتقرر بعض الهيئات الحقوقية بالمنطقة، عدم الاستكانة لما تم تقديمه من وعود، ومن ثمة إعدادها العدة، لرفع دعوى قضائية في الموضوع، بناءا على طلب مؤازرة من الزوج الذي لم يقو بعد على هضم فصول مأساته التي عاش تفاصيلها بمرارة طيلة يومين، قبل أن يشاهد بأم عينيه حليلته وهي تضع مولودتها ميتة بقارعة الطريق في ظروف لاإنسانية.