أعلنت أكاديمية المملكة المغربية أنه قد آن الأوان لتصبح للمغرب دار تاريخ . وأكد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل الحجمري، على وجود دوافع وجيهة لإحداث مؤسسة رسمية تعرف بتاريخ المغرب . وأوضح الحجمري، في ندوة صحافية عقدتها الأكاديمية الأربعاء 24فبراير 2021 لتقديم مؤلف جماعي من الطراز الرفيع يحمل عنوان :"من أجل دار تاريخ المغرب"، ( أوضح الحجمري) أنه هناك "مطلب اجتماعي ملح لمعرفة الماضي والاطلاع عليه بشكل هادئ، تماشيا مع إجراءات وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة". وزاد القائم على أرقى مؤسسة فكرية بالمغرب مؤكدا على وجود" طفرة على مستوى البحث التاريخي، مما يفسح المجال لتأسيس مثل هذه الدار الضرورية بقدر ما هي مفيدة". واستطرد الحجمري مبرزا أن "من شأن هذه المؤسسة أن تسهم في إبراز تاريخ المغرب المتنوع بصورة حية ومتجددة". وأكد الحجمري أن أكاديمية المملكة، وبعد استكمال بنياتها التنظيمية عقب صدور القانون المتعلق بهيكلتها وصلاحياتها الجديدة في الجريدة الرسمية في 9فبراير 2021، "ستواصل المجهودات الفردية والمؤسسية التي بذلت للنهوض بتاريخ المغرب". وأبرز الحجمري أن إصدار الأكاديمية للمؤلف الجماعي " من أجل دار تاريخ المغرب"، الذي يضم أعمال الندوة الدولية التي احتضنتها الدارالبيضاء سنة 2012 ، يشكل خطوة أولى في عملية ترافع ستقودها أرقى مؤسسة فكرية بالمغرب. ودعا عبد الجليل الحجمري إلى "الانكباب على الإشكالات الكبرى المتعلقة ببنيات إنتاج البحث التاريخي وقضايا التوثيق والأرشيف والتكوين الجامعي والمدرسي ومسألة النشر والتناول الإعلامي للقضايا التاريخية والتعميم الجماهيري لمادة التاريخ". وزاد الحجمري مؤكدا :" هدفنا خدمة الأجيال الصاعدة من خلال الإسهام والتنسيق لإرساء ذاكرة وتاريخ وطني متوازن قوامه الإنسان وتملك الزمن التاريخي المغربي". وشهدت ندوة الأكاديمية تقديم الإصدار الجديد، " من أجل دار تاريخ المغرب"، الذي يقع في 630 صفحة من القطع الكبير، ويضم حوالي ثلاثين مساهمة علمية لمؤرخين وباحثين في مجال العلوم الإنسانية، من المغرب والسنغال وأمريكا وفرنسا، والتي كانوا قدموها في الندوة، التي عقدت في الدارالبيضاء سنة 2012 بمبادرة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج والرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ادريس اليزمي، بوصفه المشرف على المؤلف الجماعي، على أن " الكتاب يشكل لحظة هامة في تاريخ المغرب، فهو يدافع عن إحداث "دار تاريخ المغرب" تستجيب للمطالب الملحة للمجتمع المغربي في هذا المجال، ولاسيما الأجيال الصاعدة لمعرفة تاريخ بلادهم الممتد على مدى قرون". وأضاف اليزمي أن مطلب إحداث هذه الدار يأتي، أيضا، لمواكبة دينامية المبادرات السياسية والمؤسساتية، التي يعرفها المغرب، من قبيل إحداث مؤسسة أرشيف المغرب وهيئة الإنصاف والمصالحة وغيرها. ولفت اليزمي إلى أن من شأن إحداث "دار تاريخ المغرب" أن يساهم في إغناء البحث العلمي حول تاريخ المملكة وتمكين الأجيال المتعاقبة من معرفة المزيد عن تاريخ بلدهم العريق والكشف عن مدى تنوع مكوناته. كذلك، ومن جهته، اعتبر أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط والمنسق العلمي للندوة حول "دار تاريخ المغرب"، محمد كنبيب، أن "المؤلف الجماعي يدعو إلى إنشاء مؤسسة وطنية موجهة بالأساس للأجيال الصاعدة من أجل تعريفها بتاريخ المغرب العريق وتقوية روابطها مع جذورها الوطنية" . وأبرز كنبيب أن إحداث هذه المؤسسة فيه استجابة لتزايد الطلب الاجتماعي في مجال التاريخ بما يحتم إحداث مؤسسة كبرى يتوخى منها جعل تاريخ المملكة في متناول الجميع. وتعكس مختلف الإسهامات، التي تضمنها المؤلف الجماعي " من أجل دار تاريخ المغرب"، الذي صدر عن دار النشر "ملتقى الطرق"، تصورا أوليا لدار المستقبل، التي صممت كفضاء للبحث والدراسات والتأويل، ولتنظيم المحاضرات والندوات، وللنشر والربط الشبكي، فضلا عن كونها أداة تعليمية، وذلك بالعمل في إطار الشراكة مع الأوساط الأكاديمية والمؤسسات ذات الصلة (خاصة دور المحفوظات والأرشيف والدوائر التربوية والتعليمية) وكذا المجتمع المدني. ويضم هذا المؤلف الجماعي مجموعة من العروض الأكاديمية تتناول، على الخصوص "التاريخ والتأريخ في عصر الإنترنت"، و "التراث الديني للمغرب"، و "المرابطون والموحدون ومسألة توحيد أقطار المغرب الإسلامي عقائديا وسياسيا"، و"النخبة المثقفة وقضايا المغرب الكبرى في النصف الأول من القرن العشرين (1912-1956)".