الرباط, 21-12-2020 (أ ف ب) - يزور مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر الثلاثاء المغرب آتيا من إسرائيل على متن أول رحلة جوية مباشرة بعد استئناف العلاقات بين البلدين، لتكون المملكة رابع دولة عربية تتخذ هذا القرار في الآونة الاخيرة برعاية الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب. ويرتقب أن يلي استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل التوقيع على عدة اتفاقيات، بحسب برنامج الزيارة قيد التحضير في الرباط. كما يشمل هذا الاستئناف تسهيل الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين وتطوير العلاقات في المجالين الاقتصادي والتكنولوجي، بحسب ما أعلن الديوان الملكي المغربي في 10 نوفمبر. ويزور 50 إلى 70 ألف يهودي المغرب سنويا غالبيتهم من الدولة العبرية، لكن في رحلات جوية غير مباشرة. ويأتي الكثير منهم لإحياء احتفالات دينية في مزارات يهودية مغربية. يمثل حضور كوشنر الى المملكة آتيا من إسرائيل أيضا واحدا من إنجازات ادارة ترامب في الشرق الأوسط، وذلك قبل أقل من شهر من انتهاء ولايته. ويترأس الوفد الإسرائيلي مستشار الأمن القومي مئير بن شبات، وهو يتحدر من والدين يهوديين ولدا في المغرب. وخلال احتفال في القدس إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الاثنين، قال كوشنر إن التطبيع مع المغرب "سيوفر مجموعة جديدة كاملة من الفرص لشمال إفريقيا والشرق الأوسط بأسره". وتابع "أدت جهودنا الجماعية إلى ولادة شرق أوسط جديد حيث تحدث الانجازات والاختراقات كل يوم تقريب ا". وكان المغرب حصل في مقابل استئناف العلاقات مع إسرائيل على اعتراف الولاياتالمتحدة بسيادته على الصحراء المغربية، المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر. وتضمن القرار الذي اتخذه ترامب كذلك الإعلان عن عزم الولاياتالمتحدة على افتتاح قنصلية في مدينة الداخلة بالصحراء الغربية، بينما تحدثت الصحافة المغربية عن حزمة استثمارات أميركية "هائلة" في المنطقة. في الوقت نفسه من المقرر أن تعيد إسرائيل والمغرب فتح مكاتب دبلوماسية وتفعيل التعاون الاقتصادي بينهما. وأشاد نتانياهو بما وصفه ب "الثورة" التجارية التي أطلقها اتفاق التطبيع الذي توسطت فيه الولاياتالمتحدة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، والذي وعد بأنه سيطبق أيضا بالنسبة للمغرب. وقال عن الإسرائيليين والإماراتيين "الجميع منشغلون بتقبل بعضهم البعض وبممارسة الأعمال التجارية معا". وتابع "والشيء نفسه الآن سيحدث في الرباطوالدارالبيضاء. نعم، كان الإسرائيليون هناك من قبل ولكن مع الرحلات الجوية المباشرة سيكون الأمر مختلفا تماما". تعتبر قضية الصحراء الغربية قضية وطنية في المغرب، تماما كما هو الشأن بالنسبة للقضية الفلسطينية. وكان إعلان الرئيس الأميركي الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل "بمثابة قنبلة" بحسب تعبير الباحثة في العلوم السياسية خديجة محسن فنان في مقال بموقع "أوريون 21". وقد احتفى المغاربة "في كل أرجاء العالم" بحسب وكالة الأنباء المغربية، "بمغربية الصحراء" فيما اعتبرت حركة حماس المتطرفة القرار المغربي "خطيئة سياسية لا تخدم القضية الفلسطينية"، في مقابل إشادة عدة دول كبرى بالتقارب بين المملكة وإسرائيل. وسبق للمغرب أن أقام علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، حيث يعيش نحو 700 ألف شخص من أصول مغربية، في تسعينات القرن الماضي عقب التوقيع على اتفاق أوسلو للسلام، قبل أن تقطع المملكة هذه العلاقات رسميا إثر الانتفاضة الفلسطينية العام 2000. لكن تعليق العلاقات الرسمية بين البلدين لم يمنع استمرار مبادلات تجارية بلغت قيمتها 149 مليون دولار بين عامي 2014 و2017، بحسب وسائل إعلام مغربية. كما أفادت نشرة لغرفة التجارة الفرنسية الإسرائيلية أن المغرب من ضمن الزبائن الخمسة الأوائل لإسرائيل في إفريقيا. وذكر المدير العام لمجموعة جريدة الأحداث المغربية وإذاعة ميد راديو أحمد الشرعي في مقال نشرته جريدة جيروزاليم بوست بأن استئناف العلاقات مع إسرائيل إنما يؤكد "شراكة قائمة عمليا منذ 60 عاما"، تشمل خصوصا "التعاون في المجال الاستخبارات والأمن". وينص الدستور المغربي على "الرافد العبري" باعتباره مكونا من مكونات الهوية الوطنية في ما يعد أمرا نادرا بالعالم العربي. كما تضم الدارالبيضاء متحفا للذاكرة اليهودية، فضلا عن "بيت للذاكرة" في مدينة الصويرة التي اشتهرت تاريخيا باحتضان عدد مهم من المغاربة اليهود، ويقام فيها أيضا مهرجان سنوي للموسيقى اليهودية-العربية. وأدرجت وزارة التربية الوطنية في المناهج الدراسية دروسا لتاريخ المغاربة اليهود وثقافتهم. ورغم أن المملكة تستمر في إغلاق حدودها للتصدي لوباء كوفيد-19 إلا أن افتتاح خط جوي مباشر مع إسرائيل أحيا آمال العاملين في قطاع السياحة الحيوي في الاقتصاد المغربي، الذي تضرر كثيرا جراء الأزمة الصحية. وروجت وزيرة السياحة المغربية نادية فتاح في حديث لقناة تلفزة إسرائيلية الأسبوع الماضي للمؤهلات السياحية للمغرب، مشيرة إلى خليج الداخلة في الصحراء الغربية الشهير بجذب هواة الرياضات البحرية.