سبق أن قام عمدة طنجة مع مطلع السنة، التي نستعد لتوديعها، بتفقد ورش مشروع المقبرة النموذجية ومركز الطب الشرعي بمنطقة الرهراه، واطلع على نسبة تقدم أشغال التجهيز والتهيئة، وأعلن عن قرب انتهاء الأشغال بهما، واستعداد الجماعة لافتتاح المركز والشروع في الدفن بالمقبرة الجديدة. لكن سرعان مع توقف حلم المقبرة النموذجية، بدعوى الكلفة المالية التي تتطلبها أشغال تهيئة موقعها نتيجة طبيعته الصخرية، في الوقت الذي يتساءل البعض كيف لم تثار هذه الملاحظة خلال اختيار هذا الفضاء أول مرة وإعداد تصميم للمشروع وعرضه على المجلس منذ سنة 2011، ولماذا تأخرت الجماعة في كشف عجزها عن تنفيذ المشروع رغم إعلانها إلى وقت قريب عن "مساهمته في تعزيز البنية التحتية المرفقية للمدينة، لما سيقدمه من خدمات إضافية، كتوفير فضاء تقديم العزاء، والدفن المنظم في إطار تجزئات وأحواش". وهكذا بعدما كان سكان المدينة يترقبون إنجاز مقبرة نموذجية على مساحة 15 هكتارا تستجيب لجميع الشروط الهندسية والبيئية والصحية والاجتماعية والدينية المعمول بها في المقابر الجماعية النموذجية، وفق ما ورد في تصميمها، الذي يضم مسجدا وورشة لصناعة اللحود وبناء المقابر، إلى جانب تواجدها بجوار مركز للطب الشرعي، يضم مختبرا وقاعات للتشريح وخزانات تبريد لحفظ الجثث وقاعات لغسل الأموات وفضاء لتلقي العزاء، عاد الحديث عن مقبرة "المجاهدين" وقدرتها على استيعاب المزيد من الموتى، حين صادق المجلس الجماعي في دورة شهر يوليوز الأخير على مقرر يقضي بنزع ملكية العقارات المحاذية لها لتوفير فضاء جديد للدفن. ورغم اعتماد الجماعة هذا الإجراء لضمان استمرار عملية الدفن بمحيط مقبرة المجاهدين، إلا أن عدم تهيئة الموقع الجديد وتخلي المجلس عن دوره في تنظيم عمليات الدفن، جعل الفضاء الجديد امتدادا للتدبير العشوائي لمجال المقابر بالمدينة، ووضع أهالي الموتى في مواجهة مختلف مظاهر الفوضى والابتزاز والاستغلال في غياب مخاطب مسؤول لحماية حرمة الموتى. وفي انتظار إخراج مشروع مقبرة جديدة تليق بحجم طنجة الكبرى، وفق تصميم التهيئة الجديد، تبقى وضعية مقابر المدينة وصمة عار على كل من تولوا تدبير الشأن المحلي، حين كان امتداد العشوائيات نصيب الأحياء والأموات.