انطلقت فعاليات المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدار البيضاء أول أمس الإثنين في دورة فرضت جائحة كورونا أن تتم عن بعد لكن بإحساس القرب، وقد دشن هذا الموعد الفني نسخته ال32 بتنظيم ورشات تكوينية تمتد على مدار ثلاثة أيام ويسهر على تأطيرها مسرحيون فرنسيون ومكسيكيون، في محور أول حول إبداعية العرض المسرحي، والمسرح وسرد السير الذاتية، على أن ينطلق المحور الثاني الجمعة ويتواصل إلى غاية الأحد القادم بتأطير إنجليزي ولبناني وفرنسي. وتميز حفل افتتاح المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، الذي دأبت على تنظيمه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك منذ 1988، بعرض مسرحية "النمس" لفرقة المسرح المفتوح، وهو العرض الناجح الذي شاركت به الفرقة في عروض مسرحية داخل المغرب وخارجه، ونال استحسان الجمهور الواسع والنقاد والمتتبعين. كما عرف حفل قص شريط الدورة الراهنة إلقاء رئيسة جامعة الحسن الثاني الدكتورة عواطف حيار، كلمة اعتبرت فيها أن هذا المحفل المسرحي مناسبة لتواصل الشباب والطلبة المغاربة مع نظرائهم في العالم وفرصة لتجسير العلاقات الإنسانية، منوهة بالجهد المبذول من لدن المنظمين. وتناول الكلمة بعدها الدكتور عبد القادر كنكاي، عميد كلية بنمسيك، الذي اعتبر أن اختيار الحلم شعارا لهذة الدورة يتماشى ورغبة المنظمين في جعل هذا الموعد السنوي الممتد من 21 إلى 27 دجنبر الحالي، لحظة للحلم في رحاب أبي الفنون، وأشار إلى أن هذه الدورة تقام عن بعد للظروف التي فرضتها جائحة كورونا، وأن اللجنة المنظمة قررت أن تكون كسابقاتها موعدا للقاء والحوار وتبادل الأفكار والتجارب وأيضا مناسبة لتقاسم هموم الفكر والإبداع، بتخطي حدود الفضاء والزمن وتجاوز الاختلافات اللغوية والعقدية والثقافية. وتشارك في الدورة الراهنة كل من تونس ولبنان وسوريا وفلسطين واليونان وإيران وكوريا الجنوبية وفرنسا ثم بالمكسيك في أقصى أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى المغرب البلد المستضيف. ويتيح البث الرقمي لهذه النسخة أن يتابعها جمهور غفير من المسحريين والطلبة عبر دول العالم بالنظر إلى العروض المسرحية المتنوعة التي يشتمل عليها برنامج هذه السنة. وتتميز هذه الدورة بإهداء المنظمين للعالم لوحة فنية مغربية خالصة تتمثل في العمل الفني "فرحة دكالة" للكوريكراف المغربي الكبير والمخرج لحسن زينون، وهي التحفة التي تجسد روح المغرب وهويته العميقة بفنونه وأهازيجه وألوانه ولغاته، وتمثل المغرب المتعدد العريق في التاريخ وذو الثقافة الغنية والمتنوعة. الدورة نفسها حافظت على دأبها في تكريم جوه المسرح والإبداع، واختارت هذه المرة أن تحتفي بالدراماتورج والإعلامي الحسين الشعبي والفنان القدير حميد نجاح صاحب الأدوار العالمية والمغربية المميزة والحضور الهادئ والعميق على الشاشتين الفضية والصغيرة. كما التفتت إلى المبدعة التونسية نصاف بن حفصية، التي بدأت مشوارها الفني انطلاقا من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، وانطلقت نحو الآفاق المهنية والإبداعية وهي الآن رئيسة مهرجان قرطاج السينمائي بتونس. ولم تنس الدورة الحالية استحضار أرواح من غادرنا هذه السنة وعلى رأسهم الفنانة ثريا جبران، والقيدوم حسن المنيعي، وعبد الجبار لوزير، وعبد العظيم الشناوي، وعزيز سعد الله، ومن الإعلاميين، صلاح الدين الغماري، وحكيم عنكر، سيخصص لهم المهرجان تذكارا في صفحات من كتاب المهرجان.